المقالات

آراء حول الدين والسياسة والمجتمع والإقتصاد والإعلام والفن
بين الدولة والسلطة ومن يدير الدولة \ أسامة إسماعيل

يجب التمييز بين الدولة والسلطة. فالدولة هي البناء الدستوري والقانوني والإداري لبلد ما، فيما السلطة هي مجموعة الأشخاص الذين يديرون الدولة. فإذا كان هؤلاء الأشخاص سيئين وغير جديرين بإدارة الدولة وأتت بهم ظروف وأحداث معينة وانتخابات شعبية عددية طائفية حزبية عشائرية ويصعب جدا"تغييرهم واستبدالهم بنخبة مثقفة مستقلة، فلا يعني ذلك رفض استمرار الدولة وإدارتها لتسيير الشؤون الإقتصادية والمعيشية والإنمائية للبلد. فهنالك فرق بين استمرار الدولة وإدارتها وإن كانت سيئة، ومن يدير الدولة وهم سيئون. فتغيير هؤلاء الأشخاص ونهجهم في إدارة الدولة يحتاج إلى أسس ووسائل غير المتبعة حالياً َمثل الإنتخابات العددية الطائفية الحزبية والتظاهرات الشعبية والأحزاب الطائفية والإيديولوجية الشعبوية والتدخلات الخارجية. ولن يغير انتخاب رئيس الجمهورية الواقع السيء والنهج والأداء في إدارة الدولة، ومايحدث هو مسرحية خلاف حول هذا المنصب لأجل نفوذهم ومصالحهم ودول خارجية وليس لأجل تغيير الواقع للأفضل وتحسين الأوضاع العامة ومعالجة الأزمة الراهنة. ولو كان مفهوم السياسيين والأحزاب والمجموعات للسياسة والمناصب في الدولة هو الإدارة والتنمية وتحسين الأوضاع لما سببوا هذه الأزمات ولما أثاروا الضجيج ومسرحيات الإلهاء حول منصب رئيس الجمهورية أو أي منصب آخر فترات طويلة!!!
      التعصب الديني والطائفي والقطيع الإجتماعي

المتعصبون دينياً وطائفيا”يشبّهون حركات الإنسان الذي يسير في القطيع الإجتماعي وأثناء الطقوس والشعائر والمناسبات الدينية والمذهبية بدوران الإلكترونات حول الذرة ودوران الكواكب حول الشمس والنجوم، ونسي هؤلاء أن هذه الأشياء لاتملك عقلا” وإرادة فردية بل هي تتحرك وتدور تلقائياً ولاإراديا” بحكم الطبيعة والضرورة، ولا تملك خيار القبول والرفض وكذلك الحيوان الإجتماعي. أما الإنسان فيستطيع بعقله وإرادته رفض السير في القطيع الإجتماعي والمشاركة في شعائر وطقوس ومناسبات وعادات دينية ومذهبية وإيديولوجية وسياسية وحزبية واجتماعية غير مقتنع بها ولايرتاح لها وضد مصلحته ورغبته. فالمثقف الحقيقي الحر المستقل غير مقتنع بأن الدين مجموعة مناسبات وشعائر وطقوس وعادات وأناشيد ولطميات تقوم على حالة القطيع الإجتماعي والضجيج والضغوط النفسية والإجتماعية والإقتصادية وتقليص حدود الحرية والخصوصية الفردية وقيمة الفرد، وعلى معتقدات جاهزة وجامدة وولاء وتقديس وتعظيم لأشخاص بشريين وعلى عواطف وغرائز ومصالح جماعية بل يجب أن يتوافق مع العقل وإلارادة الفرديين والعلم والإيمان الحقيقي ويجب أن يساعد الفرد على التحرر من عبادة الأشخاص أو تقديسهم والولاء لهم، وتحقيق الهدوء والراحة النفسية. ويجب أن يساعد على تحقيق العدالة والتوازن لاتفضيل أشخاص على آخرين بالوظائف وفرص العمل والمال والمكانة رغم عدم كفاءتهم وجدارتهم ورغم أخلاقهم السيئة لأنهم يتبعون أحزابا”دينية مذهبية أو طائفية ويخدمونها ويشاركون القطيع الإجتماعي بالمناسبات والشعائر والطقوس والعادات والمظاهر والقشور!!!
دور وسائل الإعلام والتواصل
حصروا دور وسائل الإعلام بنقل أخبار السياسة الآنية والإنتخابات ومسرحيات الخلافات والتوافقات والمناسبات المذهبية والطائفية والحزبية والبرامج السطحية التي تروج لمفاهيم وعادات وأنماط سلوك إجتماعية لم تنتج ولن تنتج إلا التسلط والقمع والتعصب والفوضى والظلم والتفاوت والإزعاج والضغوط النفسية والإجتماعية والإقتصادية، وأبعدوا دورها عن التثقيف والنقد والإرشاد إلى المفاهيم الحقيقية والصحيحة للدين والسياسة والمجتمع والإقتصاد والفن وأسباب الأزمات المالية والإقتصادية والإجتماعية وسبل معالجتها، بل إن بعضها يسهم في ترسيخ المفاهيم والمعتقدات وأنماط السلوك التي تفرضها السلطات الدينية ومن يسمون”الزعماء” والأحزاب والتقليديون والشعبويون والأثرياء والسطحيون حول الدين والسياسة والمجتمع والإقتصاد والفن حيث يقصى العقل والإرادة الفرديان والتجربة الفردية والعلم والثقافة النخبوية الحرة المستقلة ويقدّم عليها التأثر الإيديولوجي والعاطفي والغرائزي والمصلحي بالقطيع الإجتماعي أو الجمهور المتأثر، بدوره، بفارضي هذه المفاهيم والمعتقدات وأنماط السلوك ومروجيها.
بين الفن الراقي والفن المزيف
الفن الراقي يخاطب العقل قبل العاطفة فيما الفن المزيف يخاطب العاطفة والغريزة والمعتقدات الجماعية الجاهزة فقط. ولافرق في هذا بين الفن المتعلق بالحب والغزل، والفن المتعلق بالدين والمذهب الديني والإيديولوجيا، والفن المتعلق بالسياسة والأحزاب والعسكر، وتندرج في هذا الإطار الأغاني الصاخبة والتافهة والأناشيد والندبيات أو اللطميات المذهبية والطائفية والحزبية. يقول أفلاطون :”الفلسفة الموسيقا العليا” ويقول شوبنهاور:”في حالة التأمل الجمالي والفن يسود العقل وفي هذه الحالة تتحقق السكينة والهدوء.” ويقول جون لوجان:”الموسيقا دواء العقل” ويقول بيتهوفن:”من عمل بيده وعقله وقلبه فهو فنان” ويقول أيضاً :”الموسيقا أبلغ من أي حكمة” ويقول ويلسون:” إذا كانت الموسيقا صاخبة غبية فإنها تنفيك كالألم. “ويقول جونسون :” للفن عدو اسمه الجهل”. ويقوم الفن الراقي والموسيقا الراقية والهادئة بدور مشابه لتأمل الكون والمناظر الطبيعية من حيث إراحة النفس وتهدئة الأعصاب والتحرر والإبتعاد عن الضجيج والإزعاج والضغوط النفسية والإجتماعية والمادية. يقول أرسطو :” الفن محاكاة للطبيعة. يساعد على فهمها ويكمل مالم تكمله.” ويقول شيلر :”الفن ذراع الطبيعة اليمنى”، ويقول نيتشه :”كما أن الطبيعة تحتاج إلى الفيلسوف، تحتاج إلى الفنان”، ويقول بنداتيكت :”الفن نافذة تتنفس منها الروح”. وهكذا يجب أن يكون الدين مثل تأمل الكون والطبيعة، والفن الراقي والموسيقا الهادئة تحرر الفرد من عبادة الأشخاص البشريين أو تقديسهم والولاء لهم، ومن حالة القطيع الإجتماعي والضجيج والضغوط والهموم فيما المناسبات والطقوس والعادات السائدة والأغاني والأناشيد والندبيات أو اللطميات المرتبطة بها تتعارض مع هذه الأهداف.
أسامة إسماعيل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى