المقالات

معضلة تشكيل الحكومة… إلى أين ؟-3 – كتب: عبدالله خالد

تشابك مصالح قوى الداخل ووتداخل ضغوط إرادات الخارج وفقدان إرادة السعي للوصول إلى توافق يؤدي إلى قواسم مشتركة تسرع حل الأزمات التي استهدفت الوطن وتقدم مصلحة الوطن على مصالح أطراف الشبكة الحاكمة الغارقة في الفساد والمحاصصة الأمر الذي أفقد الشعب ثقته بالدولة التي تخلت عن دورها الرعوي لمواطنيها. وإذا كانت أزمة الثقة بالدولة أصبحت حقيقة واقعة إلا أن أزمة ثقة مستجدة برزت على الساحة بين الرئيس عون والرئيس المكلف سعد الحريري بعد انتهاء مفعول شهر العسل بينهما التي أوصلت الرئيس عون إلى قصر بعبدا مقابل وصول سعد الحريري إلى القصر الحكومي. وكانت فترة شهر العسل قد عززت العلاقة بين جبران باسيل ونادر الحريري انعكست إيجابا على تقاسم المصالح التي هددها غياب نادر عن المسرح ليتحول الوفاق إلى تضارب في المصالح دفع الحريري إلى زيادة تلاحمه مع الثنائي جنبلاط جعجع وانسحابهما من الحكومة وانضمامهما إلى حراك 17 تشرين الذي دعا الحريري للإستقالة واستجابة الحريري بتلبيته هذا المطلب ودعمه لمطالب الحراك ورفضه تشكيل حكومة جديدة إلا بتلبية شروطه وإطلاق يده في عملية تشكيل الحكومة وهذا ما رفضته الأغلبية النيابية وشكلت حكومة حسان دياب التي اضطرها انفجار 4 آب لتقديم استقالتها لتتحول إلى حكومة تصريف أعمال فقط.
مع إطلاق المبادرة الفرنسية وتكليف السفير أديب يتشكيل الحكومة واعتذاره عن اكمال مهمته سارع الرئيس سعد الحريري لطرح نفسه لهذه المهمة وبدأ مشاوراته ووعوده لبعض القوى وتجاهله لقوى أخرى وإعلان شروطه معتبرا أن مهمة النواب تقتصر على تكليفه وإعطائه الثقة على الحكومة التي سيشكلها منفردا كبداية لأحداث انقلاب ينهي الأغلبية البرلمانية ويفرض أغلبية جديدة تنقل لبنان من موقع لأخر. وهذا ما دفع قوى الأغلبية للفصل بين عمليتي التكليف والتشكيل كمقدمة للضغط على الحريري ومحاصرته وتليين مواقفه. وهكذا كلف الحريري وعقدت 12جولة بين الرئيسين عون والحريري دون جدوى. فالحريري يستخدم معايير مزدوجة في تشكيل الحكومة قد ترضي البعض وتغضب البعض الآخر ولكن الجميع بحاجة له لأنه الوحيد القادر على إرضاء الخارج وجلب المساعدات مستندا إلى مساندة جنبلاط- جعجع في الداخل وتمسك أمل والحزب به ومتجاهلا الغضب السعودي بعد كسب الدعم التركي الإماراتي المصري والدعم الفرنسي الذي سيبدل الموقف السعودي. ومع بدء محاولات الوساطة الداخلية المتعددة الأطراف في محاولة للوصول إلى قواسم مشتركة تسمح بتسهيل عملية التكليف بدأها البطريرك الراعي وتزامنت مع جولات اللواء عباس ابراهيم وجهود الوزير جان عبيد واستكملت بمحاولات الرئيس بري وجس نبض من قبل حزب الله ظهر أن إعادة الثقة بين الرئيسين عون والحريري تكاد تكون مستحيلة فالرئيس الحريري يعتبر أن الحكومة العتيدة ستستمر حتى نهاية العهد وأن عدم إجراء انتخابات نيابية وبعد ذلك رئاسية سيجعل السلطة بيد الحكومة التي يفترض أن تكون له الأغلبية فيها لضمان استمراره وهذا ما جعله يتشدد في مطالبه. أما الرئيس عون فيعتبر أن شروط الرئيس المكلف ستلغي حلم باسيل بخلافة عمه ولذلك فإنه يريد أن يكون شريكا في تشكيل الحكومة ليضمن عدم هيمنة الحريري وحلفائه عليها… وهكذا عادت مشاورات التكليف إلى المربع الأول وبدأ التطلع إلى الخارج مجددا.
عبدالله خالد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى