المقالات

إلى وزير التربية …مرفوعا . كتبت: الإعلامية رندا منقارة

تحية طيبة ،وبعد…
لن تضجر صدقني من سردي المضحك المبكي ،لأننا وعلى وقع إيقاعات قرارات الوزارة بدأ المجتمع كله من أهل ومدرسين وتلاميذ ،يرقصون كل على يوم على نغمة …
لا أقصد بذلك التقليل من شأن التعب الوزاري الذي تقدمه للوطن …ولكن التناقض والمزاجية وازدوجية المعايير تكاد تفقدنا الصواب!!!!
فمرة تقول يا معالي الوزير أنك على ثقة من أن المعلمين لن يتعبوا التلاميذ كثيرا بالدراسة عن بعد،ومرة تقول أنك مع انهاء البرنامج التعليمي السنوي؛ والأولاد أصلا لم ياخذوا حتى اليوم درسا كاملا واحدا في أية مادة!!
تارة تتكفل بدفع مساعدة وهذا طبعا ضرب من الخيال اللبناني ، وطورا -وهذه هي الحقيقة الصارخة المؤلمة -نتأكد أننا سنصير في شباط ولا كتاب واحد مع التلاميذ!!!
عن بعد أو عن قرب ، المهزلة تلعب على مسرح الأهل والتلاميذ معا!!! هل تصدق أن تلميذ الرابع الابتدائي في المدرسة الحكومية نسي القراءة ؟؟؟ هل تعتقد يا حضرة الوزير أن السنة الماضية التي لم يدرسها بسبب ظروف البلد والكورونا، تؤهله لكي يصير في صف لم يدرس ما قبله هذا العام أيضا؟؟ نحن نتكلم عن سنتين من التدهور المعرفي ،مضافا إليه انعدام الكتاب ،حيث ترفرف معلمة البيت مثل الفراشة السعيدة ،لا تعرف من أين تبدأ ،لتضع يدها تحت هذا الطفل ،حتى لا يقع في الفشل التعليمي ومن ثم في التسرب المدرسي…
لا تنشغل بما قلت الآن…سأخبرك عن الطفلة التي صارت بالصف الثاني الابتدائي فجأة…! في الحقيقة كانت قد ترفعت فعلا من صف الروضة الثالثة! لا تعرف إذا جلست معها ،أتغني لها أغنية أم تبكي معها إذا بدأت أنت ، تصر عليها لتقرأ جملا باللغة الانكليزية وهي لا تتقن أصلا كل الحروف!!
هون عليك…فالاضراب الذي يقوم به الجسم التعليمي ،رغم احترامي لحقوق الجميع، جعلنا كلنا في فرامةواحدة ،ننتج وضعا دراميا مستحيلا!!
أعرف ولا أعمم ،أن هناك معلمين ومعلمات يتعبون ،يحضرون ،يصححون ويسهرون لراحة تلاميذهم ،سواء في المدارس الخاصة أو في المدارس العامة…ولكن ،ما يبدو لوحة لسلفادور دالي : أن ترسل لنا المجموعة أوقاتا للتعلم عن بعد ،ولا يداوم فيها حقا إلا معلمة الموسيقا لأنها ليست في إضراب!!!
دوووووووو!!! ونوتات موسيقية وأغنية للفصول ليست للأطفال بل لإحدى مغنيات الثمانينيات!!
خبط عشواء……!هذا أقل ما يقال في دفاتر مملوءة أخطاء وأسطرا بلا مسطرة ،ومن كل واد عصا!!
لا ألومك ولا ألوم أحدا …من باب التمس لأخيك سبعين عذرا …ولكن ….؟!
ما هو المطلوب في نهاية العام؟؟؟؟ هل ينجح الجميع ؟؟ هل ستعاد المعلومات الناقصة لكل صف،هذا العام ؟؟؟ هل سنعيد السنة للتلاميذ؟؟ كل شيئ مقبول إلا أن يأتي صوت من فوق، أقصد من سماء الوزارة ،ليهنئ الجميع على الجهود الجبارة التي قدموها هذا العام !!!
المدارس التي تخاف على صيتها ليست المقصودة بهذا الفزع ، لكن مدارس الدولة ،وأغلب الناس صاروا فيها كما تعلم ،بسبب الهناء الاقتصادي الذي نعيش، هي صاحبة المصيبة المنتظرة !!
أعتقد أن الفجوة التعلمية من سنتين، كفيلة لأن تشكل السفينة التي ستجنح بتلاميذ كثر بعيدا عن العلم ،اللهم إذا لم يستدرك الأهل الفظاعة ،ويدفعون لأولادهم ثمن معلمة خصوصية!
ماذا عن طلاب الجامعات؟؟؟ سمعت مؤخرا عن طلاب قررت الجامعة اللبنانية فصلهم ،وذلك بعد أن دفعوا تسجيلهم ،وداوموا على التعلم عن بعد، بسبب أنهم لا يجب أن يبقوا في السنة الثالثة لعدة سنوات…!
معالي الوزير المتفهم لأوضاع الناس الاجتماعية والاقتصادية…ما الذي يعيب الطالب إن درس وطلب العلم ليرفع دولته وشأنها؟؟ ألا يكفي أننا نرى من نجح واستكثر نفسه على أهل بلده ،فسافر ؟؟ النوابغ ليسوا لنا ،وهجرة العقول وآخرهم الأطباء شؤم وعيب علينا ..فهل ترضى بقرار فصل اللاصق بهذا البلد ،أن يكون فهمانا وواعيا لمصائب وطنه وأسرته ومجتمعه؟؟؟ في الدول المتقدمة علميا ولسنا منهم طبعا، قد تجد رجلا مسنا جدا يجلس معك على مقعد جامعي …ولا يتعيرون من تأخره ..ولا يجلدونه لظروفه،بل بالعكس يكرمون روحه الوثابة المتعطشة للنجاح!
معالي الوزير …ضاقت حتى استحكمت حلقاتها ، هل تصدق أن هناك دكاترة جامعيين ،بدل أن يساعدوا طلابهم في المطالبة بحقوقهم التعلمية وإكمال سنواتهم فيها ،يشجعونهم على ترك الجامعة والاكتفاء بالعمل ،وأن يتركوا الفرص للشباب ،(لأن البلد لا عمل فيه ولا أمل للبالغين)
هل تشجع مثل هذه الأفكار؟؟؟ يا أبناء الوطن لا تكملوا أحلامكم ولا تحققوا أي خير لأن البلد لا خير ولا رجاء منه؟!
ملحمة ….وأية ملحمة!!
في النهاية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد.
فطلب العلم فريضة وليس لذلك عمر معين، …لكننا قوم ابتعدنا عن فقه الدين…!
إن الملائكة التي تحط أجنحتها لطالب العلم، مؤكد ستضرب بنفس الأجنحة كل إنسان في رقبته علم، فبخل فيه ولم يعلمه ،لأن الدنيا (سايبة والله راعيها)..أرجو أن يكون ذلك لكل من تسول له نفسه أن يهمل أطفال، بدل أن يصيروا أطباء ومخترعين ، لا يهتم بأن يسمم أيامهم ليفسد مستقبلهم فيصيرون متسكعين متجولين !
نعم الحاكم الذي يحاكم نفسه قبل أن يحاسب …
وسلامي إلى كل معلمة تهدر من وقتها لتحسن التحضير وارسال الرسائل التعليمية المهمة ،بغض النظر إذا شارك التلميذ بكلمة نقلها من صديقه أو من أمه خلال التعلم عن بعد! فهذه المشاركة كمن يأكل في منامه، كما تقول جدتي رحمها الله..أي لا قيمة لها .فالجهد الحقيقي في بذل المعلمة من تحضير وسهولة إيضاح ،ومتابعة للدروس ..لا إملاء ولا نسخ ولا تمارين وكل شهر درس ،فمتى ينتهي المقرر؟؟؟
أن نكون من دون كتب ولا مدارس ولا منهاج ولا تخطيط ولا من يسأل عن تلاميذ الحكومة !؟ هذا لم يخطر ببالنا أبدا أن نعيشه يوما !!!
أرجو من حضرتك الجواب .
مع كامل المحبة والاحترام.
الإعلامية رندا منقارة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى