الديموقراطية ليست الحرية وتحتاج إلى إصلاحات وضوابط كافية \ أسامة إسماعيل

الديموقراطية ليست الحرية، وهنالك خلط في الخطاب بينهما. فالديموقراطية (La Democrtie) هي حكم الشعب أو العامة، وهذا الحكم (Le gouvernement) يكون عبر الإنتخابات العددية المباشرة أو غير المباشرة، ومن ينل أكثرية الأصوات المطلقة (absolue) أو النسبية (relative) يحكم. فهو حكم الأكثرية (La majorite). وقد اعتبر الكثير من المفكرين الغربيين أن الديموقراطية تختلف عن الديكتاتورية بالدرجة لا النوع. وبعض الذين يعتبرون أنفسهم مثقفين وأكاديميين يخطئون عندما يرددون عبارة : يجب التعامل مع الآخرين أو الأمور بديموقراطية، فكيف يدعو المثقف إلى ماهو ضده أي حكم العامة والأكثرية العددية؟!
الديموقراطية الإنتخابية (eligibilite) العددية الطائفية الحزبية العشائرية هي ضد المثقف النخبوي (elitiste) الحر المستقل الناقد الذي تحاول أن تهمشه وتفقره وتحرمه من حقوقه وأن تسقط قيمته ومكانته فيما تفسح المجال أمام العامي والجاهل والسطحي والسخيف والوقح والمزعج والإنتهازي والتابع والمتملق ليصل إلى المناصب والوظائف والثروة والمكانة والشهرة و”النجومية” ومتع الحياة!!!
هذه الديموقراطية تحتاج إلى إصلاحات جذرية وشاملة وضوابط كافية كي تقل أخطارها ونتائجها السيئة إلى أقصى الحدود، ومن هذه النتائج :الفوضى والتسلط والفساد المالي والإداري والهدر والتبعية والتحزب والحالة الطائفية والمذهبية والعشائرية والشعبوية و”الواسطة” و”المحسوبية” والأزمات المتتالية والصراعات، وكي يتراجع تحكم العامة والعدد بالسياسة واختيار الحاكم (Le gouvernant) والقرارات والإدارة. وإن اقتراح الدائرة الواحدة أو عشرة دوائر أو الدوائر الفردية مع النسبية أو الأكثرية المطلقة لايلغي النتائج السيئة لهذه الديموقراطية لأن الأساس هو واحد: حكم العامة والأكثرية الشعبية والتمثيل الطائفي والحزبي لاحكم النخبة (elite) المستقلة.
دور الإعلام في تصحيح المفهوم
معظم وسائل الإعلام والتواصل في هذا البلد تنطلق من نظريات ومفاهيم تقليدية للإعلام والصحافة، وفي مقدمتها تحديد وظائف الإعلام والصحافة بأنها خدمة النظام السياسي والدعاية له وابراز عادات المجتمع وتقاليده ومناسباته وطقوسه، ونقل الأخبار الآنية والتعليق عليها والدعاية السياسية والإنتخابية والترفيه فيما تتراجع وظائف الإرشاد والتثقيف والنقد والتقويم والتغيير والتنمية ورفع مستوى الذوق العام بالإضافة إلى التسلية المفيدة. فليست الوظائف الحقيقية للإعلام هي تلبية كل مايطلبه الجمهور وإن كان سخيفا”وسطحيا” ومملا”ومضيعا” للوقت والمال والطاقة، ولا السير وراء القطيع الجماعي وقادته أينما ذهبوا ومالوا وتملقهم، ولا خدمة النظام السياسي والإجتماعي. وليست وظيفة الإعلام الوحيدة نقل الأخبار الآنية والتعليق عليها وتحليلها والدعاية السياسية والإنتخابية بل وظائفه أوسع وأرقى وتشمل نقل المعرفة والثقافة والإرشاد والنقد وإحداث التغيير الإيجابي وتشجيع التنمية الشاملة والعادلة. ولكن قلة وسائل الإعلام والتواصل النخبويةو المستقلة والمتخصصة تؤدي إلى إقصاء هذه الوظائف أو إسقاطها إلى مستوى أقل أهمية وتركيزا”من برامج نقل السياسة الآنية والإنتخابات ومسرحيات الصراع والحروب والبرامج السطحية والسخيفة والشعبوية.
نقد ديموقراطية السياسة والإعلام والتواصل
ديموقراطية السياسة والإعلام والتواصل تجعل الكثير من الناس يتوهمون أنهم سياسيون واعلاميون ومحللون للأخبار والأحداث الآنية ويبنون توقعات(expectatives) على أساس حدسي وعاطفي وغيبي ومبالغ فيه رغم أن المتخصص بالإعلام والصحافة النخبوي المستقل ينأى بنفسه عن التعليق على الأخبار الآنية وتحليلها بل يضع الأحداث ضمن رؤية فلسفية شاملة لاتتوقف عند الآني والجزئي، ولا تتأثر بمايقوله الآخرون والمحيط الإجتماعي والنافذون بل يقول ويكتب مايقتنع به عقلا”ومايريده دون تأثر عقائدي وعاطفي ومصلحي، وهذه الرؤية تحدد الأسباب الحقيقية للأحداث وغاياتها ومسارها ونتائجها بعيدا” عن الثرثرة والضجيج والجدل اليومي الصاخب والممل حول هذه الأحداث عبر وسائل الإعلام والتواصل.
كما بدئ المقال يختتم بأن الديموقراطية الإنتخابية لاتعني الحرية والإستقلال والإستقرار والعدالة والتنمية والراحة النفسية. وإن المثقف أو الإعلامي الحقيقي الذي لايقوم بالمديح أو الهجاء لهذا الشخص أو ذاك أو هذا الحزب أو ذاك والدعاية والترويج للنظام الديموقراطي الإنتخابي العددي الطائفي الحزبي العشائري لايحصل على منصب أو وظيفة أو معاش ودخل جيد أو مقبول وتجرى محاولات تهميشه واسقاط هيبته ومكانته. وإن المثقف أو الإعلامي الحقيقي هو مع الدولة المدنية القوية وحكم النخبة المستقلة، ومع الأمن والاستقرار والعدالة والتنمية الشاملة والمتوازنة ولكنه ضد الديموقراطية الإنتخابية العددية الطائفية الحزبية العشائرية ونتائجها وضد الولاء الطائفي والحزبي والمحاصصة والفساد السياسي والمالي والإداري والإجتماعي و”الواسطات” و”المحسوبية” والهدر، وهو ضد الإستعمار ولعبة الأمم والكيان الإسرائيلي ولكنه غير مقتنع بطريقة المواجهة ضد هذا الكيان، حيث النتائج سيئة جدا”فيما اتفاقات السلام والتطبيع لم ترجع حقوقا”ولم تمنع عدوانا”، وهو مؤمن عقلاني ولكنه ضد دين المظاهر والقشور والأحزاب ومايتعارض مع العقل والمنطق والعلم في الدين، وضد تقديس أشخاص والولاء لهم في مناسبات وعادات وطقوس، وضد تغليب العاطفة والأسطورة والروايات التاريخية والغيبيات على العقل وجوهر الدين. وفي القول المأثور :” من لاعقل له لادين له”.
أسامة إسماعيل
Best Development Company in Lebanon
iPublish Development offers top-notch web development, social media marketing, and Instagram management services to grow your brand.
Explore iPublish Development