المقالات

أن تكون ذاتك،يعني أن تكون حقيقيا …! – حسين جمعة

لا شعوريا،وجدتني أذهب وأفتش عن الحلقتين الأخيرتين من ذياك المسلسل عبر محرك البحث السيد جوجل والذي لا يخذلك أبدا،لا أدري لماذا؟،ربما عيناي إشتاقتا للدموع عندما شاهدت ذياك المسلسل منذ ثلاث سنوات،مع أن الدموع لا تفارق الشرقي الذي إعتاد أن يكون عاطفيا مع حبة سكر إضافية،ينهشه الحنين،تؤرقه اللهفة ومعهما تزداد الأسئلة الملقاة في بحر الحيرة.
كذلك…!،
أخذتني ذاكرتي إلى رواية كونتا كونتي”الجذور” والتي كنت قرأتها في ثمانينيات القرن الماضي بجزئيها الأول والثاني،حيث تحكي عن جماعات قطنت أعالي جبال التيبت وما لبث الكثير منهم أن وقعوا أسرى على يد القراصنه الأمريكان على هيئة عبيد،كانت أمريكا تسرقهم وتأخذهم عبر البحار والمحيطات، لخدمة وبناء ما هي عليه أمريكا اليوم،وأعود في الذاكرة إلى شجرة الرحيل كما أسموها والواقعة عند أطراف القرية في أعالي تلك الجبال،حيث إعتاد كل راحل عنها أن يربط شريطا من القماش على أغصانها،ومعها باتت تلك الشجرة تتزين بشتى الألوان،وبات الرحيل يظهر كأنه جميل ومزين في شتى الألوان التي نعرفها على هذة البسيطه.
آلامنا كثيرة،كذلك أوجاعنا وحسراتنا،ونحن…!،سنبقى تلك الكلمات،وتلك السطور المدفونة في الكتب والروايات والذاكرة،تحملنا عبر طياتها وتروي عنا ما سقط منا ورحل عبر أثير الألم…!
المسلسلات…!هي نحن،ونحن الأبطال،ربما سيكتبنا أحدهم يوما بأسماء مستعارة ومختلفة،حتى نصير كألوان تلك الشجرة،شجرة الرحيل والوداع،وكل شريط معلق عليها، يحكي قصة مختلفة لدموع ورحيل آخر في كل آن وحين…
ما أصعب أن تكون أنت في مشوار الحياة،دون مجاملة،دون رياء..!، أن تكون أنت،يعني أن لا تزين شجرة الرحيل بشريط آخر،وهكذا فعل الكاتب الروسي العظيم تولستوي حين قرر الرحيل،وأراد أن يكون هو ذاته،لا يشبه أحدا،ترك زوجته وكل مؤلفاته العظيمة،وشهرته وأملاكه ليسكن في بيت بسيط في حضن الغابة،ولم يخبر أحدا من عالمه حول قراره هذا غير إبنته التي إعتاد أن يحفظ أسراره بين يديها،وذهب بعيدا عن ثرثرات البشر،وحلقات المجاملة…
مع كل حدث وقصة،سنذهب في كل وقت حتى نفتش عن الحلقتين الأخيرتين،ليس لشيء،بل لأننا نعشق النهايات ويقتلنا الفضول، النهايات تبعث فينا نشوة الإنتصار على ألآخرين ولذة مشاهدة لون جديد وعذاب صارخ يعلق على أغصان الشجرة.
ليتنا نستطيع أن نكون أنفسنا ذواتنا،دون عمليات تجميل ودون مواربه،نقول ما يعجبنا وما لا يعجبنا،نعبر كما نشاء ونقول وندلي بأسماء من نحب ونعشق ومن لا نحب ونكره،ليتنا نعيش صادقين ونموت صادقين حتى نغني هذة الأرض وثراها ويصير صدقنا في باطنها منجما للذهب والماس،ليتنا نستطيع كذلك أن نكون صريحين إلى أبعد حدود الشفافية كي تختفي فكرة الغش والناس المتعددة الوجوه من حيواتنا …!
أوليست معظم آلامنا وأوجاعنا لأننا لم نستطيع أن نعبر عما كنا نريد قوله حقا،وكنا نرضى في أنصاف الحلول ونوافق على مضض ورغما عنا في كثير من القضايا…،
إن المجتمعات الغربية نجحت في بناء النظم وأعتمدت الشفافية في كل أنظمتها،من الأنظمة الإجتماعية إلى النظم الإدارية والسياسية وعلى هذا سارت الى أن نجحت وتخلصت من العقد المتراكمة والتي ما زالت تعشش فينا نحن العرب منذ الصغر ونعومة أظافرنا،حتى كبرت معنا،وتشيخ معنا ونتناقلها جيلا بعد جيل،هي الأصالة في أبهى صورها، ما زلنا نحمل ونطبق نظاما واحدا لا غير،حتى صرنا غثاء كغثاء السيل دون قيمة أو تأثير،نظامنا الوحيد هو نظام النفاق واللصوصية والتربص للآخر، ويا غيرة الدين،والويل والثبور من عظائم الأمور فيما لو كنت حقيقيا،أي أنت نفسك،ذاتك…،
كل شيء في المجتمع العربي يفرض عليك أن تكون متعدد الألوان متقلب المزاج وغير واضح حتى تصير كتلة من العقد التي يصعب فهمها وبالتالي حلها وتفكيكها،مثل شجرة الرحيل تراها زاهية بألوانها وألوان قصص الراحلين،لكن جوهر كل رحيل،كان وما زال يحمل داخله آلاف العذابات والدموع…
كن أنت منذ البداية ولا تجامل أحدا،قرر ما تريدة أنت،وماذا تحب ومن تحب أنت،قاتل حتى الرمق الأخير في روحك التي تستحق الأفضل وأن تنصفها وترقص منتصرة،لذلك لا تخذلها حتى لا تعلق شريطا جديدا على شجرة الرحيل وتندم بقية حياتك،ودائما أنظر الى المرآة وتحقق من نفسك علك تكون قد تغيرت،حينها أهرب الى كوخ جبلي دون عنوان،دون إسم.لكن حاول أن تكون أنت فلا تجامل ولا تبالي…،
حسين جمعة
[email protected]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى