المقالات

لنختر رجال دولة في لبنان\وليس رجال السياسة


بقلم المحامي عمر زين*

لقاءات عدة جمعتني مع المحامي المعارض قائد تجربة تناوب (السلطة) في المغرب هو الزميل المناضل المرحوم عبد الرحمن اليوسفي الذي انتخبته قيادة المحامين من الرجال الرجال في اتحاد المحامين العرب اميناً عاماً مساعداً للشؤون الدولية بعد ان فرضت عليه الظروف في الستينات من القرن الماضي ان يكون خارج المغرب، فكان كما عرفته لاحقاً له صولات وجولات مشهودة في التعبير عن شؤون وشجون ومواقف وطنه وامته العربية في المؤسسات الاممية والاقليمية التي تؤكد على الحرية والاستقلال والسيادة والديمقراطية والمساواة والعدالة الانسانية وحقنا في ارض فلسطين العربية والعمل على اجلاء المحتل الصهيوني عنها.
دعاه الواجب الوطني لاحقاً الى العودة لوطنه رئيساً لحكومة المغرب الذي قادها بكل الشفافية والنظافة والزهد في المال وبالوعي الوطني عاملاً لنهضة المغرب بكل النواحي الحياتية، وفي أمتنا والحمدالله الكثير الكثير من امثاله.
وما دعاني للكتابة عنه هو التوقيع على اتفاقية هبة منه تسلمت بموجبها مؤسسة ارشيف المغرب والوطنية للمتاحف ارشيفات وممتلكات الراحل عبد الرحمن اليوسفي.
قالت عنه ارملته هيلين اليوسفي:
“اعطى كل شيء للمغرب في حياته واليوم حتى الموت لم يستطع ان يقلل من حبه وعطاءه لوطنه”.
لقد شملت هبته راتبه الذي لم يكن يأخذه كوزير اول، وكذلك تقاعده وثمن عقار كان يسكنه في “كان” ، وثمن سيارتين ايضاً وحتى المنزل الذي كان يقطنه في المغرب سيتركه للمؤسسة الوطنية للمتاحف ليستعمل مقراً في تكوين الشباب والشعراء والفنانين، كما شملت هبته ايضاً لوحات واوسمة ووثائق مكتوبة ومسموعة سيستقبلها ارشيف المغرب كذلك.
وما دعاني للكتابة هو ان يصحى يوماً ضمير السياسيين الاحياء عندنا ليأخذوا العبرة من سيرة هذا الانسان العربي في حياته ومماته، ويدركوا بأن ما يحفظ ويخلّد الانسان ليست ثروته وسلطته بل اعماله واخلاقه ووطنيته.
اننا في زمن الالتصاق بالكراسي وفي زمن الفساد والافساد ندعو الى المساءلة والمحاسبة في كل الملفات وعدم السكوت مهما كلف ذلك من نضال.
والجدير بأن نذكر هنا قولاً لرئيس الجمهورية الفرنسية السابق “رينيه كوتي” في التمييز بين رجل السياسة ورجل الدولة حيث قال:
“الفرق بسيط جداً رجل دولة يريد ان يعمل شيئاً من اجل بلاده والرجل السياسي يريد من بلاده ان تفعل شيئاً من أجله”.
نقول هنا علينا جميعاً في لبنان ان نرفع الى مراتب المسؤولية في الانتخابات القادمة رجال الدولة وليس رجال سياسة، ولا يكون ذلك الا بتوحيد القوى الفاعلة الحقيقية العاملة للتغيير والخلاص الوطني بعد مغادرة “الأنا” و “الشخصانية” التي تقف دائماً وتعمل على إفشال الوحدة الوطنية التغييرية وتعطي الفرصة للطائفيين والمذهبيين ومنفذي الاجندات الاجنبية وغير الميثاقيين للبقاء، فلا يعطى اي عذرٍ بعد الآن لأيّ كان اذا لم يعمل ويبذل الجهود لبناء جبهة الخلاص الوطني والتي هي من واجبها ولديها القدرة على بلوغ الانقاذ المطلوب، وهذا يستدعي ايضاً التشبيك الشعبي الانتخابي الضروري لبعثرة قوى الطغمة الفاسدة.
فتشوا من الآن على من يتحلى بصفات رجال الدولة لنفوز بلبنان الرسالة.

*الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب
بيروت في 19/8/2021

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى