المقالات

غياب الموقف الموحد يعقد الأزمة – كتب: عبدالله خالد

.جاء مؤتمر فرساي ليثبت ما تم التوافق عليه بينت سايكس وبيكو من تقاسم لتركة الامبراطورية العثمانية التي كشفها الروس بعد نجاح الثورة البلشفية وانسحابها من تلك العملية. والواقع ان بريطانيا وفرنسا كانتا حريصتين على تفتيت المنطقة ومنع وحدتها التي تشكل المدخل لاستعادة مجدها الغابر. وهكذا تم ابتكار اسم جديد للاستعمار أطلق عليه اسم الانتداب لمساعدة المناطق المجزأة على تحضير سكانه للاستقلال. وهكذا اقتطع لبنان ( بعد أن ضمت اليه مناطق سورية ) وقسمت سوريا إلى أربع دول ( دمشق وحلب ودولة الدروز ودولة العلويين ) وخضعت تلك الدول للانتداب الفرتسي ووضع الاردن مع العراق وفاسطين تحت الانتداب البريطاني الذي أنيطت به مهمة تسهيل الهجرة الصهيونية إلى فلسطين ليحلوا مكان سكانها الأصليين ويشكلوا قاعدة متقدمة للنفوذ الغربي وبدأ تطبيق سياسة فرق تسد لتكريس نجاح المخطط الغربي. ومع بدء تنفيذ مخطط الهجرة الصهيونية إلى فلسطين بتشجيع وتسهيل بريطاني تعالت بعض الأصوات في لبنان مطالبة بدولة مسيحية في لبنان ولكن المصالح الفرنسية لم تتجاوب مع تلك االرغبة وجهدت لتكريس نفوذ وهيمنة المطالبين بتلك الدولة لمفاصل السلطة والحكم والاقتصاد وحرمان بقية مكونات الوطن من المشاركة الفاعلة الامر الذي عزز التناقضات الطائفية والمذهبية والمناطقية وركز على تنمية مناطق معينة وحرمان مناطق أخرى مع ما يعكسه هذا الوضع من تفاوت سياسي واقتصادي واجتماعي تم التعبير عنه بثنائية الخوف والغبن التي منعت الاندماج الوطني الذي يشكل المدخل للاستقرار في البلاد كنتيجة لفقدان التوازن بين الحقوق والواجبات وازدواجية المعايير في تنفيذ القانون وإقامة دولة المؤسسات بعيداً عن محاباة طرف معين على حساب أطراف أخرى.وهكذا شهدت البلاد توترات متنقلة في كل عهود الاستقلال بدأت في عهد بشارة وتوسعت في عهد شمعون عبر ما سمي ثورة 1958 التي أوصلت اللواء شهاب إلى الحكم بعد أن تمادى شمعون في التفرد بالحكم وعادى الوحدة المصرية- السورية وانضم لحلف بغداد وطلب الانضمام للاتحاد الهاشمي بين العراق والأردن الذي أجهضته ثوؤة قاسم – عارف التي أجبرت المارينز الأمريكي على التواجد في لبنان والإنزال البريطاني في الأردن. وفي شهادة معبرة للموفد الأمريكي الذي حضر إلى لبنان للتوسط في الأزمة اللبنانية قال انه شاهد من الطائرة التي أقلته إلى مطار بيروت ان العلم اللبناني كان مرتفعاً في المناطق المزدهرة فيما غاب عن المناطق التي تعاني الفقر والحرمان في تأكيد على البعد الاجتماعي للأزمة اللبنانية بالإضافة إلى بعدها الوطني. والأمر المؤسف ان الطرف الذي ربط نفسه بالمعسكر المعادي لتطلعات أبناء المنطقة وصل إلى مرحلة من التماهي مع ذلك المعسكر بحيث أصبح يعتبر نكساته نكسة له وانتصاراته نصراً له حتى لا أقول انه يتقدم الصفوف في محاولة لإبراز مدى ولاءه لهذا المعسكر رابطاً مستقبله ووجوده به. وبهذه الخلفية هلل ذلك الطرف للعدوان الثلاثي على مصر ورحب بالانفصال بين مصر وسوريا وأقام الأفراح بعد عدوان 1967 وكان له موقف سلبي إزاء الوحدة المصرية- السورية وثورة العراق وغيرها من المواقف التي لا تصب لمصلحة المعسكر الغربي الأمر الذي يعكس عدم وجود موقف لبناني موحد يحقق التوازن بين مكونات الوطن وقواه السياسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى