المقالات

لبنان… إلى أين؟<-6- عبدالله خالد

من الواضح ان الأيام التي تفصلنا عن يوم الإثنين وهو يوم بدء الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف شخصية جديدة بتشكيل الحكومة العتيدة ستشهد كما ضخما من الأخبار والمعلومات التي تعبر عن آراء مطلقيها أكثر مما تعكس حقيقة ما يجري من مشاورات بعيداً عن ألأضواء في محاولة لجس النبض تمهيداً لإعلان الموقف المناسب في قصر بعبدا هذا ان لم يتدخل عامل ما يؤجل المشاورات أياماً أخرى.
إذا أضفنا إلى ذلك التداخل الذي بدأ يظهر بوضوح بين العوامل الخارجية والمواقف الداخلية أمكننا أن ندرك اننا نعيش أياماً مفصلية نتيجة للتداخل بين محاولات تفجير الوضع الأمني في البلاد ومحاولات التهدئة تضاف إليها محاولات الأطراف المعنية بتشكيل الحكومة لتحسين شروطها ومواقفها بعد أن اضاعت البلاد تسعة أشهر من الجدل المباشر وغير المباشر الذي أدى إلى اعتذار الرئيس الحريري المكلف عن الاستمرار في تشكيل الحكومة كنتيجة لانعدام الثقة بين الرئيسين عون والحريري بعد انتهاء مفاعيل التسوية الرئاسية التي انعكست سلبأً على العلاقة بين تياري المستقبل والوطني الحر وتحديداً الحريري وباسيل. وبمعزل عن إلقاء المسؤولية على هذا الطرف أو ذاك في الوصول إلى حتمية الاعتذار الا انه يفترض بنا أن نأمل أن لا يتكرر ما حصل بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف حتى لا تتحول أزمة التكليف والتأليف إلى أزمة نظام وصلاحيات بين المؤسسات الدستورية الثلاث ( القصر الجمهوري، القصر الحكومي ، ومجلس النواب) يزيد أزمات لبنان على تعددها أزمة دستورية تضاف إلى الأزمات الأخرى التي ترزخ البلاد تحت وطأتها . وعلى الجميع أن يدرك انه على الرغم من استقلالية المؤسسات الثلاث بحيث يفترض أن لا تطغى واحدة منها على المؤسسات الأخرى الا ان هذا لا يعني أن لا تتعاون وتتحاور وتتوافق على قواسم مشتركة تؤدي إلى بلورة صيغة مشتركة تخدم الوطن والمواطن وتقلص مساحة الأنا وتعزز مفهوم الشراكة الإيجابية والتوافق المثمر وخصوصاً في الأزمات التي تتكاثر كالفطر في المرحلة الراهنة دون أن يعني هذا ان الحوار أو التوافق أو تبادل التنازلات يشكل انتقاصاً من حق أي طرف باستقلالية قراره باعتبار ان القواسم المشتركة التي سيفرزها الحوار ستعزز الوحدة الوطنية وتقلص إمكانية استفادة القوى المعادية للوطن من خلافات من يفترض أن يجمعهم هدف واحد يؤكد وحدة الوطن ورفض الفتنة التي تنعكس سلباً على الجميع.
المطلوب اليوم أن نرتفع إلى مستوى التحدي وأن نبني دولة العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وان نقدم على اختيار وطن تصنعه سواعد أبنائه وليس صناعة تسويات لا تعطي الأولوية لبناء دولة المؤسسات التي تعطي المواطن حقه في الحياة الحرة الكريمة والتخلص من أدران الفقر والجوع والبطالة بعد أن اصبح هم الشبكة الحاكمة الحفاظ على مصالحها والغرق في جدل عقيم تتقدم فيه الرغبة في إلغاء الآخر قبل الحرص على انتشال الوطن من ورطته التي يواجه فيها عثرات الداخل وضغوط الخارج الحريص على تأمين مصالحه فقط وتأمين استمرار أدواته في خدمة أهدافه والا ما مبرر استمرار الحصار والسعي لمنع أي محاولة جدية لإنقاذ الوطن الذي يعيش المواطن فيه محروماً من كل شيئ بعد أن انهارت القدرة الشرائية لعملته الوطنية نتيجة الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار الذي تتحكم فيه رأسمالية متوحشة ترى طوابير الذل دون أن تحرك ساكناً وتشهد تنامي الجوع والبطالة وتستمر في تهريب أموالها للخارج.
المطلوب اليوم حكومة تنقذ الوطن وتهتم باستعادة عافيته وليس تلبية مصالح شبكة حاكمة غارقة في لعبة الاستئثار بكل شيئ غير عابئة بمصير وطن يتصدع بنيانه ويعيش حالة موت سريري تنتظر من يجرؤ على مكاشفة المواطن بحقيقة ما يجري من مناورات تهدد وحدة أبنائه ومستقبلهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى