الأخبار اللبنانية

وسط حضور حاشد وتظاهرة ثقافية في “مركز الصفدي الثقافي”:

دراسة “مجتمع النهر في طرابلس” للكاتب الراحل طلال منجد في كتاب

اعتبر المدير العام لمؤسسة الصفدي رياض علم الدين أن طرابلس غنية بمفكريها ومبدعيها، بقدر غناها بتراثها العريق، مشدداً على أن هذه هي الصورة الحقيقية لطرابلس، ومؤكداً عدم السماح لأحد بأن يعبث بها. ولفت إلى أن المعرفة التي لا ننميها كل يوم، تتضاءل يوماً بعد يوم. وحول رؤية مؤسسة الصفدي الثقافية، قال: “أردناها مسيرة نحو مجتمع خلاق يحافظ على التراث، يعكس القيم، يحترم التنوّع الثقافي ويغني الفكر. وما إطلاقنا لمكتبة المنى، إلا بهدف جعلها مكتبة عامة، تُثري العقول، تلهم الفضول الفكري، وتشجع على تطوير الذات والمجتمع المحلي في بيئتنا المتنوعة. وبالدرجة الاولى، التشجيع على القراءة والتعلم والتبادل الثقافي من أجل تعزيز المعرفة والمساهمة في توعية الفرد”.
من جهته أسف رئيس المجلس الثقافي للبنان الشمالي الدكتور نزيه كبارة لأننا في طرابلس: لا نحفظ تراثنا ومن يعمل في ذلك يلاقي صعوبات في إيجاد المعلومات والمراجع، لافتاً إلى أن المجلس يعمل منذ سنوات على أرشفة تراث المدينة في كافة المجالات، وشدد على عدم جواز السكوت عن حالة طرابلس وأسواقها في أيامنا هذه، مطالباً البلدية والمعنيين بتحمل المسؤولية، وداعياً المجتمع المدني إلى إطلاق صرخة مدوية تهدف إلى استعادة التراث بصورته القديمة أو على الأقل العمل على تحسين الواقع المزري الذي تعاني منه المدينة وأسواقها وبالأخص نهر أبو علي.
كلام علم الدين وكبارة، جاء خلال توزيع كتاب “مجتمع النهر في طرابلس”، للكاتب والإعلامي الراحل طلال منجد، الذي دعت إليه “مؤسسة الصفدي” بالشراكة مع “المجلس الثقافي للبنان الشمالي”، والذي تم في قاعة الشمال بمركز الصفدي الثقافي، وسط مشاركة حاشدة، أثبتت انتصار مدينة طرابلس لإرادة الحياة في معركتها المستمرة على الجهل والحزن والخوف.
فقد حضر الحفل سفير لبنان لدى مصر وجامعة الدول العربية الدكتور خالد زيادة وهو المشرف على الدراسة موضوع الكتاب، الى جانب ممثل النائب سمير الجسر الأستاذ ناصر عدرة، وممثل النائب روبير فاضل الدكتور سعد الدين فاخوري، رئيس بلدية طرابلس الدكتور نادر الغزال، القاضي نبيل صاري، أمين مال غرفة التجارة في طرابلس توفيق دبوسي، رئيس ملتقى التضامن الاقتصادي النقيب عامر أرسلان، رئيسة قطاع النقل في لبنان السيدة فاتن سلهب، رئيسة تجمع سيدات الأعمال اللبنانيات ليلى سلهب كرامي، عائلة الراحل منجد وأصدقائه، وحشد من اساتذة الجامعة اللبنانية والجامعات الخاصة في طرابلس والشمال وأصدقاء الراحل، ممثل نقيب الصحافة الإعلامي غسان ريفي، وحشد إعلامي من طرابلس والشمال، وطلاب جامعيون ومهتمون.
كتاب “مجتمع النهر في طرابلس”، الذي أعده رئيس المجلس الثقافي للبنان الشمالي الدكتور نزيه كبارة، يتضمن مذكرة بحث أعدت لنيل شهادة الجدارة في العلوم الاجتماعية (انثربولوجيا) للراحل منجد، إضافة إلى صور بالابيض والأسود عن مدينة طرابلس القديمة لا سيما منطقة السويقة وضفتي نهر ابوعلي، إضافة الى ملاحق مهمة بلغ عددها 12 ملحقاً تنوعت بين صور حديثة عن حياة المدينة وبعض آثارها، وشروحات عن طرابلس أو قصائد شعرية نظمت تعنياً بالفيحاء وبرتقالها، أبرزها ما قرأه الدكتور كبارة للحضور، وهي قصيدة عن طرابلس نظمها الشاعر الكبير نزار قباني خلال مشاركته في حفل نظمه نادي موظفي مصفاة طرابلس، في مطلع الخمسينات من القرن العشرين.

الحفل
بعد النشيد الوطني، كانت كلمة لعلم الدين، رحب فيها بالحضور، واستهلها بتسليط الضوء على الرابط الإنساني والاجتماعي بين الإنسان والمكان، بحيث اعتبر أن انتماء البشر للمكونات المادية، يشكل أهم مرتكزات تكوين هوية الإنسان، ليصل من خلالها إلى ذاك الرابط التاريخي بين نهر أبو علي والسكان المحليين من حيث الموروث الثقافي والعادات والتقاليد. وعن اختيار مضمون الكتاب قال: لقد جاء اختيارنا للدراسة بلفتة مشكورة من المهندس عصمت عويضة، حول أهمية العناية بهذه المذكرات البحثية ونشرها، بحيث تكون مرجعاً يستفيد منه الباحثون والمختصون وطلاب العلم والمعرفة، بقدر ما يستفيد منه أيضاً كل راغب في الاطلاع على تاريخ هذا النهر العريق وأثره في حياة الناس. وختم موجهاً الشكر للدكتور نزيه كبارة الذي انكب على إعداد الكتاب، ولجريدة التمدن التي عمدت إلى نشر هذه المذكرة البحثية، التي طرح المرحوم منجد سؤالاً في مقدمتها: لماذا مجتمع النهر؟ ليجيب على نفسه قائلاً: يشكل مجتمع النهر النواة الأولى لمدينة طرابلس الداخلية وهو قد تعرض منذ مطلع ستينات القرن العشرين لتغيير شامل وعميق تناول معالمه وأسسه ووجوده الديموغرافي، ليؤكد على الرابط الإنساني والاجتماعي بين نهر أبو علي والسكان.
تلاه الدكتور كبارة الذي عرض لمرحلة ما قبل إعداد الكتاب والفكرة من إعداده، ثم الصعوبات التي واجهته في تجميع المعلومات والمراجع، وصولاً إلى اختيار النصوص والصور المناسبة، ولفت إلى الملاحق التي اعتبر انها أضفت مادة مهمة أغنت القيمة التراثية والثقافية للكتاب. وهو إذ أثنى على قيمة دراسة المرحوم منجد، أعلن عن لقاء قريب في إطار الشراكة بين المجلس الثقافي للبنان الشمالي ومؤسسة الصفدي، لتوزيع كتاب جديد ومتميز حمل عنوان “شخصيات من طرابلس في القرن العشرين”. وأثنى كبارة على الشراكة القائمة بين المجلس ومؤسسة الصفدي التي تهدف إلى خير المجتمع والثقافة في طرابلس، عبر إنتاج كتب عن هذه المدينة العريقة، ثقافياً واجتماعياً، وتسليط الضوء على كل من قدم إسهامات لطرابلس في كافة المجالات.
أما عائلة المرحوم طلال منجد، فقد تحدث باسمها شقيقه الإعلامي صفوح منجد، الذي تحدث بتأثر بالغ عن تلك العلاقة القديمة والراسخة بين المرحوم طلال ونهر أبو علي، والتي بدأت منذ طفولته، حيث روى كيف أتى حزيناً إلى والده وهو يقول: سرقوا النهر، ليشير إلى حصول أمر ما في منطقة النهر التي اعتدنا زيارتها والتجول عند ضفتيه… تلك الحادثة التي دفعته بعد 17 سنة إلى إعداد دراسته الجامعية حول مجتمع النهر في طرابلس. وقال: لقد سرقوا نهر المدينة ثم سرقوا المدينة نفسها من تراثها وحضارتها في محاولة مكشوفة للقضاء على أي إمكانية للاستفادة تراثياً وسياحياً واقتصادياً من هذا الواقع التاريخي للمدينة… ثم تناول محطات ومراحل في حياة شقيقه طلال، خاصة ما قدمه الراحل الى مهنة الصحافة في مدينته طرابلس ولبنان عامة، حيث عمل في مختلف الصحف اللبنانية والطرابلسية لعقود طويلة.
وختم موجهاً التحية للسفير خالد زيادة على حضوره، مبدياً تأثره الشديد خاصة أنه كان المشرف على دراسة شقيقه، ولكل من المجلس الثقافي للبنان الشمالي ومؤسسة الصفدي على هذه المبادرة بنشر الدراسة في كتاب، والحضور الحاشد، كما شكر جريدة التمدن التي بدأت بنشر الحلقات الأولى من الدراسة، مستشهداً بما كتبه صاحبها الأستاذ سنكري في مقدمتها: “مع نشر هذه الدراسة نتذكر طلال منجد الذي كان غارقاً حتى النخاع في حب مدينته والذي كرس كل عمره وجهده وتعبه وقلقه وإبداعه وألمعتيه في سبيل الإضاءة على هذه المدينة العريقة في مواجهة كل الإساءات التي طالتها”.
وفي الختام، تم توزيع الكتاب على الحضور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى