المقالات

رحيل إيتالو بيتيو \ د. قصي الحسين

يوم الأربعاء الأخير:28/12/2022، طوى مبدع “شابي- شوبو”، إيتالو بيتيول، الإيطالي الأصل، ليلته الأخيرة في منزله ب ” أنيان”، جنوب فرنسا. رحل عن96 عاما. تاركا فراغا عظيما في ذكريات عالم المسلسلات الكرتونية للأطفال.

لا ننساه، نحن. كنا في عز الأزمات التي تعصف بلبنان في السبعينيات من القرن الماضي، نتابع إبتكاره العظيم على الشاشة الصغيرة. نلهو ونتسلى، ونتعلم. وتتحرك مشاعر الطفولة فينا، ونحن نشاهد مسلسلاته وأفلامه الكرتونية المخصصة لعالم الأطفال. كان حقا مبدعا. كان حقا رائدا. كان حقا عالما وفنانا في آن.

وصبيحة الأربعاء، نعته شركة ماجيك التي تنشر أعماله، ببيان عن إيريك فالان، والذي هو من خلصائه ومن أصدقائه. وهو إلى ذلك مساعده، قائلا: إن الرجل التسعيني مات. “توفي بسلام”.

ونحن لا زلنا نتذكر من سلسلة “شابي- شوبو”، أشهر أعماله الفنية الكرتونية: الصبي الصغير، بردائه الأزرق. والفتاة الصغيرة، بردائها الزهري. وهما يعتمران قبعتين كبيرتين. ولم يلبث أن صار ذلك موديلا وزيا. الطفل بلباسه الأزرق. والطفلة بلباسها الزهري. وحوار الطفولة العذب الذي يجري عادة بينهما.

عرض المسلسل الكرتوني لإيتالو بيتيو: “شابي- شوبو” ، لأول مرة، في شهر أكتوبر- تشرين الأول من العام1974. وكان قد نال هذا المسلسل الرائد في عالم الطفولة العذبة، إعجاب المهتمين في جميع بلدان العالم. وصولا إلى الولايات المتحدة الإميركية، المشهورة بمثل هذة الأعمال الفنية. فسارعت إلى بث السلسلة المؤلفة من ستين (60) حلقة، عبر قناة نيكلوديون، الذائعة الشهرة.

توقف كثير من المهتمين والمتابعين والنقاد المسرحيين لمسرح الصغار، عند رحيل هذا الفنان العظيم. ولا غرو، فقد أتقن إيتالو بيتيول، منذ مبتدئه في هذا النوع من الأعمال المسرحية الكرتونية، فن “إيقاف الحركة” أمام الكاميرا، لتظهر وكأنها تتحرك ذاتيا. فهو إذا بكل إستحقاق، مبدع الحركة الجامدة. أو لنقل مبدع “البرهة الجامدة” أو مبدع “اللحظة الثابتة”، في الصورة المتحركة، والتي يبني عليها مشاهده العذبة للغاية. فكان يتابع أعماله، جيل الشباب وجيل الكبار، تماما كما يتابعه جيل الصغار، بالإهتمام نفسه. وكل يأخذ عنه ويتعلم منه، ويتأثر به. حتى لكأنه ترك آثاره التربوية والتعليمية والحيوية، والحياتية والفنية في كل نفس.

ومنذ تخرجه من كلية الفنون الجميلة، بمدينة ميلانو في إيطاليا، قرر إيتالو بيتيول، أن يستكمل طموحه، ليكون أحد الرسامين الكبار لعالم الطفولة.

ولإستكمال دراسته، وتحقيق طموحاته الفنية، غادر مدينته الإيطالية ترييستي، إلى فرنسا عام1947، مع رفيق الدراسة “ستيفانو لوناتي”، ليؤسسا معا، فيما بعد شركة بيلوكابي، العام1968، وذلك بالشراكة الكاملة، وبالتكافل والتضامن معا في آن. وخصوصا مع السيدين كارلوف ونيكول بيشون.

حقيقة، بنى الفنان إيتالو بيتيول، شهرته الفنية، على عمله الرائد و العظيم، والذي هو عبارة عن مسلسل مؤلف من60 حلقة كما قلنا سابقا. وكل حلقة لا تمتد لإكثر من خمس (5) دقائق. ولا نغالي إذا قلنا: إن هذا العمل الأولاني الفريد والرائد والمستجد، في الأعمال الفنية المخصصة للأطفال، كان وراء نجاحه العظيم الذي حققه، طيلة مشواره الإبداعي الفني، لعالم الرسوم المتحركة وعالم الأطفال.

أستاذ في الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى