فلسطين

سيادة المطران عطا الله حنا : ” نرفض استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لبث سموم الفتنة والكراهية والطائفية

فخطابنا يجب ان يكون دوما خطاب المحبة والاخوة وقبول الاخر”

القدس – قال سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس اليوم بأننا نشهد ازديادا وانتشارا في وسائل التواصل الاجتماعي والتي اضحت ساحة مفتوحة على مصراعيها ومنبرا لكل من يريد ان يكون له منبر .
ان وسائل التواصل الاجتماعي يمكن ان يكون لها دور ايجابي في التوعية والتوجيه السليم ولكننا نلحظ ويا للاسف ان هنالك بعضا من هذه الوسائل التي اصبحت منصات للتحريض والاساءة واثارة النعرات الطائفية والكراهية وسموم الفتنة والتشرذم في مجتمعنا وفي مشرقنا .
كم هائل من المغالطات والمعلومات الغير دقيقة والغير صحيحة حيث يجد المرء نفسه عاجزا امام متابعة كل شيء والرد على كل شيء مع ان هنالك منصات مشبوهة يقف خلفها طابور خامس لا تستحق ان يرد عليها .
ما اود ان اقوله بصفتي اسقفا في اعرق كنيسة مسيحية في هذا العالم بأن المسيحيين ليسوا مشركين او كفارا او عبدة للاصنام كما يظن البعض .
فديننا هو دين المحبة والرحمة والتسامح ونحن لا نضمر الشر لاحد حتى لاولئك الذين يسيئون الينا اما عن جهل واما لانهم مدفوعين من جهات اخرى مشبوهة .
لا نكره احدا لان الكراهية ليست موجودة في قاموسنا كمسيحيين ولكننا في نفس الوقت لن نكون مكتوفي الايدي امام اي تطاول على قيم ايماننا وتاريخنا وتراثنا وعقيدتنا المسيحية القويمة .
فنحن موجودون هنا قبل الاسلام وبعد مجيء الاسلام تفاعلنا مع الحضارة الاسلامية وعملنا معا وسويا في اوطاننا وفي مشرقنا خدمة للانسان وخدمة للاوطان وخدمة لقضايا العدالة لا بل ان نموذج العيش المشترك في بلادنا وفي مشرقنا يعتبر نموذجا نتميز به ويجب ان نحافظ عليه وان نرفض اي خطاب يؤجج الفتن والكراهية والتعصب والطائفية وعدم قبول الاخر في مجتمعنا .
من واجبنا جميعا ان نرفض اي خطاب تكفيري اقصائي ايا كان شكله وايا كان مصدره فالقدس هي مدينة مقدسة في الديانات التوحيدية الثلاث ولا يحق لاحد ان ينكر وجود الاخر ، وان يدعي ان القدس له وليست لسواه ، فالقدس فيها كنيسة القيامة والتي تعتبر القبلة الاولى والوحيدة لكافة المسيحيين في عالمنا وفيها المسجد الاقصى ناهيك عن تاريخها وتراثها وهويتها الروحية والحضارية والوطنية باعتبارها عاصمة روحية ووطنية لشعبنا الفلسطيني .
ما يهمنا في القدس هو الانسان فما قيمة المقدسات بدون الانسان الذي يحافظ على هذه المدينة المقدسة ومقدساتها وهويتها .
علينا ان نحافظ على الانسان لكي يبقى منتميا لمدينته ووطنه ولكي يكون على قدر كبير من الوعي والرصانة والحكمة والمسؤولية لكي نتمكن معا وسويا مسيحيين ومسلمين من ان ندافع عن مدينتنا ومقدساتنا التي تستهدفها العواصف والمؤامرات والمشاريع المشبوهة من كل حدب وصوب .
ندعو رجال الدين كافة الى تكريس الخطاب الوحدوي الرافض للاقصاء فلغتنا في المدينة المقدسة وفي هذه الارض المباركة يجب ان تكون دوما لغة المحبة فهذه مدينتنا جميعا وليست مدينة لفئة دون الاخرى وهي مدينة فيها تنوع ديني وحضاري وتراثي وانساني يجب ان نحافظ عليه بكل ما اوتينا من قوة .
المسيحيون الفلسطينيون يرفضون تهميش البعد المسيحي للمدينة المقدسة وهو خطاب يتبناه البعض وهذا البعض من حيث يدرون او لا يعرفون انما يسيئون للمسيحيين ويسيئون اولا وقبل كل شيء لتاريخ مدينة القدس التي تحتضن اعرق واقدم حضور مسيحي في هذا العالم .
من يتحدثون عن القدس يجب ان يتحدثوا بلغة وحدوية فالاقصى والقيامة توأمان لا ينفصلان والمسيحيون والمسلمون اخوة في هذه الديار ولن تتمكن ابواق التحريض الطائفي التي تبث سموم الكراهية من تمزيقنا وتفريقنا والنيل من وحدتنا واخوتنا .
نعيش في مرحلة نحتاج فيها الى مزيد من الوعي لكي نواجه اعداءنا الذين يخططون لتصفية قضيتنا ، نحتاج الى مزيد من الوحدة والاخوة والتضامن في هذا الزمن الرديء حيث ان هنالك اعداء لنا يتربصون بنا ولا يريدون الخير لاي واحد منا .
يا ايها الفلسطينيون والعرب المسيحيون والمسلمون وحدوا صفوفكم وليكن خطابكم وحدويا نابذا للكراهية والطائفية والتطرف محترما لخصوصية الاخر ومحترما للتنوع الديني القائم في مدينتنا وفي بلادنا ومشرقنا فالمسيحيون في بلادنا وفي مشرقنا ليسوا من مخلفات حملات الفرنجة الصليبية كما يسميها البعض كما انهم ليسوا بضاعة مستوردة من اي مكان في هذا العالم ، فانتماءهم هو لهذا المشرق ولقلبه النابض فلسطين الارض المقدسة وعاصمتها القدس .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى