المقالات

كيف نخفف معاناة المواطن؟ كتب:عبدالله خالد

الواقع ان سؤالاً بدأ يطرح نفسه في الأوساط اللبنانية في أكثر من منطقة من الجنوب إلى الشمال مروراً بالبقاع والجبل وصولاً إلى العاصمة بيروت وهو التالي: إذا كان مجرد طرح إمكانية استقدام المحروقات من إيران للتخلص من طوابير الذل التي شهدتها أماكن توزيع المحروقات من بنزين ومازوت وغاز والصيدليات بفضل غياب أغلب الأدوية والسوبرماركات لغياب المواد المدعومة وغلاء أسعار المواد الموجودة بشكل جنوني كنتيجة لانهيار القدرة الشرائية للعملة الوطنية وعدم القدرة على ضبط سعر الدولار الذي تتحكم به مافيات معروفة تحظى بدعم الدولة العميقة وحاكم المصرف المركزي وهندساته المالية التي طالما جاهر سلامة عبرها بمتانة العملة الوطنية وقدرتها على الصمود ليضطر بعد ذلك للاعتراف بانه أصبح مجبراً على رفع الدعم عن المواد المدعومة الأمر الذي أدى إلى زيادة الاسعار ثلاث مرات خلال فترة قصيرة استطاعت خلالها مافيات الاحتكار والتهريب جني أرباح بلغت مليارات الدولارات بعد تخزينها في المستودعات للمواد المفقودة التي انتهت مدة صلاحيتها دون أن يستفيد منها احد ولم يرف للفاسدين جفن علماً ان رفع الدعم بشكل رسمي سيؤدي إلى ارتفاع الاسعار مجدداً وسيكون الضحايا كالعادة الفقراء من خلال تحميلهم تداعيات ما حصل باعتبار انه لا يجوز المس بأرباح الأثرياء الذين أصدرت الشبكة الحاكمة قوانين تحمي ثرواتهم على حساب بؤس باقي مكونات الوطن كالعادة.
الأمر المؤكد انه لم يعد جائزاً استمرار السياسة المالية بالشكل الذي أدى إلى الانهيار المالي والاقتصادي والاجتماعي وانه لا بد من خطة بديلة لا تستند إلى استمرار النهج الذي مارسته الرأسمالية المتوحشة التي هربت أموالها للخارج وأفقدت صغار المودعين أموالهم التي تبخرت أمام أعينهم بعد أن أصبحوا متسولين يستجدون بعض أموالهم من المصارف. وإذا كانت الأزمة الاقتصادية قد ازدادت في البلاد نتيجة عدم رغبة الشبكة الحاكمة في إيجاد الحلول لها لقناعة لديها بانها قادرة على الخروج من أزماتها عبر ترحيلها وإلقاء تبعاتها على الآخرين وتأجيل الانفجار مرة أخرى عبر الاستدانة مجدداً وبيع ما تبقى من مؤسسات القطاع العام والعودة لاستخدام الغريزة الطائفية والمذهبية لاستعادة زمام ألمبادرة والخروج منتصرة كما كان يجري سابقاً الا ان تزايد طوابير الذل عبر تحميل تداعيات سلبياتها للأجيال القادمة أفسد خطة الشبكة الحاكمة هذه المرة.
ان مصلحة المواطن تفترض أن تأخذ الأولوية الأمر الذي يفرض مزيداً من الاهتمام بالوضع الاقتصادي والاجتماعي والحرص على إزالة كل العقبات التي تعيق تلك المهمة وتقديم المصلحة الوطنية لأغلبية المواطنين على مصلحة مافيات احتكار الاستيراد.
المطلوب اليوم تحصين عملية استقدام البواخر الإيرانية التي ستؤدي إلى خفض أسعار المحروقات في محاولة جادة لمنع حصرية استيراد المحروقات بمجموعة من الأسماء تجني الأرباح الطائلة لتحكمها بالأسعار نتيجة عدم وجود منافسة في هذا المضمار علماً ان الاقتصاد الحر يفترض ان لا يمنع دخول أطراف جديدة في عملية الاستيراد بل ان العكس هو الصحيح وبالتالي يفترض أن تستكمل مبادرة سيد المقاومة المتعلقة بالاهتمام بالبعد الاقتصادي بتشجيع إنشاء شركات خاصة تأخذ تراخيص قانونية من الدولة وتعمل ضمن قطاع الطاقة في مختلف احتياجاته بعد عملية رفع الدعم عن المشتقات النفطية بحيث تصبح الاسواق أسواقاً حرة قولاً وممارسة بهدف كسر الاحتكار وتعبئة فراغات الدولة . وبمقدار ما تتقدم وتتنوع المشاريع بمقدار ما تنعكس إيجاباً على حياة المواطنين ويمكن على سبيل المثال وليس الحصر إنشاء معامل كهرباء في المناطق على غرار معمل زحلة لتوريد الكهرباء بأسعار مخفضة الكلفة وتحديداً إلى قطاعي الصناعة والتجارة أسوة بالعرف المعمول به عالمياً مع إمكانية توسيع هامش المستفيدين منها. كما يمكن تفعيل وصيانة مصفاة الزهراني ودير عمار عبر استئجارها من الدولة أو إنشاء مصفاة خاصة لتكرير النفط الخام بهدف توفير مادتي البنزين والمازوت باسعار أرخص من استيرادها لما للطاقة من تأثير على حياة المواطن اليومية وصولاً إلى كسر احتكار مافيات استيراد المحروقات التي تبيعها بأسعار خيالية بفضل احتكار استيرادها خصوصاً وان الهم ألأساسي للدولة يفترض أن تكرس جهودها لمساعدة المواطن وتخفيف معاناته التي يتخبط فيها خصوصاً وانها ستزداد بعد رفع الدعم بشكل نهائي وبذلك تستعيد الدولة ثقة المواطن بها بعد أن يلمس على أرض الواقع ان الدولة بدأت مسيرة استنباط الحلول التي تسهم في تخفيف معاناته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى