المقالات

لبنان… إلى أين؟-2- عبدالله خالد

الأمر المؤكد ان اعتذار الرئيس المكلف عن الاستمرار في تشكيل الحكومة وضع البلاد أمام مفترق طرق وعلى اللبنانيين أن يقرروا نهجاً جديداً في التعامل مع الأوضاع المستجدة بنهج جديد وأسلوب مغاير بعد أن تبين بما لا يدع مجالاً للشك ان الشبكة الحاكمة أصبحت تعيش أوهام إمكانية استمرار مسيرة 100 عام ثبت فشلها وما زالت مصرة على التمسك بها حفاظاً على مصالحها ومكاسبها ولو أدى ذلك إلى انهيار البلد بعد أن أصبحت أموالهم خارج البلاد وأصاب الانهيار كل مؤسسات الدولة وما زالت متمسكة بنهج الاستدانة وبيع ما تبقى من قطاعات مع ما يعنيه هذا من رهن لمستقبل الأجيال القادمة بدليل التمسك بالاقتراض على الرغم من ان ديون الدولة تجاوزت 100 مليار دولار وما زالت الدولة العميقة في لبنان مصرة على التمسك بوصفات البنك الدولي التي خربت الوضع الاقتصادي لكل الدول التي اعتمدته.
الأمر المؤسف ان الاعتذار عن الاستمرار في تشكيل الحكومة التي يطالب الجميع بتسريع تشكيلها لم يأت لخلاف حول الخطة التي يفترض أن تعتمد لإنقاذ الوضع الاقتصادي المنهار أو الأولويات التي يفترض أن تأخذ الصدارة لحكومة مهمة تحظى باهتمام المجتمع الدولي المستعد لتقديم المساعدات الممكنة كقروض مشروطة بتنفيذ مشاريع محددة يفترض أن تنفذها المؤسسات الدولية وتحديداً الغربية لمنع أي توجه بديل نحو دول أخرى.
إذا أضفنا إلى ذلك ان لبنان ما زال يخضع لعقوبات قاسية بموجب قانون قيصر وضغوط جدية لترسيم الحدود البحرية والبرية مع فلسطين المحتلة وممارسة ضغوط لتطويق عملية استثمار ثروة الغاز المكتشف أمكننا أن ندرك الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد اللبناني في ظل ضغوط حقيقية على لبنان لمنعه من الاستفادة من المشاريع التي طرحتها أكثر من دولة. ورغم هذا الواقع السيئ الذي تعيشه البلاد التي تفرض تضامناً جدياً بين الرئيسين عون والحريري نراهما يبحثان عن تعزيز مواقعهما – ولو على حساب الآخر- ويسعيان لتحسين وضمان موقعهما في الحكومة لتفويت الفرصة على إمكانية حصول خلافات في نهاية عهد الرئيس عون بحيث تجاهلا ان استمرار الوضع على ما هو عليه اليوم من شأنه أن يطرح إمكانية استمرار لبنان بعد عام.
ان نظرة موضوعية إلى الوضع اللبناني بعد اعتذار الرئيس المكلف تشير الى انه قد أطلق العنان للارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار بكل ما يعنيه من تخفيض جديد للقيمة الشرائية للعملة الوطنية بعد أن فقدت الطغمة المالية المتوحشة حسها الوطني والإنساني والاخلاقي الذي أعماها عن رؤية طوابير الذل للمواطنين الذين فقدوا أبسط مقومات الحياة ولو في حدودها الدنيا وهم يعيشون أجواء البطالة والجوع والفقر والمرض ليتوج كل هذا باستنفار الغرائز الطائفية والمذهبية بكل ما تفرزه من فتن وصدامات بين مكونات الوطن الواحد المفتوحة على أكثر من احتمال بعد أن ظهر بوضوح ان كل ما جرى ويجري ويمكن أن يجري يتم وفق مخطط جهنمي يشير إلى حاجة لبنان لتدخل خارجي قد يأخذ شكل انتداب جديد ترعاه فرنسا بدعم دولي وصولاً إلى فرض واقع جديد ينعكس سلباً على حياة المواطن في لبنان ويعيد تقديم العوامل الخارجية على العامل الداخلي ويؤدي إلى إقامة كانتونات متعددة تمنع وحدته الوطنية وتسهم في إيجاد المناخ الملائم لتنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد الذي يسعى الغرب لفرضه في المنطقة بحيث يتجدد السؤال لبنان الى اين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى