المقالات

من الظالم يا عرب؟\ بقلم : الشيخ رامي الفرّي*

من يقتل من ؟ ومن يحاسب من ؟ واذا ضاعت العدالة فلمن يكون الأمر ؟
وكيف تقضى الحقوق؟ ومن يحدد الحقائق؟
وكيف تتضح أهدافنا وتقوم مقاصدنا ؟
أطرح هذه التساؤلات المحيرّة والمرّة والمحزنة بين يدي الواقع الإسلامي والعربي الذي فقد رشاده، وأضاع موازين العقل والمنطق، وبدأ خلط العدالة مع الانتقام.. والحرية بالتطاول والفوضى..
فالشارع العربي منقسم بين سباتٍ عميق سَلَبه وعيه، وبين انفعال همجي غَيْر مضبوط، ممّا دفع العالم للعبث بكرامته وبالتلاعب بمستقبله وتهديم أمجاده.
السؤال المضحك المبكي، وبعد أن أضحى الكل يقتل بإسم الدين والكل أيضاً يُكبّر على فريسته هو: من سيكتب تاريخنا اليوم؟.
بأي ريشةٍ تَرشَحُ دما ً سيتمكن الكَتبة من سرد حقائق ووقائع هذه الأيام ؟
ستُعيقهم أسئلة محيّرة.. من هو المظلوم؟ أذاك الذي يقتل شعبه لأنه “يخاف” على الأمّة؟ أم المظلوم هو الذي يخاف من الدين الاسلامي الذي هو في نُصوصِه الحقيقية تسامح ومحبة وعدالة وفي تطبيقاته الحالية قصاص وعقوبات وإقامة حدود دون ترسيم حدود، وتنفيذ عقوبات دون حَّل العقبات .
من هو المظلوم ؟ أذاك الذي يقتل نفسه وعائلته خوفا ً من أن يقع فريسة جاهل متطرف يقتُله قُربانا ً وتقرّبا ً الى الله، ويسبي نِساءَه نُصرَة ً للحرية التي أمر بها الاسلام ؟
من هو المظلوم؟ أذاك الذي فجّر نفسه بحزامٍ ناسفٍ بين المسلمين والأبرياء، لنُصرة “جيش الإسلام “أو لفتح ابواب النصر بفتوى شرعية من جاهل؟.
من هو المظلوم؟ أذاك الذي يُلقي بنفسِه وعائلتِه وسط أمواجِ البحور العاتية علها تلفظه الى فردوس الأمان الموعود، حتى ولو كانت ستقتله بموتٍ محتوم في أعماق البحار؟
من هو المظلوم؟ أذاك الذي يعظم دولة علمانية غربية يفضلها عن دولة عربية لأنها تأويه وتستضيفه بعد أن أُقفلت أمامَه كل ابواب الجيرة العربية حتى بات ينظر لنفسه بدونية ؟
من هو المظلوم؟ أذاك الطفل الذي وُلد في مخيم.. وفِراشه رملُ الطرقات وسقفه سماء واسعة، يسأل عن والده.. فيقال له رحل ضحية تقاتلِ الدول الكبرى؟
من سيكتب التاريخ وماذا سيقول أفيدوني ؟
كل هؤلاء مظلومون ولا أعرفهم.. إلا أنني أعرف الظالمين.. ولن أقول إنهم الدول العظمى أو الدول الإقليمية، بل الظالم هو الجهل الذي نغرق فيه.
حاربوا ظالمكم .. حاربوا قاتلكم.. حاربوا عدوكم .
هل أصبحت كل دولة عربية مقاطعة خاصة يمتلكها حاكم او متحكم، يتصرف فيها وفق غبائه او أهوائه او وفق ما يلقى اليه من توجيهات وخدع؟ وهو قرين الجهل ، وأسير الصمم.. والوطن بين يديه سوق نخاسة مكشوف للمناقصات الدولية واسترخاص البيع والشراء من اضمحلال العقول والذمم؟.
والآن هل سيبقى مفهوم الحكم في بعض الدول العربية مستنداً الى الملكية الخاصة والإقطاعية التابعة لأهواء ونزوات الحاكم ؟
فمن يحاسب من؟ وهل تبقى بعض الدول تعيش في الاوهام الفرعونية بادعاء ملكية البلاد وسكانها على قاعدة :”أليس لي ملك مصر” ؟
وكيف يرتضي الرأي العام العربي بهذا التغييب لحقوقه ولدوره ولرأيه ولتقرير مصيره ؟
هل يترك الرأي العام سياسة الرقص بين الجماهير والعصا بيد المتحكم بدل العقل والحكمة والتخطيط ؟
واذا كان الرأي العام محكوما ً بالتجهيل والتهويل والتغيب ؟ فأين هم المثقفون والمفكرون ليأخذوا بيده وينيروا طريقه ويشكلوا طلائع الوعي والتوجية ويخلصوا القضايا والمصالح الكبرى من اشداق الجهلة … ومِن أكُفِّ المصفقين والهتافين حتى يكون للأمة حواريون للحق و مهاجرون الى الصدق وانصار للاصلاح ؟
فقد آن الاوان لأن ينهض الشعب ممثلاً بالرأي العام البصير وان يتحرك بجدية وتجرد كل المثقفين النجباء وكل الواعين الحكماء وكل المخلصين الغيارى على أمتهم وعلى مستقبلها لوقف مسلسل الانهيار والتحكم والجهل والحمق , لانقاذ ما يمكن انقاذه ….
مدير المركز الإسلامي- طرابلس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى