المقالات

حكم مس الكلب الثوب هل ينقض الوضوء أم لا:

بقلم:الدكتورة لمياء عبد الجليل مدرس الفقه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات جامعة الأزهر بالقليوبية

فقد اتفق الفقهاء على أن مس الكلب غير ناقض للوضوء ثم
اختلفوا في نجاسة الكلب بجميع أجزائه ووجوب غسل المكان الذى لمسه على ثلاثة مذاهب :
المذهب الأول:
ذهب الحنفيَّة والحنابلة في رواية إلى أن الكلب طاهر العين بمعنى أن جسمه طاهر، لكن لُعابه ورطوباته وسؤره محل النجاسة.
لأن مجرد ملاقاة النجاسة الجامدة لمثلها لا تنجسه.
وعلى هذا من لمس الكلب ليس عليه إعادة الوضوء، لكن إذا مس رطوبة منه شيئًا من الثوب تغسل محل الرطوبة، أما إذا مس الثوب جلده وهو يابس ما يضر، لكن إذا كان رطوبة: (شيء من بوله، أو ريقه (لعابه) يغسل ما أصيب سبع مرات، ويكون فيها واحده بالتراب.

فقد جاء في بدائع الصنائع ” اختلف المشايخ في كون الكلب نجس العين فمنهم من قال انه نجس العين ومنهم من قال (ليس بنجس العين وهذا اقرب القولين إلى الصواب ”

واستدلوا بما روى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً. وفي رواية مسلم: أولاهن بالتراب.

المذهب الثاني:
ذهب الشافعية والحنابلة في المشهور إلى نجاسة عينه ولُعَابِه.
وعلى هذا القول الكلب نجس مطلقاً ويجب غسل الجزء الذي لمسه.
فقد جاء في الام للشافعي ” جلد الكلب والخنزير لا يطهر بالدباغ لأن النجاسة فيهما وهما حيان قائمة وإنما يطهر بالدباغ ما لم يكن نجسا حيا والكلب والخنزير لا يطهران بحال ابدا ”
و جاء في المغني لابن قدامة: “النجاسة قسمان نجاسة الكلب والخنزير والمتولد منهما فهذا لا يختلف المذهب في أنه يجب غسلها سبعا احداهن بالتراب ”

واستدلوا على ذلك بالحديث السابق وقياس الكلب على الخنزير وقد قال تعالى (قُل لَّا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)

المذهب الثالث:
ذهب المالكيَّة إلى أنه طاهر العين ولعابه ورطوباته من عَرَقٍ أو دَمْع أو مخاط كذلك.
وعلى هذا القول إذا مس شخص كلب فليس عليه إعادة الوضوء ، ولا غسل ما لمس حتى وإن لمس لعابه أو أى شئ من رطوباته.
واستدلوا بقوله تعالى:(يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ ۖ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۙ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ ۖ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)
وجه الدلالة: أن مايمسكه الكلب لابد من وصول اللعاب إليه فدل ذلك على أن لعابه طاهر.
الرأى الراجح:
أرى أن قول الحنفية بأن الكلب طاهر العين بمعنى أن جسمه طاهر، لكن لُعابه ورطوباته وسؤره محل النجاسة.
لأن مجرد ملاقاة النجاسة الجامدة لمثلها لا تنجسه، هذا القول أولى بالترجيح ، لأننا لوقلنا برأى الشافعية والحنابلة بنجاسة الكلب مطلقا لكان فى ذلك حرج كبير على المسلمين فعندما تملئ المساجد يقوم الناس بالصلاة خارج المسجد، ولا يتحرز من مجئ الكلب، أو لمسه لبعض المصلين .
فقد ثبت عن ابن عمر أنه قال: “كانت الكلاب تقبل وتدبر وتبول في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكونوا يرشون شيئاً من ذلك”. رواه البخاري.

ومَفهومُ الحديثِ: أنَّها كانتْ تَبولُ خارجَ المسجِد في مَواطنِها، وتُقبِلُ وتُدبِر في المسجِدِ عابرةً؛ إذ لا يَجوزُ أنْ تُترَكَ الكِلابُ تَقتاتُ في المسجِدِ حتَّى تَمْتَهِنَهُ وتَبولَ فيه، وإنَّما كان إقبالُها وإدبارُها في أوقاتٍ ما، ولم يكُنْ على المسجدِ أبوابٌ تَمنَعُ مِن العُبورِ فيه، وإذا دخَلَتِ الكلابُ المسجدَ فإنَّ إصابةَ أرضِه بلُعابِها أمرٌ واردٌ، ولكنَّه غيرُ مُتيقَّنٍ وغيرُ مَعلومٍ مَكانُ إصابتِها منه؛ فلذلك لم يَرُشَّ أصحابُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شَيئًا مِن ذلك؛ لأنَّ اليقينَ لا يَزولُ بالشَّكِّ، وهم مُتيقِّنونَ مِن طَهارةِ المسجِدِ، ولكنَّهم شاكُّونَ في وُلُوغِ الكِلابِ على الأرضِ، وفي مَكانِ ذلك الوُلوغِ لو وقَعَ، وقد أمَرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بإراقةِ الماءِ على بَولِ الإعرابيِّ لَمَّا تَيقَّنَ بَولَه وعرَف مكانَه، وبَولُ الكلبِ ليس بأخَفَّ مِن بَولِ ذلك الأعرابيِّ
(الموسوعة الحديثية)
كما أن من يقوم بتربية الكلب للحراسة في المنزل، ولايمكنه الاحتراز من لعابه فالأولى أن يجعله في حديقة المنزل إن أمكن وإن لم يتمكن من ذلك فيمكنه الأخذ بمذهب المالكية بعدم نجاسة الكلب مطلقاً فالدين يسر وليس عسر واختلاف الأئمة رحمة .
وقدنصت دار الإفتاء المصرية على مايلي:
أما عن نجاسة الكلب ومكانه فيمكن الأخذ في ذلك بمذهب المالكية القائلين بطهارة الكلب، ويُنصَح بوضعه في حديقة الدار إن وجدت، وإلَّا فليجعل الإنسان لنفسه في بيته مصلًّى لا يدخله الكلب.
المفتي : فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد
تاريخ الفتوى : 06 أبريل 2004
رقم الفتوى : 4627

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى