الفنّ هو الشّمس والحياة هي الأرض” أماديوس عوض يكتب بالوتر شعراً – بقلم صبا البزري

ينسج من الجوهر الوجوديّ ألحانه لتستقر في اسطوانات تتوالد مع الحركة الكونيّة من مخاض غيتاره الصاخب بقصص فلكيّة ولوحات سورياليّة.
من طرابلس إلى بيروت رحلةُ أثبت من خلالها أن الموسيقى ليست وجهاً لثقافة آحاديّة، بل إبداعٌ مجرّد لا يعرف هويةً سياسيةً، ولا يندرج ضمن إطار جغرافي محدود.

لم يكن قد تجاوز السّادسة من العمر بعد، عندما جذبه عزف أخيه البكر على الغيتار، فشعر بأنغام هذه الآلة تعتريه ليحبها فيما بعد وتصبح صديقته الدائمة . وبفطرة طفوليّة بدأ يتمرس على العزف حتى شهد أول معزوفة من تأليفه وذلك في الثالثة عشرة من العمر وقد أسماها فيما بعد “Paper Dreams”  وأعاد صياغتها وإكمالها حديثاً لتزيّن اسطوانته الثانية وتحتل المرتبة الأولى في المجموعة.
من ط مارسيل خليفة” إلى Mozart”  ” و Richie Blackmore” ” مدارس موسيقيّة، تختلف بالتصنيف ولكن يجمعها الإبداع، تتلمذ على يدها عوض وتأثر بها فأضحى مثقّفاً موسيقيّاً يجيد إيصال رسائله الفكريّة عبر أنامله البلاتينية.

اسطوانته الأولى كانت عبارة عن مجموعةٍ موسيقيةٍ مستوحاة من قصص الأشباح التي لا تزال تسكن مخيلتنا . فمن خلال “Ghost Stories ” يثبت عوض أن القمر ليس مجرد جرمٍ سماويّ أو قنديلٍ أزليٍّّ ينير بعض الليالي أو يلهم الشعراء ويوحي لهم بالقصائد والغزل، انما هو كتلة من الأحاسيس والإنفعالات المجسّدة في تأثيره كمدّ وجذر على حياتنا اليومية وحتى خلال نومنا كذلك هي الموسيقى في احتلالها لجزيئات خلايانا الحيويّة.
دمجٌ بين النمط الغربيّ للموسيقى المعاصرة والثقافة الشرقيّة الوتريّة، يلفت الأذن ويجعلها تتبع الإيقاع لتسكن ألحانه عمقَ الروح وتجذب المسامع، هذا ما جعل من أول اسطوانة له محطّ أنظار الموسيقيين، فانتشر بشدّة بين الفنّانين وهواة الموسيقى من كل انحاء العالم، وكانت باب جديد لعوض ليخرج من خلاله إلى سائر أنحاء العالم، كما أنه الأمر الوحيد الذي جعل أهم مؤلفي الموسيقى في العالم يؤمن به ويضعه على الطّريق الصّحيح – كما يقول – ويخطو بثقة نحو الإسطوانة الثانية التي حلّ معه فيها أحد أشهر الموسيقيين في الغرب “مارك بولز” كضيف.

عندما تكون الأرض في أقرب نقطة الى الشمس، يحدث التزاوج بين الفن الذي باعتبار عوض هو الشمس وبين الحياة التي هي الأرض، من هنا اختار اسم اسطوانته الجديدةTime of the Equinox””.
دائماً ما يربط فناننا بين الكون وكل ما يحيط بنا، فهو المتأثر بالأسترولوجيا وحركة الكواكب، من هنا يشرح لنا كيف أنه مجرد التفكير بالكون الشاسع ووجودنا على الأرض التي هي كرة معلقة بفعل جاذبيةٍ احتار العلماء في شرحها، يجعلنا نتعمق بأسرار خلقنا، فنسعى من خلال الفنّ الذي هو أكثر تعبيراً من أي علمٍ لتفسير اختلاجاتنا والتغيرات التي تطرأ علينا بفعل هذه الحركة الكونية المنوطة بقدرة إعجازية يصعب فهمها.
لموسيقاه فلسفة خاصة تأخذنا إلى زمن بدء البشرية وتكوينها، حيث احتارت الشعوب القديمة في اختيار الإله، وأول ما أدرك البشر من عبادة كانت الصلاة للشمس والإبتهال للقمر. أما المرأة فهي السماء التي تحتضنٌ الأرض وتطوقها بغلافٍ من الدفء يغمرها ويحميها من أي جسم غريب قد يؤذيها، كما يفسرها عوض.

في الثالث عشر من كانون الثاني نشهد ولادة كوكب جديد في مجموعة أماديوس عوض في البومه الجديد ” Time of the Equinox ” يوقعها في الحازمية في ”  ” Quadrangle لينطلق بعدها في جول تبدأ من دبي إلى مختلف انحاء العالم، عساه ينضم إلى المنظومة الإبداعيّة اللبنانيّة فيكون نجم آخر يسطع في سماء العالم.