المقالات

الحريري متمسك بمواقفه وعون متشبث بشروطه كتب: عبد الله خالد

بعد عودته من جولته حرص الرئيس المكلف على القيام بجولة مجاملة لقصر بعبدا لوضع الؤئيس عون في أجواء جولته على بعض العواصم العربية والإقليمية والتي اختتمها بلقاء الرئيس ماكرون. وبعد ساعة من الحوار خرج الرئيس المكلف ليعلن أن لا تقدم في المباحثات وانه ما زال متمسكاً بحكومة من ثمانية عشر وزيراً من الاختصاصيين غير الحزبيين ولا يوجد فيها ثلث معطل لأحد قاطعاً بذلك الطريق على تصلب الرئيس عون ومؤكدا انه هو الذي يشكل الحكومة التي يفترض بها أن تلتزم بتنفيذ ما تضمنته المبادرة الفرنسية وجاء البيان الذي صدر عن قصر بعبدا ليشير الى ان الرئيس المكلف بقي متمسكاً بموقفه ولم يقدم شيئاً جديداً يسرع عملية التكليف. وهكذا بقيت الأمور على حالها وضاعت أكثر من أربعة أشهر بقي فيها لبنان وشعبه غارقاً في صراعات شبكة حاكمة فاسدة تتقاتل أطرافه دفاعاً عن مصالحها منطلقة من ان الحكومة – في حال تشكيلها – وفي ظل الانقسام الذي تشهده الساحة اللبنانية لن يسمح بعد انتهاء ولاية الرئيس عون بانتخاب رئيس جديد الأمر الذي يعطي الحكومة صلاحيات رئاسة الجمهورية وهذا ما يفسر تعنت كل طرف بشروطه ولو على حساب خراب لبنان ودماره معتبراً ان الحفاظ على مصالحه المستقبلية هي الأهم. وهكذا تلاشت كل الأحلام والأوهام التي راهنت على ان الانفراج أصبح قريباً وان الانفتاح على الآخر وتفهم معطياته وصولاً إلى بلورة قواسم مشتركة يشكل المدخل الطبيعي لحل أزمة أوصلت لبنان إلى الخراب بفضل قصر نظر شبكة حاكمة أعمتها غرائزها وأطماع أطرافها عن السعي لتلمس الحل المنشود في ظل عجز كامل عن تلمس مقومات هذا الحل وشروط نجاحه بدليل انها كانت تعطل الحلول بأيديها.
والواقع ان الضغوط الخارجية نجحت في شرذمة قوى الداخل بين قوى مغبونة وأخرى خائفة بعد استخدام التناقض الطائفي والمذهبي والمناطقي وشحن الغرائز خدمة لمشاريع الخارج وعلى حساب مصلحة قوى الداخل كلها.
الأمر المؤسف ان ضغوط الخارج لم تتوقف عند حدود شرذمة قوى الداخل خوفاً من ان تشكل وحدتها تهديداً لهيمنة الخارج الراغب في استمرار نهبه واستثماره لثروات المنطقة والاستفادة من موقعها الاستراتيجي كصلة وصل بين الشرق والغرب الأمر الذي جعلها عرضة لغزوات متعددة عبر التاريخ. وسرعان ما تطور هذا الأمر ليأخذ بعداً مختلفاً يهدف إلى استخدام قوى أخرى في غزواتها وتوطينها في المنطقة لتشكل قاعدة متقدمة لها وحامية لمصالحها ونقطة مراقبة لتحركات سكانها والاعتماد عليها في إيجاد الوسائل الكفيلة باستمرار الخلاف بينها.
لقد استحدم نابليون بونابرت اليهود في غزوه للمنطقة محرضاً إياهم على مشاركته فيها مع وعد بإعطائهم حق اقامة دولة في فلسطين تستعيد ” أمجادهم ” السابقة في المنطقة لتشكل منطلقاً لغزوات أخرى وتكرر هذا الامر بعد ذلك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى