ثقافة

عبادة البقر عند من هم كالأنعام أو أضل سبيلا

بقلم:الدكتورة ايمان محمد الشماع العميد السابق لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالإسكندرية

كثيرا ما سمعنا عن عباد البقر من الهندوس بالهند أو غيرهم فى بلاد أخرى لكن ما يستحدث على آذاننا و يمجه سمعنا و تشرأب له أعناقنا هو أن إعلاميا مسلما مصريا يروج لعقائد و فكر و طقوس هؤلاء الأنعام و هو ممن يعد الأن ضمن رموز محاربة الإسلام بعولمة الأفكار الشاذة و يأبى القلم و يترفع عن ذكر اسمه لدنو فكره و ضآلة منهجه بل يكاد يأن بصرير مسموع لسرده مجبرا مثل هذه الهراءات والتى لولا حمية روح الإسلام و حقه علينا فى قمع هذا الوباء قبل التفشي لما كان منا إلا التجاهل.
فالهندوس و هم أقدم الديانات الحية فى الهند و يمثلون نحو ثمانين بالمائه من سكانها يقدسون البقرة تقديسا خاصا فهى مبجلة لديهم لدرجة أنه لا يجوز للهندوسى أن يمسها بأذى أو يذبحها و إذا ماتت دفنت بطقوس دينية , و السر وراء هذا التقديس انها كانت من أغلى ثروات الآريين لمنافعها , قال حكيم الهند غاندى فى مقال بعنوان (أمي البقرة) بمجلة بومباي بالهند (عندما أرى البقرة لا أعدنى أرى حيوانا فهى رباط أخوة بين الإنسان و الحيوان و أن البقرة الام افضل من الام التى ولدتنا و حمايتها هى حماية لكل المخلوقات).
نتسائل و نتعجب كيف لهؤلاء العباقرة و العلماء فى الهند أن يدنوا بعقولهم لعبادة مثل هذا المخلوق الضعيف الذى يموت و يأكل و يتغوط و يعجز أن يدافع عن نفسه حتى من ذبابة تقف على أنفه ولا يقدر أن ينجو بنفسه من سكين الجزار حين الذبح , إن هذا هو منطق الوثنيين منذ أقدم العصور , فالذين عبدوا الشمس نظروا إلى منافعها و الذين عبدوا الشجر كذلك فهلا عبدوا مسبب الأسباب , و نتعجب أيضا هل إن كانت البقرة استطاعت ان تقنع عباقرة الهند بعبادتها فهل لمسلم عربي أن يقنع بذلك بل و يروج له حتى أنه يشير لمظهر البقرة بالانوثة و الليونة و الضخامة ما يدعو لعبادتها و ان ما يفعله الهندوس من ترك البقر بالشوارع لما لهم من حق الانتقال حتى و ان كان الطريق مزدحما و معطلا لمصالح المارة فهو فى نظره رقي و احترام و تحضر.
فهل معنى أن البقر رمز للخصوبة و العطاء فى هذه الدنيا اننا نقدسه و نعبده فهو يضفي على البقر هالة من التقديس و الإعجاب فى الوقت الذى يصف فيه البشر بالقسوة فى التعامل معها و لقد حفظ الإسلام حق الحيوان و نظم العلاقة بين البشر و بين كافة مخلوقات الله , قال تعالى ” و ما من دابة فى الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم امثالكم ” كما انه نهى عن قتل الحيوانات بغير حاجة و نهى عن كافة أشكال التعذيب للحيوان حتى طريقة ذبحه لها قوانين إسلامية كما نهى الاسلام حتى عن ضرب الحيوان فى وجهه , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أما بلغكم أنى لعنت من وسم البهيمة فى وجهها او ضربها فى وجهها ” و إذا كان للحيوان على وجه العموم هذا التكريم فى الاسلام فإن البقرة مكانة و رفعة خاصة , قال تعالى ” ولكم فيها جمال حين تركبون و حين تسرحون ” و لها فالمصحف اكبر سورة تحمل اسمها و هى سورة البقرة مكونة من 286 آية كما انها ( الذبيحة المقدسة ) لدى الاديان الابراهيمية ” اليهودية و المسيحية و الاسلامية ” و لكن هل معنى ذلك اننا نعبدها من دون الله فالاصل فالحيوان انه مسخر لخدمة الانسان فأنى له بعد ذلك أن يعبده فالله تعالى كرم الانسان على كافة انواع المخلوقات من الحيوان و الطير و الجماد انما نزلت سورة البقرة كانت تخص بنى اسرائيل حينما قتل احد منهم فأمرهم الله بذبح بقرة ليضرب القتيل بجزء منه فينطق باسم قاتله ( إن الله يأمركم ان تذبحوا بقرة……) انظروا هانت البقرة مع كل نفعها و فوائدها المكرمة فذبحت لتكريم أعلى و هو رجوع حق انسان قتل و حين ذبح كبش ابراهيم كان لفداء انسان ايضا و هو ولده اسماعيل عليه السلام و حينما قدم هابيل ولد آدم عليه السلام قربانا لله قدم كبشا من الضأن إذا يذبح الحيوان و يباح دمه أمام فداء الانسان و حفاظا على بقاءه و حقوقه , قال تعالى ” ولقد كرمنا بنى ادم و حملناهم فى البر و البحر و رزقناهم من الطيبات و فضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ” و قد صور الله من يعرض عن استخدام ما سخر الله له من قلوب و أعين و اذان بأنهم أكثر ضلالة من الانعام و البهائم من الحيوانات و من تكريم بنى ادم قوله تعالى “هو الذى أنزل من السماء ماء لكم منه شراب و منه شجر فيه تسيمون” و قوله ” والخيل و البغال و الحمير لتركبوها” و قوله ” و جعل لكم من الفلك و الأنعام ما تركبون ” و قوله “و سخر لكم ما فى السماوات و ما فى الارض جميعا” .
الانسان تميز عن باقى المخلوقات و سائر الحيوانات بأمور خلقية طبيعية ذاتية مثل العقل و النطق و الصورة الحسنة والقامة المديدة و أمره بإصلاح الأرض و إعمارها و الحفاظ على كافة مخلوقات الله الاخرى فا الانسان له التكريم و التفضيل لاكتساب العقائد الحقه لا يغلق عقله عن التدبر ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) فعبادة ما دون الله شرك بالله و ( إن الشرك لظلم عظيم ) ( إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة و مأواه النار و ما للظالمين من أنصار) (يا ايها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له)
و أخيرا اقول لهذا الاعلامي إنك امرؤ فيك جاهلية فهل يسوى بين عبادة الله الواحد الاحد الفرد الصمد و بين ما اعتنقه بعض الهنود من تقديسهم البقر و عبادتها من دون الله , أين عقلك لقد صدق قول الله فيك ” أفرأيت من اتخذ إلهه هواه و أضله الله على علم و ختم على سمعه و قلبه و جعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله افلا تذكرون” و الله الموعد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى