المقالات

موّال البحرين والأطماع الشاهانية – بقلم: عبدالله خليل شبيب

منذ أن بدأت بوادر استقلال البحرين في أواخر الستينيات من القرن الماضي اشرأب عنق الشاه محمد رضا بهلوي – وبالمصادفة كان طويل العنق !- .. [وسال لعابه] ليحاول أن يرث تلك الجزر العربية من بريطانيا ويضمها إلى إمبراطوريته- كما كان يسميها – !..وثارت في        [ فارس ] مطالبات بضم البحرين إلى إيران – مع أنها – كجزر أبو موسى وطنب الكبرى والصغرى ..أقرب – بل أشد قربا – إلى جزيرة العرب والبر العربي ..- وبالمناسبة فتلك الجزر – كالبحرين – جل أهلها عرب ..وفيها مدارس ومصالح تابعة للإمارات التي تنفق عليها !
لقد كان الفكر القومي آنذاك – في أواخر الستينيات – رائجا ونشطا فقامت أصوات وكتابات تندد بموقف إيران ..وثارت سجالات سياسية على المستويات الإقليمية والدولية .. انتهت بكف الشاه عن المطالبة بالبحرين ..
.. وقيل آنذاك لبعض المعترضين والمشاغبين على الشاه وأطماعه – وخصوصا في عالم الصحافة ودول الخليج  – على لسان أعلى المستويات : أن قولوا ما شئتم عن عروبة البحرين – مما كان يغضب النظام الإيراني حينها – ..ولكن لا تتعرضوا لإيران ولا للشاه ونظامه !
وكان كثيرمن الوطنيين والإسلاميين ينتقدون – بشدة – شاه إيران وتعامله – الوقح – مع الدولة اليهودية –
ولكن جاءنا– تهديد مبطن بإغلاق المجلة- حيث أن الموضوع يبدو أنه أغضب وأقلق الأوساط الشاهانية وحكومتها ..كثيرا واحتجت احتجاجا شديدا ! وقيل : أغلقوا أي مطبوعة تتعرض لإيران لتكون عبرة لغيرها !.. فلم ير ذلك الموضوع النور ..

.. وهكذا فبعض الأصوات الإيرانية النشاز التي صدرت – مؤخرا – في إيران[ التي يسمونها جمهوريىة إسلامية !] وغيرها والبحرين بضمها إلى إيران ..ومعارضة اتحادها مع أشقائها العرب – كما هو طبيعي ومطلوب – ..أصوات لها سوابق شاهانية بهلوية وفارسية ..وليست بدعا !
ومعلوم أن المستعمرين الخبثاء- وأخبثهم الإنجليز مهندسو الفتن المستقبلية  وإثارة النعرات المختلفة –  قد حاولوا خلال سيطرتهم على البحرين والخليج [ العبث بالتركيبة السكانية ] وتكثير وتركيز العنصر الفارسي والرافضي – وإيجاد ثقل له عن عمد – ليكون شوكة وغصة في حلق أي توجه وحدوي عربي أو إسلامي ..!  
.. وقد قامت في البحرين –مؤخراً – حركات واحتجاجات – تلبست بالربيع العربي ..وبدأت – كالعادة بمطالب بعضها معقول مقبول – فليس هنالك نظام منزه أو معصوم أو خال من الأخطاء والنقائص والثغرات والمظالم – بما في ذلك نظام ملالي طهران -.. ولكن المطالبات علت وتطاولت ..وانحرفت .. حتى وضح أنها في جانب كبير منها ..صدى للأصوات والمطالب والاشتراطات الإيرانية الرسمية – !
وحتى إن تلك الاحتجاجات والمطالب البحرينية في أصلها كانت نوعا من الاعتراض على سياسة الدولة العليا – وخصوصا في موضوع [التجنيس ] الذي يبدو أن القوم استيقظوا له مؤخرا .. بعد أن كانت عهود الاستعمار – والتسلل – أربكت التركيبة السكانية وشوهتها إلى حد كبير !.. فرأى هؤلاء كأنما سيفقدون مكاسب خاصة .. فرفضوا أن يشاركهم أحد فيما تمتعوا به من جنسية وامتيازات ..إلخ !.. ولربما كانوا يخططون ليحاولوا أن يكونوا الأكثرية – أو يروجوا ذلك [المظهر ] لتكون الخطوات القادمة ..إلغاء الدولة والنظام ..وإلحاق البحرين بإيران كولاية تابعة ..تشكل شوكة في خاصرة الجزيرة العربية!!
.. وقد كان واضحا جدا – ذلك التناغم والتوافق بين [الحراك البحريني المزعوم] وبين الأجهزة الإيرانية والرافضية في المنطقة ..مما يشي بأن هنالك من
يحرك ذلك [الحراك] – وأمثاله – من وراء ستار !!..وإلا فلو كان حراكا وطنيا عاما كغيره من ثورات الربيع العربي — فلماذا يكون من لون واحد – واتجاه واحد متجاوبا مع تيار معروف .. مصادما لمواطنين الآخرين ؟! ..فكأنما هو ضدهم مباشرة ..مما يعمق الشروخ الطائفية !.. ويهدد الوحدة الوطنية ..ويخرب أكثر مما يعمر !!
.. وهذا هو الوجه الذي جعل الكثيرين ينظرون إلى [ الحراك البحريني ] نظرة مختلفة ..بالرغم من وجاهة بعض مطالبه ..ومن بعض أخطاء النظام في مواجهته فهو[حراك طائفي] في أصله ومجمل غاياته..قد أكد ذلك [ أو فضحه ] اختلاف مواقف إيران وشيعة لبنان وغيرهم من الموضوع ..كما افتضحوا وتعروا في الموضوع السوري .. فقد كانوا يدّعون أنهم مع حريات الشعوب ومطالبتها بالعدالة والحقوق ومقاومة الفساد والظلم [ والمظلومية التي تنبني عليها البكائيات واللطميات الرافضية ].. وكان موقفهم من ثورات الربيع العربي في مصر وليبيا وتونس ..إيجابيا . بينما اختلف الوضع في سوريا .. وشيئا ما في البحرين !
ومع ذلك تبقى دولة الاحتلال اليهودي هي العدو الأول ..إلى أن تزول ! :
لا يمكن مطلقا – لأي عاقل – أن ينسى العدوان اليهودي على فلسطين والعالم العربي والإسلامي .. وينشغل عنه بالموضوع        [ الفارسي أوالشيعي ]! فمهما كان لإيران من أطماع أو أخطاء أو سياسات وممارسات مرفوضة أو مقبولة– تبقى ( شقيقا إسلاميا)  وجارا من المفترض أن تكون العلاقة معه مبنيةعلى الأخوة وحسن الجوار ..!
..ومهما تصاعدت الخلافات مع إيران ..وغيرها من المسلمين .. فلا يجوز مطلقا أن تتحول عدوا.. فضلا عن أن تكون العدو الأول قبل – أو بدل اليهود – ودولتهم المعتدية المغتصبة !
.. إن على جميع اللاعبين – بقصد سيء أو بلا حساب – على أوتار العنصرية والطائفية ..أن يتقوا الله ..وأن يسهموا في إخماد نيران الخلافات والتناقضات .. بدلا من أن يصبوا على نارها وقودا وزيتا.. فهي – إن اشتعلت – لا سمح الله ..- فقد لا تقف عند حد ..حتى تأكل الأخضر واليابس – ومن ضمن ذلك – المحرضون – من الطرفين !!
..ويبقى أعداء الأمة من الكفرة والمستعمرين يفركون أيديهم فرحا لنجاح مخططاتهم ورغباتهم في ضرب المسلمين ببعض ..وتدمير حرثهم ونسلهم- والمستعمرون وافرون سالمون ..لن يخسروا شيئا يذكر .. بل يكسبون ببيع أطنان الأسلحة لطرفي الصراع ..وإزاحة الآلاف أوالملايين من طريقهم للسيطرة التامة على االعالم الإسلامي ..ومنع نهوضه وتعافيه وقيامه ماردا جبارا ..يصد ظلمهم وظلماتهم ..ويقلم أظفار عدوانهم ومطامعهم ..
..وللمجرمين الطامعين سوابق ناجحة في ذلك ..منها ما سمي بالحرب العراقية الإيرانية ..فقد كانت أنموذجا ناجحا لمؤامرات الفتن التي يجيدونها ..ويصنعونها ويحرضون عليها ..فتأكل الأخضر واليابس ..ويصطلي بها الجميع حتى من يعارضها ويعي خطط مشعليها ..
لم أكن من جناتها علم اللــــ       ــه وإني بحرها اليوم صالِ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى