التحقيقات

نقد الواقع لاتجميله هو الطريق إلى التغيير والتطوير \ أسامة إسماعيل

     نقد واقع الأديان والمذاهب
-     الأديان كلها بدأت توحيدية خالصة ثم أتت السلطات السياسية و"رجال الدين" التابعين لها والأحزاب فأضافوا إلى الأديان مايتوافق ويتناسب مع مصالحهم وغاياتهم ويخدمها ووضعوا نصوصا"وتأويلات وجعلوا الأديان مذاهب وطوائف وفرقا" وأوجدوا معتقدات ومناسبات وطقوسا"وعادات تؤله أشخاصاً وتقدس غيرهم وتقدم الولاء لهم، مايتناقض مع جوهر الإيمان والدين والعقل والمنطق والنقل. فالعقل والإرادة الفرديان هما اللذان يقرران الإقتناع أو عدم الإقتناع بهذه المعتقدات والمناسبات والعادات والطقوس، أما إذا ترك للعاطفة والغريزة والحاجات المادية أن تقرر الإقتناع أو عدمه فالنتيجة مختلفة. فالعقل والإرادة يقبلان الإيمان بوجود الله وتوحيده بالعبادة والتقديس والولاء له ولايقبلان عبادة أشخاص أو تقديسهم والولاء لهم.وكذلك النقل يرفض هذا الأمر. ففي القرآن : إن الذين آمنوا بالله واليوم الآخر وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة. ولم يقل الذين آمنوا بالله وقدسوا أشخاصاً معينيين وقدموا الولاء لهم وأقاموا الطقوس لأجلهم. وفي القرآن أيضاً : إن المساجد لله فلاتدعوا مع الله أحدا". فلم يقل : إدعوا مع الله أحدا" ونادوهم في الشعارات والأناشيد واللطميات ولم يقل توسلوا بهم. وفي القرآن أيضاً: مالكم من دون الله من ولي ولانصير. وفي إنجيل يوحنا :"ثم رفع يسوع عينيه نحو السماء وقال: أنت الإله الحق وحدك." وفي إنجيل مرقس:"أجاب يسوع :الوصية الأولى: إن الرب إلهنا هو الرب الأحد. فقال له الكاتب: أحسنت. لقد أصبت إذ قلت إنه الأحد وليس من دونه أحد". فعلى المثقف الحقيقي أن يعيد النظر في المذهب الديني الذي ولد عليه ويرفض المعتقدات والمناسبات والطقوس والأحكام التي تقدس أشخاصاً وتقدم الولاء لهم والتي تتعارض مع جوهر الإيمان والدين والعقل والمنطق والإرادة الفردية، وتقوم على بعض النصوص وخاصة الموضوعة والتأويلات والعواطف والغرائز الجماعية والمصالح المادية والجهوية. فالمذهب يختلف عن جوهر الدين والإيمان وكذلك العقيدة تختلف عن البراهين والحقائق العقلية. وعرف المذهب Doctrine بأنه رأي أو عقيدة دون إيراد حجة عليها.ورأى أفلاطون أن الإعتقاد Croyance نوع من الظن (Doux) أو الوهم. أما الرؤية البرهانية فموضوعها الحقيقة الثابتة". وعلى المثقف الحقيقي أيضاً رفض التأثر العقائدي والعاطفي والإجتماعي واتباع الإقتناع العقلي. فهذا الإقتناع هو السبيل إلى تغيير الشخصية وتطويرها وعدم الجمود في الأطر المذهبية والإيديولوجية والإجتماعية التي فرضها عليه الأهل والمجتمع والسلطات وصولا" إلى تغيير الواقع والمجتمع. يقول جون ديوي:" إن النظرية القائلة بأن الطبيعة الإنسانية غير قابلة للتغير هي أكثر القوانين الممكنة تشاؤما"وكآبة وكسادا". 
         مواجهة إسرائيل وصعوبة
                 الردع والتحرير 
       السياسة الدنيوية استغلت الأديان عبر التاريخ حتى اليوم وحرفتها وأدخلت فيها شوائب وتشوهات وإن كان ذلك في أديان أكثر من أديان أخرى. وأكبر نموذج لاستغلال الدين في التاريخ القريب والمعاصر لأجل السلطة والسيطرة والنفوذ والتوسع والثروة هو مافعلته الحركة الصهيونية منذ أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وصولا"إلى احتلال فلسطين سنة ١٩٤٨.وقد قامت باستغلال الدين اليهودي بتحريفاته وشوائبه عبر الدعاية واستثارة العواطف الجماعية والشعبية والتمويل والتسليح لترسيخ مايسمى" الوطن القومي لليهود"وتبرير إحتلال فلسطين والحروب الإسرائيلية وآخرها حرب غزة، ولكن مواجهة" الكيان الإسرائيلي أو الصهيوني"، التي تعتمد على الغيبيات والشعارات المذهبية والحزبية
    والعواطف الجماعية والشعبية وعمليات أحزاب وتنظيمات غير متناسقة وردات فعل، لاتردع هذا الكيان ولاتحرر مايحتله ومن يأسره، فكيف الحال إذا كانت عمليات المواجهة والهجمات في توقيت وظروف غير ملائمة حيث تكون الأضرار أكثر من المنافع؟ وهذا ماحدث ويحدث في مناطق المواجهة في فلسطين المحتلة والحدود اللبنانية _الفلسطينية، والسورية _الفلسطينية. وإن نهاية الكيان الإسرائيلي أو الصهيوني ليست بحرب واسعة وَممتدة ترتد بدمار وضرر كبيرين على المناطق المواجهة لهذا الكيان بل بانهياره من الداخل وتراجع الدعم الأميركي والغربي له. 
       مشكلة محاصصة  
        لاغبنا" لطائفة 
    يتحدث سياسيون وأحزاب عبر وسائل إعلام عن غبن تشعر به طائفة معينة في مايتعلق بالتعيينات والوظائف في إدارات الدولة. وهذا الكلام يخفي حقيقة مايقصده هؤلاء السياسيون والأحزاب، وهو حصصهم في إدارات الدولة. والسؤال الذي يطرح: هل السياسيون والأحزاب في لبنان يمثلون الطوائف والمذاهب كلها أو المولودين على هذا المذهب أو ذاك كلهم؟ وهل التعيينات والتوظيفات في إدارات الدولة تقوم على أساس العدالة والتوازن والكفاءة والإختصاص والنزاهة والتحرر والإستقلال أم على أساس التبعية والولاء لهؤلاء السياسيين والأحزاب و"الواسطة" و"المحسوبية" أو مايسمى المحاصصة الطائفية والسياسية والحزبية؟ فالغبن يقع على من لايتبع لهم وغير محسوب لهم فيحرم من الوظائف وفرص العمل والدخل الجيد في القطاعين العام والخاص رغم علمه واختصاصه وكفاءته وليس على المذاهب والطوائف. وإذا زاد عدد الموظفين في الإدارات العامة، التابعين والمحسوبين لجهات معينة ذات طابع مذهبي أو طائفي معين فلايعني أن هذه الطائفة منصفة وتلك مغبونة، فما الذي يجنيه المولود على هذا المذهب أو ذاك إذا وظف غيره على المذهب ذاته وكان تابعا"أومحسوبا" للسياسي أو الحزب الذي يقال إنه يمثل هذا المذهب أو الطائفة؟ وهل الجميع ينتخبون هؤلاء السياسيين والأحزاب من هذه الطائفة أو تلك في الإنتخابات النيابية؟ وهذه المشكلة من نتائج الديموقراطية الإنتخابية العددية الطائفية الحزبية. وما علاقة المذهب والطائفة بالإدارة العامة والوظائف وفرص العمل والدخل الوطني والفردي؟ وهل يشترط القانون على من يتولى هذه الوظائف والمناصب الإلتزام المطلق بعقائد هذا المذهب أو ذاك ومناسباته وعاداته وطقوسه؟ وهل يشترط عليه أن يؤدي الصلاة في أوقاتها مثلا"؟ وهل يمنعه إنتماؤه المذهبي والطائفي من ممارسة الفساد المالي والإداري والهدر والإرتشاء والإهمال والتقصير والمحاباة؟ ولو كان الأمر كذلك لما حدثت هذه الأزمة المالية والنقدية والإقتصادية والإنمائية ولما تدهور وضع كهرباء الدولة إلى هذا الحد حيث أن أقصى عدد ساعات التغذية بالتيار الكهربائي باليوم يتراوح بين ٣و٤ساعات فقط؟!!! 
       ليس الإعلام هو المسؤول 
           بل الأداء السيء 
     البعض يتهم الإعلام كله بالأداء والدور السيئين وتأثيرهما السلبي في الأفراد والمجتمع نفسياً واجتماعياً واقتصادياً وأخلاقيا"وسياسيا وأمنيا"وإنمائيا". فليس الإعلام كله هو المتهم ويتحمل مسؤولية هذا الدور وتأثيره السلبي بل من يدير ويمول ويوجه  وسائل الإعلام وخاصة المحلية لأجل خدمة مصالحه وأهدافه المسيّسة والتجارية فيحرف الإعلام عن مفهومه الأصلي ووظائفه الحقيقية وهي نقل المعرفة ونشرها والتوعية والتثقيف وإحداث التغيير للأفضل في المجتمع والواقع. وفي"لسان العرب" لابن منظور :"أعلمه إعلاما":نقل المعرفة. "ويقول فرنان ترو (Fernand Terrou) في كتابه" الإعلام"L'information:" الإعلام هو نشر عناصر المعرفة في صيغة مناسبة". فهل تقوم وسائل الإعلام والتواصل كلها أو معظمها بدورها الناقد والإرشادي والتغييري والتثقيفي؟ وهل توضح للمتلقين المفاهيم الحقيقية والصحيحة للسياسة والدين والمجتمع والإقتصاد والفن؟ فمعظم وسائل الإعلام والتواصل لاتقوم بهذا الدور لأسباب عدة منها التبعية والحاجة إلى التمويل وجذب الجمهور. وإن كان هنالك نقد للشوائب والإنحرافات عبر بعض وسائل الإعلام والتواصل في مايتعلق بالأديان والمذاهب والسياسة والمجتمع والفن والإقتصاد فهو نقد متحيز لجهة ضد أخرى وسطحي وجزئي وانتهازي وأحيانا"مبتذل وبذيء. وفي كثير من الأحيان غير عقلاني وعلمي ويشجع الجهال والسطحيين والفوضويين والمتعصبين في المجتمع على الخوض في هذا المجال والقيام بالسلوك المزعج والإستفزازي والإستخباري والمؤذي والمهين لمن يرفض أن يكون مثلهم وعلى شاكلتهم ولايتوافق مع مزاجهم وأهوائهم ومفاهيمهم ومعتقداتهم  الخاطئة والمشوهة والسخيفة وسلوكهم السيء!!!
                  أسامة إسماعيل 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

iPublish Development - Top Development Company in Lebanon
زر الذهاب إلى الأعلى