المقالات

أين لبنان من سياسة النأي بالنفس وهل انخرط تدريجياً في الحرب على سورية؟ (حسان الحسن)

هل لا يزال لبنان الرسمي ملتزماً سياسية “النأي بالنفس” حيال ما يحدث في سورية،

أم أنه قرر الانخراط في الحرب عليها تدريجياً؟. يبدو أن الفرضية الثانية تتقدّم على الأولى، وبدأ يتضح ذلك من خلال تعاطي السلطات اللبنانية مع الأزمة الراهنة في الجارة الأقرب، عبر المحطات والمواقف التالية:

أولاً- مشاركة لبنان في القمة العربية الأخيرة في الدوحة، على رغم جلوس رئيس ما يسمى “بالائتلاف السوري المعارض” أحمد معاذ الخطيب على مقعد سورية، خلافاً لميثاق جامعة الدول العربية، وفي خرقٍ فاضحٍ لمعاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق الموقعة بين لبنان وسورية التي لا تزال سارية المفعول.

ثانياً- عدم اتخاذ السلطة السياسية الإجراءات الأمنية اللازمة لضبط الوضع الأمني على الحدود اللبنانية- السورية، ما أتاح للمجموعات المسلحة التنقل بحرّية في المناطق المذكورة، وبالتالي استخدام لبنان كمنصة لاستهداف الاستقرار السوري، وممراً لتصدير الإرهاب وعدته إلى الجارة الأقرب.
هذا التراخي الأمني في المناطق الحدودية أدى إلى استباحة المسلحين السوريين بعض القرى اللبنانية في الهرمل، واستهدافها بالصواريخ، علّ ذلك وفقاً لحسابات المجموعات الإرهابية، يدفع حزب الله إلى دك أوكار المسلحين في منطقة ريف القصير السورية، في محاولة ٍ لإقحام المقاومة في أتون الأزمة،  لتحقيق هدفين هما:

1- تخفيف الضغط عن المسلحين في الداخل السوري، خصوصاً بعد الإنجازات الميدانية المهمة التي حققها الجيش السوري في الأيام القليلة الفائتة، وتحويل الأنظار الى الحوادث الامنية على الحدود.
2- محاولة استجداء تدخل عسكري خارجي في سورية، تحت ذريعة “مشاركة حزب الله ومن خلفه إيران في القتال الى جانب الجيش السوري”، غير أن هذه المحاولة باءت بالفشل.

وجاء الرد الرسمي اللبناني على هذه الاستباحة مؤسفاً للغاية، فبدلاً من توجيه إدانة واضحة للمسلحين السورية، قرر لبنان عقب اجتماع وزاري- أمني برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، إدانة استهداف الأراضي اللبنانية من أي جهة أتت، والتقدم بشكوىٍ الى الجامعة العربية بشأن هذا الاستهداف، في محاولةٍ مبطنةٍ للخلط بين الجيش السوري والمجموعات الإرهابية المسلحة، على رغم تأكيد مصادر عسكرية لبنانية عدة أن القوات النظامية السوري لم تقصف أهدافاً داخل لبنان.

وفي سياق الحرب على سورية أيضاً، تأتي محاولة التشويش على التقدم الاستراتيجي الذي أنجزه جيشها، عبر إثارة قضية النازحين السوريين الى لبنان والأردن في الأمم المتحدة، واللذين لم يعد باستطاعتهما استيعاب أعداد جديدة من النازحين. فبدلاً من أن يتخذا موقفاً موحداً يدعو الى وقف تصدير الإرهاب بكل أشكاله الى بلدٍ شقيق، يسعيان إلى إثارة قضية النازحين في المحافل الدولية، بقصد تحشيد الرأي العام الدولي ضد الحكم في سورية، من خلال تحميله بشكلٍ غير مباشرٍ مسؤولية تفاقم أزمة النازحين باعتبارها نتيجة أعمال عسكرية ينفذها الجيش السوري لتطهير بلاده من براثن الارهاب. ولا شد أن ذلك يؤدي إلى التشويش على إنجازة الجيش الأخيرة، وإلى محاولة تغيير وجه المجرم الحقيقي.

tayyar.org

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى