الاستيطان ضربة لعملية السلام بقلم:سوسن البرغوتي
الاستيطان ضربة “لعملية السلام”!
قلم:سوسن البرغوتي
لا شك في أن الوضع في الضفة الغربية المحتلة مأساوي، يدعو للرثاء لا الهجاء، فبعد خمسة عشر
سنة من وجود سلطة محلية، وممارسة سلطتها لم تستطع تحقيق أدنى متطلبات أو حق من حقوق الشعب الفلسطيني، بما فيها تسيير الحياة اليومية للشعب في الأحياء والبؤر السكنية على الأرض الفلسطينية، اللهم وعود مؤجلة بازدهار اقتصادي، يرتبط كليّة بالعملة وبالقرار “الإسرائيلي”.
إن التهام أراضي الضفة، وتهويد القدس بالكامل، ناهيك عن الجدار والحواجز، حصار بكل ما تعنيه الكلمة على كامل ما اُتفق عليه أنه مناطق فلسطينية، بما في ذلك هدم بيوت في القدس ونواحيها، ولم ُتتخذ أي خطوات رسمية من قبل السلطة المحلية، تمنع ما يحدث. فهل هذا هو الجار الممكن التعايش معه، في أجواء المحبة والوئام، حسب زعمهم، وهو يمتصّ دماءنا ويلتهم أراضينا (المتبقية) لنا؟!.
إن الواقع يجعلنا نقف أمام مشهد يفرضه حال ما وصلت إليه الضفة، فلا الاستيطان مخطط جديد عرضي أو ظاهرة يمكن القضاء عليها، ولا تهويد القدس فكرة جديدة مبتدعة، إنما هو إصرار على إعلان (يهودية الدولة) منذ نشأة الكيان، والخطط المعدة تنفذ دون أي إعاقة فعلية.
لنفترض جدلاً أن الوهم الذي أوقع سلطة رام الله بحل الدولتين، مبني على برنامج سياسي محدد، وخطوات عملية من الجانبين على الأرض، فعلى أي أساس تقتحم القوات “الإسرائيلية” مدن وقرى الضفة متى تشاء وتعتقل من تشاء، ولماذا تهدم بيوتًا في سلوان وغيرها، أليست تلك النواحي – من
المفترض- أنها جزء من الدولة الفلسطينية المزعومة، وأنها جزء من الاتفاق النهائي؟!.
لا يوجد دولة في العالم، قامت على تصريحات وبيانات شجب وندب، ولا يوجد محتل ينصاع “للسلام”، والطرف الضعيف لا يملك أي سلاح أو ورقة قوية يفرضها على المفاوض الآخر، ليحد من مخططاته التوسعية، ولا يوجد أي برنامج ملموس لما يسمى بـ “التسوية”، إلا إذا كان المسؤولون في رام الله ما زالوا يعتقدون أن أي شيء يحصلون عليه، خير وبركة، والسياسة عندهم بيع كل شيء وشراء حياة وهم وسراب.
في حين لا نرى الشروط القاسية والإجرائية تُفرض إلا على من يتمسك فلسطينيًا بالمقاومة، وكأنهم عاجزون أمام العدو الحقيقي، وقدرتهم تقوى على شعبهم.
يقولون أنهم لا يفرضون على حماس الاعتراف بـ “إسرائيل”، لتشكيل حكومة تسيير أعمال لا أكثر ولا أقل، لكن ما الذي تعنيه اشتراطات عباس الذي ينتحل صفة الرئيس، وهذا بحد ذاته يعاقب عليه الدستور؟.
إن الرهان على دعم الرباعية والإدارة الأمريكية لدويلة كنتونات فلسطينية، أو للسلطة هو رهان غريق يتعلق بقشة، يستجدي الرغيف، واستمرار الوضع على ما هو عليه. أما المبادرة العربية، ليست أكثر من ورقة تستخدمها بعض الأنظمة العربية، كلما ضغطت أمريكا عليها في شؤون أخرى داخلية، لا علاقة لها بالتطبيع الحاصل دون الإعلان عنه في بلاد عربية بعينها، وأخرى علنًا.
في الانتفاضتين، توقف الاستيطان، وطالب الاحتلال حينذاك بالسلام مقابل الأرض، أما الآن وقد اعُتقل وقُتل الكثير من المقاومين من قبل حلفاء “السلام”، وزادت المعوقات والعراقيل، لإمداد المقاومين بالأسلحة، مع ملاحقة أجهزة برأسين أساسيين للسلطة، حيث أصبح لكل متنفذ في حكومة رام الله أزلام وأتباع، يمتثلون بأمره، تغيرت المطالبة وفقًا لهذا التردي، ليصبح الأمن لـ “إسرائيل” مقابل استمرار مفاوضات، ليس إلا…
صحيح أن غزة دُمرت ومحاصرة، إلا أن مقاومتها ما زالت متواجدة ومسلحة، والأنفاق تعوض عن الحصار، والحدود الواسعة مع مصر، لا يمكن التحكم فيها، خاصة أنهم ابتدعوا طرقًا ووسائل أخرى، مما يدل على أن إرادة الحياة ما زالت حاضرة بقوة.
للأسف واقع الحال في الضفة الغربية، منزوع الإرادة والقرار، وهنا لا بد من طرح سؤال جوهري، ماذا لو كان الوضع نفسه في القطاع؟.
لكن.. ورغم كل هذا فإن الشعب الفلسطيني في الضفة لن يصمت طويلاً، خاصة أنه يعلم من خلال إصرار الوفود على أمن “إسرائيل”، فإن حل الدولتين وأي حل بديل، إنما هو تخدير موضعي، لا بد أن تصحو خلاياه الحية على حقيقة إن الاختراق اليهودي للفكر الفلسطيني، تخريب ممنهج ومقصود على جميع الأصعدة، لإلغاء وجوده بالكامل، سواء بتذويب هوية وشخصية الفلسطيني، أو تدجينه على الاستسلام.
لعل أبسط وسائل إحياء الروح الفلسطينية، رفض كل من يتعاون مع “إسرائيل” أمنيًا، والامتناع عن التعامل الاجتماعي معه، وتجارياً، بإيجاد بضائع محلية بسيطة الصنع تحل مكان البضائع “الإسرائيلية”، واستفزاز المحتل بالإضرابات والعصيان المدني ومماحكته، كتلك التي تحدث يوميًا حتى تستعيد المقاومة قوتها وقدرتها على النهوض من جديد للمواجهة، وبأسرع وقت ممكن. لا بد أن يأتي يوم قريب يجد الفلسطيني في الضفة والقدس، أنه لا يملك بيته أو أبناءه، خاصة أن البرامج الانفتاحية الثقافية تدرس بعناية، ليخرج الأبناء عن التقاليد المحافظة والمعروفة بتمسك مجمل الشعب بها، مما سيؤدي بالضرورة إلى انهيار اجتماعي.
فما الذي بقي من الأرض أو أي أوراق تفاوضية، وما المحفزات الاجتماعية، التي تبعث على الاطمئنان لعدو إحلالي وإلغائي؟.
وفق تلك المعطيات، الأمر الذي يجب أن يرعى اهتمام التنظيمات الفلسطينية والقوى المخلصة، إصلاح منظمة التحرير على أساس الميثاق الوطني الأساسي، حيث أن القيادات في الخارج قادرة على اتخاذ خطوة إجرائية، تفتح الطريق أمام خطوات تقوي الجبهة الداخلية، فلا أوسلو ولا سلطتها حققت ما اتفق عليه، رغم الاعتراف بـ”اسرائيل”، ثم الدولة ليست الغاية قبل التحرير، وما زال الشعب الفلسطيني رغم تلك العقود الطويلة من المعاناة والتضحيات في بداية الدرب، فلماذا المماطلة بتقديم خطوة واحدة كإنجاز سياسي، يضاف إلى ما أحرزته المقاومة في القطاع، يُحسب لصالح القضية الفلسطينية؟!.
Best Development Company in Lebanon
iPublish Development offers top-notch web development, social media marketing, and Instagram management services to grow your brand.
Explore iPublish Development