التحقيقات

نقد المحاصصة الطائفية والسياسية والحزبية \ أسامة إسماعيل

 الديموقراطية الإنتخابية العددية الطائفية الحزبية ترسخ قاعدة التمثيل الطائفي والحزبي، وهذه القاعدة تنطوي على ديكتاتورية مقنعة وظلم، حيث أن هذا التمثيل محتكر من قبل أشخاص وأحزاب، فيما النخبوي الحر المستقل غير ممثل في المجلس النيابي والحكومة. وعندما يتقاسم السياسيون والأحزاب الحصص الوزارية في تأليف الحكومة باسم المذاهب والطوائف والتوازنات الطائفية  لايمثلون جميع المواطنين بل يمثلون التابعين لهم فحسب، ما ينعكس على الواقع الإداري والإقتصادي والإجتماعي والإنمائي والإعلامي. فالمستفيد من حصص السياسيين والأحزاب في الحكومة والإدارة والإقتصاد والإعلام ليس النخبوي المستقل بل التابع والمحسوب لهم، أما العلم والكفاءة والإختصاص فليست أولوية في النظام الديموقراطي الإنتخابي العددي الطائفي الحزبي بل الأولوية هي لحصص السياسيين والأحزاب وما يسمى التوازنات الطائفية. 
بين الدولة والنظام السياسي 

يجب التمييز بين الدولة والنظام السياسي. فالدولة في لبنان بهيئتها الإدارية والقانونية باستثناء نظام الأحوال الشخصية ليست دينية مذهبية، ولكن النظام السياسي ذات طابع مذهبي طائفي حزبي يقوم على نصوص في الدستور، ترسخ اعتماد المناصفة الدينية والتمثيل النسبي الطائفي في مجلسي النواب والوزراء ووظائف الفئة الأولى وإن كان الدستور اللبناني المعدل باتفاق الطائف يقول إن هذا الأمر يقتصر على المرحلة الإنتقالية التي تسبق إلغاء الطائفية السياسية، كما يقوم على العرف والممارسة والأداء. والمستغرب أن من رعى وضع الدستور اللبناني في عشرينيات القرن الماضي هو دولة الإنتداب الفرنسي، وهي من أولى الدول التي اعتمدت فصل الدين عن الدولة في أواخر القرن الثامن عشر أي بعد “الثورة الفرنسية”؟! فالإستعمار يعرف ان ربط المذهب والطائفة بالإنتخابات النيابية والحكم والحكومة والسياسة والإدارة والإقتصاد والإنماء هو عامل عدم استقرار وتخلف وأزمات وظلم وفساد مالي وإداري وهدر و”محسوبية”، عامل يهمش النخبوي الحر المستقل ويشجع حالة القطيع الجماعي والشعبي حيث يستطيع الجاهل والسطحي وغير المثقف والسخيف والفاسد والإنتهازي أن يكون مسؤولا”وقياديا” ويوضع في وظائف ومناصب على ظهر النخبوي المستقل الكفء والجدير.
معوقات إلغاء المحاصصة الطائفية والحزبية
إن سبب وجود السياسيين والأحزاب النافذين واستمرارهم وثراء البعض هو النظام الديموقراطي الإنتخابي العددي الطائفي الحزبي، فلا مصلحة لهم في فصل المذهب والطائفة عن السياسة والإنتخابات والحكومة والإدارة والتعيينات والوظائف والإعلام رغم أن المادة ٩٥ من الدستور اللبناني، المعدلة باتفاق الطائف تنص على اتخاذ الإجراءات الملائمة لإلغاء الطائفية السياسية واعتماد الإختصاص والكفاءة والنزاهة في الحكومة والتعيينات والوظائف وفق خطة مرحلية وتأليف هيئة وطنية تشرف على تنفيذ هذه الخطة وتتابعها، كما أن الدول الكبرى ذات التاريخ الإستعماري لاترى مصلحة لها في ذلك مقابل الكيان الإسرائيلي الذي أنشأته الحركة الصهيونية بدعم من تلك الدول على أساس استغلال المذهب والطائفة، وإن نظام الحصص الطائفية والمذهبية والسياسية والحزبية في لبنان لن ينتهي قريبا”في لبنان مادامت الديموقراطية الإنتخابية العددية الطائفية الحزبية مستمرة ومرسخة بنصوص دستورية لم تعدل كليا”، وبالعرف والممارسة والأداء، وهي أمور لم تخضع لإصلاحات جذرية بل استشرت وتعمقت كثيرا”، و بتربية وتعليم يرسخان الولاء الطائفي والمذهبي والحزبي وتقديس أشخاص.،وبتوزيع وسائل الإعلام المرئي والمسموع من الفئة الأولى على أساس طائفي وسياسي وحزبي.
الحل يكون بترسيخ الدولة المدنية القائدة حيث يكون للنخبوي المستقل الكفء دور ومكانة أكثر فأكثر، ويغيب التمثيل العددي الطائفي والحزبي والشعبي ويحل مبدأ الإختصاص والعلم والكفاءة محل المحاصصة الطائفية والسياسية والحزبية، كما تحل قيمة الفرد النخبوي المستقل محل حالة القطيع الجماعي والشعبي والولاء للطائفة والشخص والحزب، والمحسوبية، وحيث ينصب الجهد والتركيز على تحقيق الإنتظام العام والعدالة والتنمية الشاملة والتطور وحماية الحرية والخصوصية الفردية بدلا”من الفوضى وافتعال الأزمات، والتعصب والإستبداد والتمييز والمحاباة في التوظيف وفرص العمل والدخل والمشاريع الإنمائية.
أسامة إسماعيل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

iPublish Development - Top Development Company in Lebanon
زر الذهاب إلى الأعلى