فلسطين

العدوان على جنين و12 ملاحظة لافتة \ بكر أبوبكر

في العدوانات المتكررة على أرض فلسطين وشعبها سواء على قطاع غزة البطل، أو على أي جزء من فلسطين دروس وملاحظات وعبر من المهم أن نعيها ونتعلمها، ومن ملاحظاتنا على العدوان الاخير على جنين القسام وجنين الصمود والإباء، ما ندونه بال12 ملاحظة المكثفة التالية:

الملاحظة الأولى: ذابت جميع الفصائل والتشكيلات الفدائية والجماهيرالفلسطينية في نسيج واحد في تصديها للإرهاب الصهيوني الذي تجلى بعدوان القوة الصهيونية المفرطة على شعبنا في جنين، فأثبتت القيادة الميدانية والجماهير أن الوحدة على الأرض تشكل وعاء، وتشكل نموذجًا يقتدى به للوحدة السياسية المفقودة لكن المطلوبة. وهو ما أكدته جميع القوى السياسية بلسان العالول وهنية والنخالة.

الملاحظة الثانية: نفخ المعتدي الصهيوني أوداجه، وصرّح أنه حقق “كل أهدافه بالكامل”! وهو بكل الوقت يقول أنه سيعود ثانية للعدوان على جنين! وغيرها، في تناقض فاضح من جهة، وإصرار على تكرار العدوان من جهة أخرى.

وعلى النقيض من تصريحات “نتنياهو” و”غالانت” المكابرة بالنجاح لعدوانهما “بالكامل”، صرحت “يديعون أحرونوت” أن العملية لم تقضِ على المقاومة، ويجب “تقليل التوقعات” مشيرة أن النجاح الوحيد هو “حرية العمل”. (هاجاري الناطق باسم الجيش الصهيوني: صرح أن لا حل سحري للعنف! ولذلك ستستمر العمليات في جنين…) أو كما قال أفي يسسخروف في “يديعوت” أن ما حصل هو مجرد حبة مسكن لمرض عضال.

الملاحظة الثالثة: افترض المعتدي أن عدوانه يهدف الى: العثور على “المطلوبين” وتصفيتهم، وباستعراض للعضلات أمام الجمهورالإسرائيلي المتعطش للدماء، وعبر القوة الضخمة كالعاصفة الداهمة، وتدميرقدرات المسلحين، وإبادة “بؤر الإرهاب-كما يسميها”، والأثر الثلاثي المطلوب إحداثه حسب يوآف ليمور في “اسرائيل اليوم”-المقربة من “نتنياهو” نصًا هو: “اجتتاث فكرة المخربين أن المخيم هو حصنهم الآمن، وثانيًا: إحباط محاولات جعل جنين مثل غزة في مجال العبوات وإطلاق الصواريخ، وثالثًا خلق ردع خارج جنين مثل المناطق التي رفعت رأسها مؤخرا كمخيم نور شمس في طولكرم”.

ونحن نقول أن الحقيقة الى ذلك هو رسالة محبة من العدوان الى عصابات المستعمرين /المستوطنين الفاشيين وممثليهم بالحكومة بأن يكملوا نهب الأرض الفلسطينية بالضفة الفلسطينية ورسالة اطمئنان لهم ألا يخافوا وبأن يواصلوا مسيرة تهويد القدس والضفة بالكامل واسقاط فكرة استقلال دولة فلسطين، ومن طرف “نتنياهو” فهو يغطي على عجزه الداخلي بالخروج من الشرنقة، خاصة امام شركائه المتدينين اليمينيين الشرسين بمهاجمة “القلعة” أي جنين ومخيمها كما أسماها بعض الإسرائيليين.

الملاحظة الرابعة: العدوان على قطاع غزة، ثم نابلس وطولكرم وجنين… وبتكراره في أماكن أخرى، يشكل حقيقة الأرضية المحفّزة للتعبئة والتحريض المطلوبة للفدائي الفلسطيني المؤمن الذي يضع روحه على كفه، وينخرط دفاعًا عن أرضه المسلوبة وشعبه وكرامته.

وفي ذلك قالت صحيفة هآرتس 4/7/2023 “إن “العملية” الحالية في جنين والصوَر الواردة من هناك تشكل أرضية خصبة لنمو جيل لا يرى أفقًا آخر”، ومضيفة أن كل عمل (إسرائيلي) من هذا القبيل “يهيىء لمزيد من جولات القتال وسفك الدماء”. (أنظر مقال جاكي خوري)، وأنظرالواشنطن بوست حين قالت أن ” العنف في جنين ينذر بالمرحلة التالية في صراع لا نهاية له”.

الملاحظة الخامسة: حسب المصادر العبرية أشار المحللون ان فضائية CNN الأمريكية الصهيونية نبهت على مذيعيها تعريف العدوان أو الاجتياح الصهيوني لجنين بأنه “نشاط عسكري”! ما يدلل على الغطاء العسكري المتكرر للأمريكي لكل الاعتداءات الصهيونية على فلسطين (صرفت أمريكا على “إسرائيل” منذ العام 1948 حتى اليوم أكثر من 130 مليار، و83 فيتو/حق النقض في مجلس الامن معظمها ضد فلسطين).

الملاحظة السادسة: تساوق الاعلام العربي مع الاعلام الغربي في تعريف العدوان والاجتياح بأنه “عملية” عسكرية! ومارس عمليات التضليل بحجوم الأدوار في مخيم جنين بنسبتها لفصيل محدد دون غيره، وخاصة الفضائية التي تعرفونها، بينما هو بالحقيقة مَن تخلى عن المشاركة في أكثر من ثلاث مرات كان فيها “الجها.د الاسلا.مي” يخوض معركته، ما يدلل على حجم التضليل والكذب لأبواق الاعلام الفضائي، والمواقع الأخرى الفتنوية كما في كل عدوان.

الملاحظة السابعة: ظهر الموقف القيادي السياسي الملتحم مع الجماهير من كل الأطراف، منسجمًا بشكل عام (باستثناء أصوات شاذة قليلة)، ومنسجمًا مع الحراكات الوطنية والشعبية.

كما ظهر بعد انتهاء العدوان عبر مشاركة قيادة حركة “فتح.” ومنظمة التحرير الفلسطينية ممثلة بنائب رئيس حركة “فتح.” محمود العالول، و عزام الاحمد، وواصل أبو يوسف، وعباس زكي، وتوفيق الطيراوي، وغيرهم بمراسم تشييع جماهيرأبناء شعبنا الفلسطيني البطل، الأربعاء 5/7/2023م، لجثامين الشهداء الذين سقطوا برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي بعدوانه على المخيم “القلعة”.

الملاحظة الثامنة: الفدائيون وأبطال فلسطين لا يفرقون بين أبناء الشعب الفلسطيني كلّه من رفح الى بئر السبع الى صفد الى الخليل الى غزة الى جنين…، لماذا؟ لأن مركب الصمود في هذا الشعب واحد. أما أن يأتي د.محمود الزهار فيشذ عن “الانسجام العام” ووحدة الشعب ليقول بصلف: أن المقاومة في جنين “استنساخ” لمقاومته هو في غزة!؟ فهذا لايحتمل ومعيب، وغير صحيح. وهل يظن بنفسه وفصيله الأصل وكل الشعب نسخ كربونية منه؟! ما هكذا يكون الموقف القيادي وإنما هي العصبوية العمياء والظنون بالعصمة والعليائية والكِبر ناهيك عن النفخ في أبواق الفتنة. كما هو شأن المواقع التابعة للفصيل لا تكف النفخ في الكير دون اعتبار لضرورة وحدة الموقف وبالأخص حين المواجهة.

الملاحظة التاسعة: لا أحد ينكر حجم الألم الذي خلفه العدوان على شعبنا في مخيم الأبطال (يعيش بالمخيم 14000 فلسطيني، وأثناء العدوان هجّر 3000 على الأقل) وهو ما يشبه الألم الذي صاحب الاعتداءات المتكررة على غزة البطلة لأكثر من مرة، لكن أن يرتد مركّب الالم الى نحر الوطن، فهو بالضبط ما تريده أبواق الفتنة، والاحتلال الصهيوني، وما تساوق معه بعض الأشخاص من خارج النسيج الوطني والانسجام العام.

الملاحظة العاشرة: واصل الاحتلال دق الأسافين بين الشعب والسلطة، وبينه وبين سلطة “حما.س” في القطاع المدار من قبلها. فلقد صرح فوكس، قائد القيادة الصهيونية المركزية (أنظر صحيفة القدس يوم الأربعاء) “أننا لا نعمل ضد السلطة، بل ضد الجها.د وحما.س”! مضيفًا عن السلطة الوطنية “انهم ليسوا أعداءنا”. كما أوردت الصحف العبرية عن التوافق الذي حصل مع سلطة حما.س في غزة بتحييد ردود فعلها كي لا يدمر القطاع مع استجابة سلطة حما.س لذلك. (أنظر أيضًا مقال غيورا آيلند في يديعوت: “أن المردودات الاقتصادية التي تتلقاها غزة من إسرائيل هي خطوة ناجعة لا تقل عن استخدام القوة!)

الملاحظة11: بعض الفلسطينيين لايميزون بين أخلاق الأزمة وقيمها وسلوكياتها، وأخلاق فترات الهدوء، فحين الازمة أو المواجهة والمعركة ضد المعتدي الغاصب يجب أن تخرس جميع الأصوات المشتتة أو الناعقة أوالفتنوية أو المفتتة للجهود إضافة الى العمل الفردي والجماعي على إسكاتها لمصلحة وحدة الهدف والأداة والقيادة على الأرض، وهو الامر الذي مازلنا نفتقده كثيرًا حتى الآن، فلا قيمة ولا ضرورة للنقد السلبي مطلقًا (ويصل لحد التشاتم وتحميل المسؤوليات والتقبيح والاتهام…) أثناء المواجهة، بل إن النقد والحوار ضرورة ديمقراطية مؤجلة دومًا لما بعد انتهاء المواجهة التي في أتونها يجب توحيد المتخاصمين ضد التناقض الرئيس أي الاحتلال الصهيوني ما يجب أن نفهمه ونتعلمه ونعيه جيدًا.

الملاحظة الأخيرة: كان من المهم أن تتم الدعوة لاجتماع الأمناء العامين للفصائل (ضمن بيان النقاط ال18 الهام للقيادة الفلسطينية) ليس بصفته اجتماع طاريء أو عاجل، وإنما بصفته المدخل الأول والضروري نحو الخروج من الأزمة الداخلية المتفاقمة للوضع الفلسطيني عامة، وما كان من الترحيب من “الجبهة. الشعبية” وغيرها بالبيان القيادي الا مظهر حرص كبير من الجميع على الوصول لحل يتجاوز عقبة التشرذم الذي بدا وكأن لا حل له حتى الآن، لنعمل معًا على إلزام القيادات بقراراتها من اليوم نحو البرنامج الوطني الشامل ودفن التشرذم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى