المقالات

معاقبة الإجرام مهمة وطنية – كتب: عبد الله خالد

حماكي الله ورعاكي يا طرابلس… ما حدث بالأمس من تخريب وتدمير لمؤسسات الدولة وفي مقدمتها السراي الحكومي والمحكمة الشرعية وبلدية طرابلس وامتد إلى المالية وشمل جامعة العزم يشكل جريمة كاملة بكل ما تحمله الكلمة من معاني لا يمكن لأبناء طرابلس أن يشاركوا في ارتكابها إلا إذا كانوا مجرد أدوات ينفذون مخططا خارجيا مشبوها هدفه تدمير المدينة التي عرفت بوطنيتها وعروبتها وانفتاحها على الآخر ورفضها للعنف كوسيلة للتعبير عن غضب مشروع ممن تركها تعاني منفردة من إهمال طال أمده بدأ بتجاهل مطالبها المحقة والمشروعة واستمر مع تهميش دورها وحرمانها من أبسط حقوقها في العيش بكرامة بعد أن أفرغت من مؤسساتها وحرمت من حقها في إقامة المشاريع التنموية والقطاعات المنتجة التي تقدم قيمة مضافة لإقتصادها الذي يعيش حالة موت سريري منذ سنوات نتيجة تنامي الفقر والعوز والبطالة والجوع وترك أبناءها غير قادرين على إعالة عائلاتهم وضمان صحتهم وتأمين أبسط حقوقهم في ضمان العيش الكريم ولو في حدوده الدنيا نتيجة إنهيار اقتصادهم الوطني وغياب أبسط مقومات الأمن الإقتصادي وهذا ما جعل أبناء طرابلس يحلمون بالهجرة أو يقعون في شباك مشاريع خارجية تدمر وطنهم وتحولهم إلى قنابل موقوتة تخدم مشاريع مشبوهة. ومع انضمام كورونا إلى الفقر والبطالة والإقفال العام إلى الإقتصاد المنهار والصراع على تقاسم الحقائب الوزارية تفاقم الوضع وأصبحت الساحة مؤهلة لإستقبال أدوات هيئت سلفا لتصعيد وتيرة العنف وصولا إلى تعميم فكرة إقامة كانتونات منفصلة تخدم المشاريع المطروحة على الساحة وتسهل طروحات الحياد والفدرلة وصولا إلى المطالبة بنزع سلاح المقاومة الذي يعيق تنفيذ صفقة القرن خدمة للمشروع الأمريكي-الصهيوني.
إن ما جرى في طرابلس بالأمس هو مجرد بروفة يمكن تعميمها في مناطق لبنانية أخرى تلغي فكرة الدولة الواحدة الموحدة وتشجع على الإنقسام والشرذمة وإنهاء فكرة لبنان المقاوم التي أدت إلى تحجيم العدو الصهيوني ومنعت عربدته وعدوانه على لبنان. وهكذا فإن من أقدم على إحراق السراي والبلدية والجامعة وغيرها من المؤسسات هو مجرم بإمتياز يستحق أقسى العقوبات لإجهاض مقولة بدأت تترسخ في بعض العقول المريضة التي حولت الخيانة الوطنية والقومية إلى مجرد وجهة نظر وبالتالي فإن أي محاولة للتقليل من خطورة ما جرى تشكل جريمة أخرى لا تقل عن الجرائم التي ارتكبت بالأمس علما أن كل ما جرى ويجري وسيجري في طرابلس يشكل المدخل لبدء مرحلة جديدة من تفجير لبنان عبر بوابة طرابلس لتعميم الفوضى وتحقيق المزيد من شرذمة البلاد وهذا ما أصبح يقال علنا. ورغم ذلك فإن كل ما جرى لم يدفع أطراف الشبكة الحاكمة لتجاوز خلافاتها حول تقاسم الحصص في التشكيلة الحكومية الموعودة. والأمر المؤكد أن طرابلس لن تقبل تحولها بدم أبنائها إلى مجرد صندوق بريد لتبادل الرسائل بين القوى المتصارعة في المنطقة.
عبدالله خالد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى