المقالات

التسامح والاعتدال والوسطية هو السبيل للوصول بالوطن الى شاطئ الامان – بقلم : نسيم ضناوي

منذ تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل حكومة الانقاذ الوطني، والانقاذ الحقيقي هو هاجس يراود فكر هذا الانسان الذي عرفه الناس مؤمنا بنهج “أن التسامح والاعتدال والوسطية هو السبيل للوصول بالوطن الى شاطئ الامان”. ولم يكن يدرك الكثيرون ان هذا الانسان القِيَّمي في السياسة، لم يكن ليتخلى عن منهجه في اي ظرفٍ من الظروف وتحت اي ضغط مهما اشتد، ومهما طالت الفترات.

لم يكن يدرك الكثيرون أن هذا الليِّن الهيِّن السهل، ممتنعٌ ممانعٌ صلبٌ شديدٌ في وقت الصلابة والشدة قويُ في موقفه. يعرف كيف لا يكون ليناً فيعصر او قوياً فيُكسر فيمارسُ وسطيتَه ممارسةً عمليةً ذكيةً بحنكةِ السياسي ولكن في بعدٍ وطنيٍ قلَ نظيرهُ وندرَ في السياسةِ اللبنانيةِ والعربية.

مرور حكومة الانقاذِ الوطني في هذه الفترةِ بمخاضِِ التشكيل أكَدَ فكرة قد تغيبُ عن ذهن الكثيرين، أن الأقوى والأجدر والأكفأ والأحكم والأنزه والأولى بتولي رئاسةِ الحكومةِ اللبنانية في هذه الفترة الدقيقة والحرجة التي تمر بها الصيغة اللبنانية والوطن اللبناني والمنطقة برمتها، هو فقط وفقط ذلك الوسطي قولا وفعلا الرئيس نجيب ميقاتي، لا لشخصه فقط ولكن لممارسةٍ وتاريخٍ، وسيرةٍ ومسيرةٍ نجحَ فيها سابقاً وسينجحُ فيها اليوم بإذن الله لقيادة الوطن الى الامن والامان والاستقرار والازدهار.

هذه الفترة رسَّخت في أذهاننا فكرة أن نجيب ميقاتي هو الأمثل للحفاظ على صلاحيات رئاسة مجلس الوزراء التي هي منصب وطني بامتياز لأنها رئاسة لمجلس قيادة البلاد لمجلس لا يأخذ قراره الا مجتمعا والسلطة بيده مجتمعا فالمحافظة على هذه الصلاحيات هي محافظة على الوطن والصيغة والدستور.

هذه الفترة أوضحت للقاصي والداني، والمقرب والبعيد، والحليف والخصم، أن هناك خيار اخر دائما في السياسة، وان مبدأ “إما أو” او الثالث المرفوع لا يمكن ان يكون هو الحل دائما، وان أسلوب السنبلةِ التي تنحني أمام الرياح ثم تشرئب منتصبة وتعود لتخرج الخير للناس، هو أسلوب يمكن اعتماده في لبنان للخروج من الأزمات التي يكابدها هذا الوطن، بسبب هذه الانقسامات الافقية والعامودية وبسبب التطرف في الآراء، والتشبث بكثير من المواقف واخذ الوطن الى مغامرات وويلات التي قد يظهر في كثير من الاحيان عدم صوابيتها، ولكن بعد خراب الديار ولات حين مندم.

هذه الفترة أصَّلت عندنا فكرة ان السنة ليسوا طائفة او مذهب، إنما امة حاوية ووعاء جامع لا يمكن ان يؤخذ بعيدا عن قيمه وتاريخه ووجوده المرتبط بعمق جذوره ووحدة مصيره. وان السنة لا يمكن إلا ان يكونوا حراساً للدستور أمناء على الصيغة موالون للعيش الواحد وللوجود المشترك.

هذه الفترة ثبَّتت عندنا فكرة ان الرجال لا تعرف بالمناصب انما المناصب تعرف بالرجال، وأنه لا يمكن لمناصبٍ او لمواقعٍ مهما علت أن تغير قناعات أوتبدل قرارات أو تهز ثوابت راسخة عند مارد السياسة اللبنانية نجيب ميقاتي.

طالت وقد تطول الفترة لكننا واثقون أنها كلما طالت تعلمنا منها وقوَّينا قناعتنا بافكار وطنية جامعة، فلتطل او تقصر قدرما شاءت هذه الفترة، ولتأتي فترات وازمنة نتعلم فيها يوما بعد يوم مع أستاذ السياسة نجيب ميقاتي الكثير من الافكار وندرس على يديه نمطأ ومنهجا واسلوبا جديدا في السياسة.

ضاقت فلما استحكمت حلقاتها      فرجت وكنت أظنها لاتفرج

نسيم ضناوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى