المقالات

لم يعد مجديا اعتماد أنصاف الحلول-2- كتب: عبدالله خالد

من الواضح أن لبنان ما زال أسير عقوبات وحصار اقتصادي فرضته سياسات بومبيو وتوجهات شينكر وإملاءات السفيرة شيا في بيروت والتي أدت بموجب قانون قيصر الهادف إلى تشديد حصار سوريا إلى إلحاق المزيد من التأزم في الوضع الإقتصادي والمالي والغذائي خصوصا بعد انهيار القدرة الشرائية للعملة اللبنانية. وسرعان ما ظهر بوضوح أن المطلوب من لبنان تنفيذ الإملاءات الأمريكية سواء عبر ترسيم الحدود البرية والبحرية مع فلسطين المحتلة خدمة للكيان الصهيوني والهيمنة على الثروة الغازية ومحاصرة حزب الله في تأكيد للهيمنة على القرار اللبناني والأمر الملفت للنظر أن شركاءنا في الوطن لا يأبهون لهذه الوقائع ويعتبرونها أمرا طبيعيا ويحملون المقاومة وسلاحها مسؤولية الإنهيار ويعتبرون أن لبنان خاضع لهيمنة السلاح الذي حرر لبنان ولإحتلال إيراني مقنع بواسطة المقاومة متجاهلين المهيمن الفعلي على البلاد. ورغم أنهم يطرحون الفدرلة والحياد ويرفعون شعار السيادة إلا أنهم قولا وعملا منحازون للمشروع الأمريكي ويسعون لتنفيذ كل طلباته بعد أن أصبحت مطالبهم تتخلص بأن سلاح المقاومة هو المشكلة وان المطلوب هو انتخابات نيابية مبكرة على أمل تشكيل أغلبية نيابية جديدة يتوهمون أنها ستكون لمصلحتهم.
وتكمن المفارقة في أنه على الرغم من ان إيران عرضت أكثر من مرة تلبية حاجة لبنان مقترنة بتسهيلات كاملة إلا أنها كانت تقابل بالرفض أو على الأقل التجاهل استجابة للضغوط الأمريكية التي طالت إمكانية الحصول على مساعدات من روسيا والصين ودول أخرى كما تم الضغط على الدول العربية في نفس الإتجاه. وهكذا بقي الغرب وتحديدا الولايات المتحدة تلعب دور الخصم والحكم معا. وهذا ما شجع رياض سلامة على وقف دعم المحروقات التي لم تعد متوفرة في السوق نتيجة تخزينها في المستودعات من قبل مافيات الإحتكار الراغبة في الحصول على المزيد من الأرباح وتهريبها للخارج وأبلغ كل المسؤولين بهذا القرار في مجلس الدفاع بشكل رسمي علما أنه كان قد أبلغهم من قبل بشكل إفرادي غير عابئ بالإنعكاسات السلبية لهذا القرار على الفقراء ومتوسطي الدخل دون أي إشارة جدية للبطاقة التمويلية (هذا إذا سلمنا بأنها ستصدر وأنها ستصل إلى من يستحقها وليس للاتصار والبلاد على عتبة التحضير للإنتخابات النيابية).
وكان من البديهي أن يتحرك سيد المقاومة وهو يرى طوابير الذل تزداد في أكثر من قطاع للإعلان عن اتصالات أجراها مع طهران لضمان الحصول على المحروقات وأنه لن يسمح بإستمرار إذلال اللبنانيين. وكان من البديهي أن يشكل هذا القرار نقلة نوعية على الصعيد الإستراتيجي لأنه يتعلق بالإقتصاد الوطني ولأنه يمس قوى أسياسية تشكل العصب الأساسي للشبكة الحاكمة المستندة إلى الرأسمالية المتوحشة والنظام المصرفي ومافيا الإحتكار والكارتل الطائفي والمذهبي ويشكل أول تهديد جاد لنظام عمره 100 عام امتهن الفساد ومارس المحاصصة وحرص على عدم إحداث أي تغيير مهما كان بسيطا يمكن أن يهدد الإقتصاد الريعي لمصلحة بلورة اقتصاد منتج يمكن أن يقدم قيمة مضافة للإقتصاد الوطني ويرسي حجر الأساس لتهديد مصالح الشبكة الحاكمة وحماتها وأدواتها.
وجاء اختتام أنشطة ذكرى عاشوراء ليشكل منبرا أعلن فيه سيد المقاومة أن إجراءات الحصول على المازوت الإيراني قد اكتملت وأن سفينة إيرانية ستبحر وأنها بمجرد مغادرتها الشواطئ الإيرانية ستصبح أرضا لبنانية وأن الإعتداء عليها سيواجه على هذا الأساس وأسقط في يد الصهاينة وحماتهم وأدواتهم خصوصا وأن الشحنة لا تحتاج لفتح اعتماد من المصرف المركزي.
وبذلك ارتفعت نسبة التحدي للإدارة الأمريكية-الصهيونية خصوصا وأن المقاومة مستعدة لكل الإحتمالات. وهكذا أكدت المقاومة مركزية دورها حين منعت تهويد القدس وأكدت قدرتها على منع استمرار طوابير الذل.
عبدالله خالد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى