التحقيقات

الفرق بين الثقافة الحقيقية والثقافة المزيفة – أسامة اسماعيل

الانسان ليس حيوانا”أو كائنا”اجتماعيا”بل كائنا”فرديا”-اجتماعيا”بشروط.فالانسان ليس كالحيوان الاجتماعي يسير في القطيع بسبب الطبيعة والعاطفة والغريزة والحاجات المادية،ويستطيع بعقله وارادته أن يكون حرا”مستقلا”نخبويا”فلايتوافق مع كل ما هو اجتماعي وديني وايديولوجي وسياسي واقتصادي،اذا كان يتعارض مع عقله وارادته وحريته واستقلاله وكرامته وراحته ومصلحته،ولامسايرة ولا مجاملة في هذه الأمور.واذا كان المال والاقتصاد والوظيفة وفرصة العمل والزواج والدين والسياسة والمجتمع والتكنولوجيا وسائل لاغايات بحد ذاتها،فلا يجوز التنازل عن الحرية والاستقلال والكرامة والأمان والراحة لأجل هذه الأمور.فالحصول على الوظيفة أو فرصة العمل والدخل أو المعاش والزواج عبر التحزب والطائفية والتملق و”الواسطة”والذل والخضوع للمجتمع ومعتقداته وعاداته قد يؤمن الوسائل ولكنه يسقط الأهداف الحقيقية المذكورة مثل الحرية والاستقلال والراحة والكرامة…
هذه الفلسفة،يتبناها ويعمل بها النخبوي المستقل الناقد الذي يرفض التحزب والتبعية والطائفية و”الواسطة” للحصول على وظيفة أو فرصة عمل أو دخل أو مكانة،ويرفض بعقله وارادته السير في القطيع الطائفي والعشائري والحزبي والشعبي ويضع العقل والعاطفة والغريزة والحاجات المادية في الاطار الفردي،ولكن السائد هو العكس أي “الغاية تبرر الوسيلة”على الصعيدين الخاص والعام والمحلي والاقليمي والعالمي، فيتخلى الفرد غير النخبوي المتميز والناقد بسبب هذه المنهجية عن حريته واستقلاله وحتى كرامته لأجل الوظيفة والمال والمناصب القيادية،وتفتعل الأزمات ومسرحيات الصراعات والحروب لأجل السلطة والأموال والنفوذ والسيطرة وتستغل الايديولوجيات والمعتقدات الجماعية والعواطف والغرائز والحاجات المادية وبخاصة مع تدني المداخيل أو تقلص قيمتها وازدياد الفقر والبطالة وارتفاع الأسعار لأجل هذه الغايات.ويوظف “الزعماء”والأحزاب الطائفية والايديولوجية الشعبوية الأشخاص غير المؤهلين وغير الأكفاء وغير الصالحين في القطاعين العام والخاص ويوضعون في مراكز القيادة والمسؤولية لأجل خدماتهم الانتخابية وكسب العدد والشعبية وامتداد النفوذ والسيطرة،وتهدر الأموال لأجل ذلك.فالديموقراطية الانتخابية ذات الطابع الطائفي الحزبي الشعبوي هي أرض خصبة لمنهجية”الغاية تبرر الوسيلة”،وتستعمل وسائل الاعلام والدعاية والتواصل الاجتماعي لتشجيع هذه المنهجية وترسيخها .وهذه المنهجية لاترى حرجا”في أن تكلف الانتخابات النيابية خزينة الدولة مئات مليارات الليرات فيما الدين العام حوالي 150في المئة من الناتج المحلي الاجمالي ونسبة العجز مرتفعة.وبحجة غياب التمويل لاعلاج لمشكلة ارتفاع الأسعار أضعافا”مضاعفة وتقلص الدخل الفردي المحدود والمتدني وانخفاض قدرته الشرائية ومشكلة التقنين القاسي للكهرباء،ولاتجد حرجا”في اشعال حقل قمح لأجل ايجاد ابرة أو لأجل نزوة،فتفتعل الأزمات ومسرحيات الصراعات والحروب،وتجرى الانتخابات لأجل غاياتهم التي يعتبرونها أهم وأكبر من التأثيرات السلبية في الاقتصاد العام والأمن والتنمية والبنى التحتية وحرية الفرد وحقوقه وكرامته وراحته.
هذه المنهجية السيئة لاتضع حدا”فاصلا”بين الثقافة النخبوية الحقيقية والثقافة المزيفة والشعبوية والسطحية.فالمثقف الحقيقي لايتبع “زعماء”وأحزابا”طائفية وايديولوجية شعبوية ولايشارك في انتخابات وتظاهرات شعبية ومناسبات طائفية ومذهبية وحزبية ولايعمل في وسائل اعلام ومؤسسات تابعة وتروج لهذه الأمور.
أسامة اسماعيل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى