المقالات

فتاوى للبيع من يملك حق التكفير بقلم الكاتب/ عماد العيسى.

سؤال يطرح بقوة هذه الايام مع تزايد التكفير وفتاوى التكفير  من هنا ومن هناك, ولكن هناك مشكلة كبيرة تتمثل في أن رجال الدين الكبار وخاصة على مستوى العلماء, أو حتى على مستوى المشايخ العاديين, يصدرون الفتاوى التكفيرية وبشكل كبير , وكأن هناك سوبر ماركت للفتاوى هذه الايام,  وهنا مشكلة كبيرة على المستوى الإسلامي تسجل كسابقة خطيرة تدخل  في صلب الدين الإسلامي، والأرضية التي تبنى عليها الفتاوى وهي سياسية بامتياز, فمن كان معي سياسيآ فهو في الصفوف الأمامية للإسلام ومن كان يعارضني بالشأن السياسي فهو كافر كافر كافر ويجب أن يقتل ( فأقتلوه ) ,  والخطورة كما هو معلوم إن دم الإنسان الذي كفر يدخل ضمن إطار إهدار الدم, وهنا اللغط بين الكافر وغير الكافر،  بمعنى آخر تعريض ذلك الإنسان بشحمه ولحمه وروحه للقتل وهو ليس بكافر. بنص الدين أن الكفر بالإسلام هو  :  بأنه إنكار شخص ما للدين الإسلامي جحوداً وعناداً رغم ظهور الحق له بكل السبل المقنعة، بمعنى أنه لابد أن تصله صورة نقية صحيحة مشوِّقة عن الإسلام فإذا رفضها حينها تعمداً واستكباراً فهو كافر  ولذلك يربط القرآن الكريم في آيات كثيرة بين الحكم بالكفر وبلوغ الدعوة ومعرفة الحق والهدى فيقول تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ” (محمد 47: 32)  ( 1 ) .
والعقيد القذافي ليس ببعيد, في تكفيره بعد 40 سنة من حكمه وماعرف عن أوهامه وزيغه عن الحق، مثله مثل كل الأنظمة العربية والغربية، التي تُكفر ليس حسب الإسلام ولكن حسب مواثيق ومصالح خاصة تقرها إداراات إسرائيلية وأمريكية.
مع العلم أن الإسلام لا ينص على هذا, بعد إذن العلماء…. فالنبي محمد عليه الصلاة والسلام أمرنا حتى في الحروب بعدم التعرض للشجر أو الحجر وجاء في أحد الأحاديث : وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما ، قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة من جهينة ، فصبحنا القوم على مياههم ، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم ، فلما غشيناه قال : لا إله إلا الله ، فكف عنه الأنصاري ، وطعنته برمحي حتى قتلته ، فلما قدمنا المدينة ، بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي : (( يا أسامة ، أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله ؟ فما زال يكررها على حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم) متفق عليه(237)  .
وفي رواية : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أقال : لا إله إلا الله وقتلته ؟! )) قلت : يا رسول الله ، إنما قالها خوفا من السلاح ، قال : (( أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا ؟! )) فما زال يكررها حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ . ( 2 )
اليكم هذا الحديث   المسند وأرجو منكم التمعن فيه لتعرفوا إننا  وصلنا إلى الزمان الذي حدثنا عنه النبي محمد عليه الصلاة والسلام : عن حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ قال قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ فَجَاءَ اللَّهُ بِخَيْرٍ فَنَحْنُ فِيهِ فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ قَالَ نَعَمْ. قُلْتُ هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ قَالَ « نَعَمْ ». قُلْتُ فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ قَالَ « نَعَمْ ». قُلْتُ كَيْفَ قَالَ « يَكُونُ بَعْدِى أَئِمَّةٌ لاَ يَهْتَدُونَ بِهُدَاىَ وَلاَ يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِى وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِى جُثْمَانِ إِنْسٍ ». قَالَ قُلْتُ كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ قَالَ « تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ ». رواه مسلم
( 3 )

وقبل هذا امرنا الله عز وجل بالبحث والتمحيص عن الأسباب فقال :
الله تعالى: ((ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الكافرون)). [المائدة (44)]
وقوله تعالى: ((وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً)) [النساء (93)]
ومن السنة حديث ابن مسعود رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) [البخاري، برقم (48) ومسلم، برقم (64)]
ومنها حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض) [البخاري، برقم (4141) ومسلم، برقم (66)]
إذا هناك قوانين إسلامية واضحة ولا يوجد فيها لغط  أو خلاف وهي مستمدة من كتاب الله ومن سنة رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام، يجب  هنا التذكير بما جرى مع سيدنا خالد  إبن الوليد عندما قتل بعض الأسرى وفيهم أسير قال لخالد  أشهد أن لا اله إلا الله وأن محمد رسول الله فأكمل خالد ضرب رقبة ذلك الرجل.  
اذآ يجب التوقف  عند تلك الفتاوى ونسأل أنفسنا لماذا كثرت  هذه الفتاوى هذه الأيام, أيام الهرج والمرج . هل لأن هؤلاء المفتين يتلقون المساعدات المالية مقابل فتوى على قياس الحاكم الفلاني او الفلاني, والمصيبة الكبرى أن الفتاوى تصدر حسب مقاييس أعداء  الإسلام ولا يمتون بصلة إلى الإسلام من الأمريكان أ, حتى العدو الأسرائيلي بشكل مباشر أو غير مباشر .
أن تكفير المسلمين يثير الفوضى في المجتمع ويفتح الباب أمام الجهال ليعيثوا فساداً بين الناس.
إذن هي مشكلة يجب أن تحل من خلال الإسلام وهي ليست بحاجة إلا إلى وقفة مع الله ومع رسوله ناهيك عن الضمير الإنساني للمفتي أ, الشيخ, ويجب أن يحدد من قبل المجمع العلمي الاسلامي للفتاوى, بمعنى أنه لا يحق لأي كان من إصدار فتوى إلا بعد حصولها على موافقة المجمع العلمي الإسلامي للفتاوى,
وهنا يجب  أن نعود قليلا إلى الذاكرة القريبة جدا ونسأل بعض الاسئلة .
لماذا تصدر فتوى بتحريم التظاهر في بلد ما, بينما نفس الفتوى تجيزالتظاهر في بلد آخر ؟
لماذا تصدر فتوى بقتل فلان من القادة العرب ( حتى لو كان مدان ) وفي الشوارع وبأيدي  أناس ليسوا  قضاة أو لهم علاقة بالعدل مع العلم أن الإسلام ينص على العدل ولا يجيز القتل الفوري  دون أن يدافع عن نفسه كائنأ من كان ؟ .
لماذا لا تصدر فتوى تهدر دم من قتل مليون ونصف المليون مسلم وغير مسلم في العراق, مع العلم أن من أصدر الأوامر يقول ويعترف وبالفم الملآن أنه هو القاتل وتحديدآ   الولايات المتحدة الامريكية وعلى رأسها بوش واوباما وهيلاري كلنتون وكونداليزا رايس ورامسفيلد وساترفيلد وكل القادة الغربيين من قادة فرنسا الى انكلترا  ومن معهم مع العرب المعربين ؟.
ولا ننسى ليبيا الجريحة هذه الأيام مع العلم أن الدماء ما زالت لم تجف وتسيل حتى اليوم والله أعلم بما  سيجري  في المستقبل, والديمقراطية الامريكية والشورى عند  بعض المفتين أو المستسلمين من المسلمين كانت قد ادت إلى يومنا هذا إلى أكثر من  150 الف قتيل ليبي حتى الأن ولا يوجد في  ذلك أيضا فتوى بهدر دم القاتل وهو الأمريكي والأوروبي  ومن معهم وهذا ليس بحاجة لأثبات, ولكن تصدر فتوى لقتل الاسير والإسلام براء من هذا.
أما اليمن فحدث ولا حرج ففتاوى تجيز عدم التعامل مع  الرئيس ومن ثم نفس الشيخ أو المفتي يصدر فتوى تجيز التعامل مع نفس الرئيس لسبب بسيط  أن ذلك الرئيس سار في نفس المسار السياسي  لأولياء امر ذلك المفتي.
في تونس لا يهمك فهناك فتوى والحمد لله  تجيز لبس  المايوه وشرب الخمر للمسلمين لغير المسلمين, ولكن تحت إشراف الحكم الإسلامي  الجديد، بعد أن تقدم بفروض الطاعة لاله في الإدارة الأمريكية والإسرائيلية.
في مصر الإسلام  نشكر الله ونحمده أنه  لم تصدر حتى الأن فتوى تحرم كامب ديفيد  أو تحرم إغلاق معبر رفح في وجه أخوانهم المسلمين, مع الإشارة إلى أنه  صدرت فتوى تحرم التظاهر أمام سفارة العدو يهودي لسبب بسيط , أنه في الإسلام  لا يجوز قطع الطريق على العامة لأنه يدخل ضمن إطار أذية  للآخرين .
في النهاية من يريد  أن يكون له كتاب غينيس جديد خاص  بالفتاوى الإسلامية، فليتابع ما يجري  هذه الأيام في سوريا, فيكفي أن تكون تابع للسفارة الفلانية أو السفارة الفلانية لتصدر الفتوى الشرعية على قياس حاكم تلك الدولة التي تتبع لها تلك السفارة وطبعآ فتاوى المال السياسي كثيرة هذه الأيام ولكن أيضا تخضع لمعيار واحد ( من يدفع اكثر يكون المستفيد من تلك الفتوى وتفصل على قياسه ).
في النهاية سؤال بسيط كيف يمكن لأي شخص أن يكفر  شخص  آخر مع العلم أنهم يصلون في نفس المسجد وفي نفس الصف ولرب واحد ونبي واحد, ولكن الفتوى السياسية داخل المسجد وخارجه هي التي تحكم تلك القضية .
أمنية اخيرة،  أتمنى أن يصدر علماء هذه الأمة فتوى واحدة موحدة لكل المسلمين عبر الكرة الأرضية تجيز التحرك كل من بلده بإتجاه فلسطين المحتلة كل فلسطين من البحر الى النهر, وعندها فقط سأكون مع هؤلاء العلماء بكل ما يفتون ولكنني لست مع المفتنين.
المصادر
1 : موقع القرآن الكريم.
2 : موقع  الموسوعة الاسلامية للدكتور راتب النابلسي.
3 : موسوعة الحديث النبوي البخاري ومسلم.
4 : موقع الوحدة الإسلامية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى