نقابات

المراد: المحامون والنقابة والنقباء ليسوا مكسر عصا لأحد

وطنية – عقد نقيب المحامين في طرابلس محمد المراد، مؤتمرا صحافيا، ردا على موقف مجموعة من القضاة حول تعديل المادة 47 أصول محاكمات جزائية، في حضور النقباء السابقين: رشيد درباس، خلدون نجا، بسام الداية، وأعضاء المجلس بلال هرموش، محمد نشأة فتال وشوقي ساسين الذي تلا بيانا صدر عن المجتمعين وقال: “طالعتنا بعض وسائل الإعلام بخبر مفاده أن مجموعة من القضاة تداعت إلى توقيع عريضة يقدمونها إلى رئيس الجمهورية ويطلبون فيها إليه أن يطعن في القانون رقم 191/2020 المتضمن تعديل المادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية لناحية إلزامية حضور المحامي مع موكله في التحقيقات الأولية أمام الضابطة العدلية. ورافق هذا الخبر وتبعه تغريدات وتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، تضمنت ما يحتم علينا أن نرد بالآتي:
إن القواعد القانونية المعمول بها في النظام القضائي اللبناني تحصر دور القضاة في تطبيق القانون وتفسيره، فليس لهم أن يمتنعوا عن ذلك لأي علة كانت، وإلا عدوا مستنكفين عن إحقاق الحق. كما ليس لهم أن يقولوا “لقد أخطأ المشرع”. من هنا، يكون رفض بعض القضاة للقانون المذكور، تجاوزا لدورهم واختصاصهم، وتعديا على صلاحيات السلطة التشريعية والمجلس الدستوري وخروجا على المبادئ الأساسية الناظمة لعمل السلطة القضائية، وعصيانا للقانون، أو باختصار أشد: تلكم هي الفوضى بأمها وأبيها.
ومما يثير العجب في الخبر عزم هؤلاء القضاة على التوجه مباشرة إلى رئيس الجمهورية، بالكتابة إليه وطلب لقائه، متناسين أن لهم مرجعية تمثلهم، هي مجلس القضاء الأعلى الذي له وحده أن يخاطب السلطة السياسية عبر وزير العدل. فعل هؤلاء القضاة ليس سوى زعزعة للمؤسسات وتغييب لها وتمرد عليها، ونقابة المحامين التي دأبت بلا انقطاع على مناصرة السلطة القضائية ورفض ما يمس بها من خارج، أولى بأن تقف الموقف نفسه إذا حصل المس بالقضاء من داخله. بالإضافة إلى هذا، إن رئيس الجمهورية لم يمارس حقه الدستوري في رد القانون إلى مجلس النواب، بل وافق عليه ووقعه وأصدره. فهل يجوز إحراجه بطلب الطعن بعد موافقتيه المضمرة والمعلنة، فيمنع بعد أن منح، ويسترد بعد أن أصدر”.

أضاف: “إن موجب التحفظ ليس حلية يتزين بها القاضي، فإذا ملها نزعها. إنه التزام مناقبي يدخل في تركيبة الخريطة الجينية لرسل العدالة. وما أعلن عنه بعض القضاة همسا أو جهرا من رفض للقانون، يجرح موجب التحفظ ويشكل رأيا مسبقا يؤدي إلى طلب ردهم كلما أمسكوا ملفا جزائيا يتضمن طعنا بإجراءات التحقيق الأولية. وهكذا تتعطل العدالة أو تعوق، فوق عطلتها المزمنة وإعاقتها المتعمدة”.

وتابع: “إن القانون الذي لم يعجب القضاة المعترضين يشكل علامة فارقة في تاريخ التشريع اللبناني من حيث الضمانات التي تحترم الإنسان وكرامته، وفاقا لشرعة حقوق الإنسان والمواثيق الدولية وقوانين الأمم المتحضرة، وتفتخر نقابة المحامين باشتراكها في مناقشة أحكامه قبل إقرارها. فيا لله أيريد لنا الرافضون والرافضات من القضاة أن يبقى التحقيق الأولي منتسبا إلى أقبية القرون الوسطى؟ وكيف يبيحون لأقلامهم وأصواتهم وأناملهم أن تكتب وتغرد في الدعوة إلى استمرار التخلف؟ أما آن لآليات التحقيق عندنا أن تخرج من ظلمة الكهوف إلى شمس الحقيقة؟”.

وختم البيان: “أما خلاصة الكلام، فإلى بعض القضاة الذين جرحوا بالمحاماة إلماحا وإفصاحا، نقول: إن المحامين والنقابة والنقباء ليسوا مكسر عصا لأحد. نحن الذين تطوعنا مجانا ولا نزال، في عز جائحة الكورونا، من أجل العمل على إخلاء سبيل مئات الموقوفين، خدمة لكرامة الإنسان التي هدرتها بعض التوقيفات. إن المحامين احتملوا كثيرا إغلاق قصور العدل حين اعتكف القضاة مطالبين بتصحيح مرتباتهم، فهل يكافأون بالغمز من قناتهم. علما أن تعديل المادة 47 هي قضية تتعلق حصرا بالقيم. وفي كل حال، تعلمون أن الاجتراء على المحاماة والمحامين كالاجتراء على القضاء والقضاة جرم جزائي، وأن لدينا من الوسائل والسلطان ما يمكننا من رد التجرؤ بالموقف والقانون، فلا تحوجونا إليه. نحن نترحم على سابقينا وسابقيكم، ونتعظ بهم أجمعين في الأدب والسلوك والعلم والاحترام، أما أنتم فهلا؟ نحن وأنتم في حمل العدالة صنوان، لا أحد منا فوق أحد، ولا دونه. إن كنتم القضاء فنحن قدركم. أمسكوا عنا، رعاكم الله”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى