المقالات

“هنيئا لمن له مرقد عنزة في لبنان” – كتبت: ناريمان الجمل

عبارة ترددت كثيرة على مسامعنا ولم تقنعنا على مدى السنين التي عشناها بين حرب وأخرى، بين جولات وصولات من الضربات والويلات التي عاشها لبنان منذ قيامة دولة لبنان الكبير..
وعن الفساد المستشري حتى النخاع الشوكي في تركيبة اللبناني وحتى في التُربة التي أخذت كل خواص الأرض.. الأرض التي لم نصنُها ولكن ظلّت تحضننا وتنتظر أن نعود إليها عودًا جميلًا..
وها نحن اليوم، بعد صفعةٍ عالمية أحدثتها جانحة الوباء، عُدنا لنعرف بأنّ المرقد، مرقد العنزة.. ليس بعقارٍ تجاري، أو حسابٍ مصرفي، أو شقةٍ صغيرة ولن اقول فارهة!
اتضح الآن بأنّ هذا المرقد لم يكن يومًا أية ملكية خاصة تصلح لنا مرقد!!
الآن فقط الآن، أدركتُ أنَّ (مرقد العنزة) هو قطعة الارض التي تستثمرها فتطعمك وتُعيل عائلتك وتُعلّم أبناءك وتحميك من غدرات الزمان.. من التدخل والعوز الخارجي وتبني وطنك.. الآن بعد النداءات والبيانات والهتافات والاعلانات بالعودة إلى الزراعة، إلى حبّ الارض، إلى احتكاك المرء بتربة وطنه لِيُحبّ كلّ ذرة تراب فيه.. لُيعطيه من وقته وجهده وصحته وخبرته فتردّ الارض له السُترة والكرامة والعنفوان والنخوة والشهامة التي فقدناها عندما فقدنا علاقتنا بالأرض والتراب والتربة..
هنيئًا لمن له مرقد عنزة في لبنان.. نعم!
لأنَّ من منّا الان يملكها..؟!
القلّة القليلة التي تحرثها وتزرعها والكثير من يبني عليها ويستثمرها.. فالباطون والحيطان والعقارات والسندات والاسهم والاستثمارات التي ظننا أنّها ملأت الجيوب لتستر الآخرة قد أصبحت الآن أوراق بالية في خزائن المصارف.. ولم تحمينا في زمن العوز والديون والاستحقاقات..!
وحدها التُربة التي ترقد بها الماشية من عنزاتٍ وغيرها.. هي الصالحة للعيش الكريم.. تصوروا!!
من كان يتخيّل!!
فهنيئًا.. وصدق من قال:
“هنيئًا لمن له مرقد عنزة في لبنان”!

ناريمان الجمل
طرابلس ٢٢/٥/٢٠٢٠

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى