المقالات

هل نجحت COOP28؟ \ مازن عبود \ المصدر جريدة النهار

الامارات ترأس قمة المناخ وتتعهد بان تكون مثالا. رئيسها يعلن بانّ دولته التزمت بخفض الانبعاثات بـ40% بحلول 2030 وباستثمار 100 مليار دولار في العمل المناخي والطاقة المتجددة والنظيفة، وب130 مليار دولار إضافية في السنوات السبع المقبلة. استضافة دبي للحدث تترجم رؤية حاكمها الذي قال (2016): “سنحتفل بآخر برميل نصدره من النفط كما قال أخي محمد بن زايد، وسنبدأ بوضع برنامج وطني شامل لتحقيق هذه الرؤية وصولا لاقتصاد مستدام للأجيال القادمة”.
لم يكن متوقعا من COOP28 كثيرا في خضم ازمة اقتصادية تعطل تمويل الانتقال الى الاستدامة. أهميتها السياسية فاقت العملية البيئية. بوتين يوافي كإمبراطور متحديا مذكرات التوقيف. لقاءات القادة تمحوّرت حول غزة وأوكرانيا والحماوة. الصراعات الجيوسياسية على ريادة الغد وتفكك الاقتصاد العالمي أرخيتا بثقلهما. كيف ينتقل العالم الى الاستدامة والاقتصاد العالمي يعاني جراء “سنوات من السياسات المالية والنقدية والائتمانية المتساهلة، وصدمات العرض السلبية الكبرى، والضغوط التضخمية المصحوبة بالركود” (روبيني2022). ترتفع أسعار المواد الغذائية والطاقة والفقر. العبء التضخمي ينعكس على الأسواق المالية، في ظل تزايد الغموض والضغوط الجيوسياسية وتكاليف الاقتراض. البنوك المركزية تشددت في سياساتها النقدية. وتآكلت الثقة في النظام الدولي، وانكمش النمو العالمي، وزادت تكاليف التمويل. اضحى التحوّل مكلفا لا بل مستحيلا. تحوّل يتطلب ثلاث تريليونات سنويا غير متاحة لسنوات. لا يمكن زيادة الضرائب وذلك لانّ نسبها مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي كبير. مما يجعل تمويل التحوّل صعبا لكن ضروريا لضمان امن الطاقة لأوروبا. فالإنفاق بدون مداخيل صعب في ظلّ استحالة زيادة الضرائب. روبيني (2022PS.) اعتبر بأنه سيكون “للكساد الجيوسياسي” والإنفاق على “الأسلحة التقليدية وغير التقليدية” آثار هائلة على الدين وميزانيات الدول. وتحدثت مديرة صندوق النقد جورجييفا(2023) عن “التقاء المصائب”.
الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين أخّرت مشاريع الطاقة الشمسية، لا بل الغت وزادت كلفة مشاريع أخرى. زيادة البنوك المركزية لأسعار الفائدة حدّ من تمويل المشاريع الخضراء، ومن الحوافز المالية، والسندات الخضراء، والسندات المستدامة. لا يمكن تمويل التحوّل بفرض ضريبة الكربون المناسبة. امام الانسداد الاقتصادي والسياسي تتظهر التكنولوجيا كحل للمشاكل. لا يجب ان يتحوّل COOP28 مسرح رسائل جيوسياسية وتسابق. يتوجب ضمان بعض الحلاوة بتمويل الابتكار.
الاحتباس الحراري يصنع انهيارا كبيرا وغير متوقع للأصول المالية. الفيضانات والحرائق تتزايد وتضرب البنى التحتية المادية من طرق ومرافق العامة ومنازل. مما يسفر عن خسائر مالية قياسية تتجاوز تنبؤات نماذج الاقتصاد القياسي. فتجد شركات التأمين نفسها امام خسائر ومخاطر، فتنخفض قيمة أسهمها السوقية الى حدود افلاسها. نكبات الاحتباس الحراري تضرب الرهون العقارية والتأمين والمعاشات التقاعدية وتؤدي الى صدمات في الاقتصاد العالمي. شركات التأمين تجد نفسها مضطرة إلى إعادة التأمين لتغطية الخسائر فتتوسع الجائحة المالية. الفيضانات والحرائق تدمران الوحدات السكنية والنتيجة تخلف في سداد الرهن العقاري، وبالتالي انهيار للأوراق المالية المرتبطة بذلك. ساسة البشر يعالجون فالجا بالمسكن.
صار الاتكال على الابتكار لانتشالنا من الانسداد السياسي. من الجيّد خلق تحالف لخفض غاز الميثان واستمرار مجموعة التنسيق العربية للعمل المناخي في تمويل مشروعات. الا انّ هذا مسرحيّ امام الحاجات من تريليونات التمويل والتحديات الجيوسياسية وتفكك الاقتصاد العالمي. ثمة حاجة الى دعم الاطر المؤسسية للابتكار من أنظمة قانونية وقضائية ومالية وجامعات ومراكز أبحاث، ومؤسسات تمويل. وهذا ما يفترض بCOOP28 الشروع به، فيمسي نقطة تحوّل في الزمن الصعب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى