قصص وعبر

شخصية الدنجوان موليير

أبدع موليير في رسم الشخصية الدونجوانية في مسرحية “دونجوان”، حيث كتب على لسان دونجوان نفسه، شارحاً سنّة حياته وقيمها حين قال: “ماذا؟؟ تريد أن نتقيد بأول حب وننقطع إليه، رافضين من اجله العالم، ونتوقف عن النظر إلى أي إنسان آخر في الدنيا بسببه؟ جميل منا أن نتباهى بهذا الشرف المزيف، شرف أن نكون اوفياء فندفن انفسنا إلى الأبد في حب واحد يقتل فينا منذ الشباب كل ميل في الاستجابة لأنواع الجمال المختلفة التي نقع عليها. كلا، الثبات لا يناسب إلا البسطاء والحمقى وحدهم، فمن حقّ كل امرأة جميلة أن تفتننا، كما أن مصادفة إلتقائنا بواحدة منهن قبل غيرها لا تجرد الأخريات من حقهن في غزو قلوبنا. أما بالنسبة لي، فإن الجمال يهزني ويسحرني أنّى رأيته، فأستسلم بسهولة لقوته الحلوة التي تجذبنا نحوه. إن الحب الذي أكنه لامرأة جميلة لا يجعل قلبي أبداً قادراً على الإجحاف بحق الأخريات. ترى عيني مزاياهن جميعاً وأندفع لأقدم لهنّ ما تفرضه علينا الطبيعة من أتاوة وولاء نحوهن. ومهما يكن من أمر، فأنا لا أستطيع أن اصد قلبي عن أي مخلوق جميل أراه، وحين يطلبه مني الوجه الجميل، اتمنى لو كان لدي ألف قلب لأقدمها له. إن لنزعات النفس المتصاعدة سحرها الذي لا يفسّر، ولذات الحب تكمن كلها في التغيير والتنويع. لا شك أن واحدنا يتذوق متعة ما بعدها متعة في التغلب على قلب شابة جميلة بالخضوع لها مرة بعد مرة، وفي تأمل التقدم البطيء الذي يحرزه يوماً بعد يوم في هذا الاتجاه، وفي مقاومة حيائها البريء بالدموع والتنهدات والافتتان الذي يستصعب التغلب على نفسه قبل الاستسلام، كما يجد متعة عظيمة حقاً في تخطّي العقبات التي تنثرها في طريقه واحدة تلو الأخرى وفي الانتصار على الوساوس التي تتمسك بها إلى أن يقودها بهدوء إلى حيث يريدها أن تذهب. ولكن، بعد أن يتم لنا ذلك، لا يعود هناك ما يشتهي ويطلب، لقد انتهت فتنة هذا الهيام، ونرقد في سكون هذا الحب إن لم يأت شيء جديد يوقظ رغباتنا، ويعرض علينا سحره الجذاب ويدعونا لتحقيق ظفر جديد. باختصار، ما من شيء أحلى من الانتصار على مقاومة امرأة جميلة، ولي فيما يتصل بهذا الأمر، طموح الفاتحين، الذين يسيرون قدماً من نصر الى نصر، ولا يستطيعون أن يضعوا حدوداً لرغباتهم. أشعر أن قلبي مخلوق لكي أحب العالم كله وارغب كما رغب الإسكندر ان توجد عوالم أخرى لكي اتمكّن من ان أنقل إليها فتوحاتي الغرامية”.

منقول

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى