“شعبة” المعلومات: إنجازات أكبر من الافتراءات (4) حفظ أمن الناس من الجريمة الجنائية… ومن التقديرات الخاطئة! – بقلم: فادي شامية
ليست قضايا الأمن القومي، أو الإرهاب، أو التجسس هي كل ما يشغل
المواطن اللبناني. ثمة جرائم جنائية كبيرة أخافت المواطن وشغلت الرأي العام، وتطلبت التدخل الفاعل لـ “شعبة” المعلومات. في مجال الأمن الجنائي؛ كافحت “شعبة” المعلومات جرائم السلب والتزوير، وتبادلت إطلاق النار مع مطلوبين، وأوقفت أشخاصاً بتهم تخريب، أو تهريب أجانب، أو الاحتيال، أو ترويج المخدرات، أو انتحال صفة، أو القتل العمد وغير العمد، أو الفرار من قبضة العدالة قبل أو بعد التوقيف… كما أوقفت عصابات سلب بقوة السلاح، والأمثلة على ذلك كثيرة، لكن ثمة ملفات في مجال الأمن الجنائي شغلت الرأي العام مؤخراً أكثر من غيرها:
القاتل المتسلسل
خلال ثلاثة أشهر ونصف تقريباً (من 29/7/2011 ولغاية 15/11/2011) وقعت عشر جرائم قتل على نحو متسلسل، في بقعة جغرافية واحدة (ساحل المتن الشمالي)، وراح ضحيتها فئة واحدة من المواطنين تقريباً (سائقو سيارات الأجرة).
حدّدت “شعبة” المعلومات الجاني أو الجناة بوصفهم مجهولين يقتلون ضحاياهم بدافع جنائي غير واضح؛ جميعهم قتلوا برصاصة خلف الأذن وعثر على جثثهم مرمية، إما على الطرقات أو داخل سياراتهم، دون أن يُسرق منهم شيء، عدا ضحيتين أو ثلاثاً كانوا يحملون مبالغ مالية كبيرة نسبياً!.
بدراسة ظروف مقتل الضحايا بدا واضحاً التشابه –إلى درجة التطابق- في ظروف مقتلهم. وجد المحققون أنفسهم أمام قضية نموذجية في علم الجريمة الجنائية، لجهة تطابقها مع ما تعلموه في الدورات الكثيرة التي تلقوها في هذا المجال (حالة فيلالا التي درسَها العالم الجنائي الإيطالي سيزار لمبروزو)، لكن الحذر من أن تكون ثمة دوافع سياسية بقي حاضراً.
في أولى سلسلة جرائم “سائقي التاكسي”، شاء القدر أن ينجو السائق، بعدما أصيب بطلق ناري، إذ ظن الجناة أنه فارق الحياة، لكن الإصابة لم تكن قاتلة، وأمكن معرفة مواصفات أولية للفاعلين منه: إنهما رجلان في منتصف العمر، يصعدان في السيارة، ثم يجبران المجني عليه بتغيير وجهته إلى مكان فرعي، ثم يجهزان عليه، ويفران. المواصفات لم تكن واضحة كفاية للوصول المباشر إلى الهدف، لكن الاقتراب الأول من شخصية الجناة في قضية “سائقي التاكسي”؛ بيّن لـ “شعبة” المعلومات أن الدافع هو هوس جنائي على الأغلب.
نشرت “الشعبة” المذكورة عدداً من منتسبيها كسائقي أجرة مصطنعين بهدف التقرب من البيئة التي يستهدفها الجاني، بما في ذلك جعل رجال “الشعبة” من أنفسهم أهدافاً محتملة له، مع أخذ الاحتياطات اللازمة لتوقفيه حياً أو ميتاً إن تأكد أنه هو الهدف.
لم يستهدف القاتلان أياً من سيارات “شعبة” المعلومات غير المعروفة لهما، لكن تواجد هذه السيارات في البقعة الجغرافية المفضلة للقاتلين، جعلهما يقتربان بسرعة إلى مكان مقتل الجندي في الجيش اللبناني زياد ديب، الذي قتله الجانيان في الجريمة الأخيرة مخافة أن يفضح أمرهما، وسرقا هاتفه الخلوي، وقد وصل مخبرو “شعبة” المعلومات إلى الضحية قبل أن يفارق الحياة، وعلما منه رقم هاتفه، واتصلا عليه، فبادر القاتلان إلى إتلاف الشريحة فوراً…وفي هذه الأثناء بات رقم الهاتف معروفاً لدى “شعبة” المعلومات، وقد أمكن الاقتراب منهما أكثر عند ارتكاب المجرميْن خطأ آخر تمثل بوضع شريحة جارٍ لهما من آل همدر، حاول شراء هذا الهاتف منهما، وبالتالي أمكن معرفة مكان سكنهما، من خلال رقم هذا الهاتف!.
في فجر 15/11/2011 داهمت مجموعة من “شعبة” المعلومات شقة سكنية في محلة النبعة وأوقفت خمسة أشخاص للاشتباه بهم، وقد عُثر في المكان على مسدس حربي، هو نفسه المستعمل في الجرائم، في إشارة حاسمة إلى صحة التحريات.
استقر الأمر على موقوفين اثنين هما جورج (مواليد 1973) وشقيقه الأكبر ميشال (مواليد 1970) تاناليان، وبمواجهتهما بالأدلة، كلاً على حدة، (المسدس المطابق لفراغات الرصاصات، ومطابقة الحمض النووي على سيجارتين عائدتين لهما في إحدى الضحايا، ورقم الشريحة التي استخدمت في الهاتف المسروق من أحد الضحايا، وشهادة أحد الجيران الذي حاول شراء الهاتف منهما…)، اعترفا بقتل 10 أشخاص، ومحاولة قتل اثنين آخرين نجيا، وأنهما قتلا بدافع السرقة والشعور بالقوة، وذلك بعد خروجهما من سجن رومية، وإدمانهما على الكحول والمخدرات، وأن البداية كانت بقتل امرأة سبعينية استضافتهما وسرقةِ مصاغها في 18/4/2011، ثم كرت السبحة اعتباراً من 29/7/2011 باتجاه شريحة محددة هي سائقي الأجرة، حيث نجا الأول من الموت، ثم نُفذت الجرائم تسلسلياً: الجريمة الثانية بعد ستة أيام وقد راح ضحيتها سائق ثانٍ، ثم قتلُ سائقٍ ثالث بعد 24 يوماً على الجريمة السابقة، ثم حاولا قتل سائق شاحنة بعد مرور ثلاثة أيام، ثم قتلا شخصاً بعد ثمانية أيام، ثم قتلا آخر بعد يومين، ثم قتلا سائقاً جديداً بعد ثلاثة أيام، حيث صادفا بعد تنفيذ الجريمة شخصاً فأقلاه إلى حيث يريد لكنهما قتلاه على الطريق، ثم قتلا سائقاً آخر بعد أسبوع، ثم نفذا الجريمة الأخيرة بعد عشرين يوماً (11/11/2011) وراح ضحيتها سائق آخر وجندي في الجيش اللبناني (رقمه 11 في سلسلة الضحايا)، صادف وجوده، فأشار لهما بالتوقف ظناً منه أنه سيستقل سيارة أجرة، لكن السيارة التي توقفت كان يقودها القاتلان بعد تنفيذهما للتو جريمة قتل سائق، فأقلا الجندي وفي مكان لا مرور فيه طلبا منه بقوة السلاح أن ينزل بعدما سلبا ما معه من مال، إضافة إلى جهاز الخلوي، وما إن نزل الجندي حتى أطلق جورج نتاليان رصاصة على رأسه، ففارق الحياة.
المعتدون على مطرانية بيروت للروم الأرثوذكس
في ليل 15-16/11/2011 أقدم مجهولون على سرقة مطرانية بيروت للروم الأرثوذكس في محلة الأشرفية بواسطة الكسر والخلع، وبعثرة محتويات مكتب المطران الياس عودة. بدا دافع الاعتداء جنائياً منذ البداية، إلا أن لسرقة على دور العبادة، لا سيما المطرانيات، حساسية توجب سرعة التدخل، فكما كان متوقعاً؛ أثار الأمر تساؤلات مشروعة وغير مشروعة، وكان لا بد من سرعة التحرك، كي لا يوضع الأمر بغير مكانه الجنائي.
بدأت التحقيقات من الكاميرات الموجودة في محيط المطرانية، فتم تحديد عدة أشخاص مشتبه بهم، سيما أن التحريات على الأرض دلت على وجود شخصين أحدهما من أصحاب السوابق في محيط المطرانية لليلتين متتاليتين، وبمقارنة هذه الصور مع ما التقتطه كاميرات المراقبة من صور في محيط عدد من الشقق والشركات المسروقة ضمن محافظتي بيروت وجبل لبنان، خلال الشهرين السابقين على سرقة المطرانية؛ أمكن التعرف على شخصين مشتبه بهما.
وُضع المشتبه بهما تحت المراقبة، إلى أن تم التعرف على سكنهما، والتأكد من ضلوعهما في السرقات المتتالية، بما فيها مطرانية بيروت للروم الأرثوذكس، وبعد أخذ الإذن من القضاء المختص في 21/11/2011؛ داهمت مجموعتين من “شعبة” المعلومات، سكن المشتبه بهما في محلتي الحدث ورأس النبع في توقيت واحد، حيث ضبطت كمية كبيرة من المسروقات، في منزل م. مرعي (مواليد 1975) في محلة الحدث، ومن ضمنها مسروقات المطرانية المذكورة، إضافة إلى مسدسات حربية وثلاث خزنات؛ عُثر بداخل إحداها على مبالغ مالية كبيرة. كما أوقف أيضاً ع. مرعبي (مواليد 1973)، والأخير أقر بوجود شريك ثالث هو اللبناني ش. مراد (مواليد 1978) ويقيم في محلة الأشرفية- حي السريان، فتم توقيفه أيضاً.
اعترف الثلاثة بجرائمهم، وكان لافتاً أن “عصابة الأشرار” هذه تضم ثلاثة أفراد من طوائف مختلفة، وأن أحدهم مسيحي، فزاد ذلك من اطمئنان المحققين إلى الدافع الجنائي البحت، وتالياً اطمئنان الرأي العام، بعد الإعلان عن التوقيفات، وتسريب خبر تنوع طوائف الجناة!.
الإحراق المتسلسل للسيارات في صيدا
في وقت كانت تعيش فيه البلاد، ولا سيما عاصمة الجنوب صيدا، توترات سياسية؛ وقعت سلسة من عمليات حرق السيارات في صيدا؛ بحيث فسّر متابعون الأمر على أنه رسالة ترهيب إلى المدينة، وفسّر آخرون الأمر على أنه استهداف لفريق سياسي بعينه، وأعطاه آخرون طابعاً مذهبياً، سيما أن الدافع الجنائي لم يكن واضحاً، فلا سرقة ولا سلب، وإنما إضرار مقصود!
بدأ المسلسل بتاريخ 17/10/2011 بإحراق سيارتي الصيداويين محمد الديماسي وحسن محسن في محلة الوسطاني، وكلاهما من نوع (بيك أب). في 17/10/2011 تتابع المسلسل بمحاولة إحراق (بيك اب) عدد2 محملين بالكرتون الفارغ في وسط المدينة (دوار سبينس) عائدين للفلسطيني عز الدين الصالح. وفي 18/10/2011 أحرقت سيارة الفلسطيني صالح اللحام في محلة سهل الصباغ. وفي 27/10/2011 أحرقت شاحنة اللبناني زاهر البخاري في محلة البستان الكبير. وفي 5/11/2011 انتقل التخريب إلى طريق عام الغازية – الزهراني البحرية القديمة، حيث أُحرقت سيارة (جيب) عائدة للبناني محمد سويد.
أدى هذا الواقع إلى انتشار أمني ليلي غير مسبوق في صيدا لتوقيف الفاعل، لكن المسلسل استمر وبوتيرة أعلى: ففي ليل 23/11/2011 أُحرقت ثلاث سيارات: واحدة نوع (بيك أب) عائدة للبناني محمد علي عواضه، والثانية سياحية مسجلة باسم أميرة القبرصلي، وكلاهما في محلة الست نفيسة، والثالثة نوع (رانج) معطل ومسجل باسم محمود حجازي، والسيارة الأخيرة أحرقت على الأتستراد الشرقي للمدينة.
وفي ليل 22/11/2011 وفي المنطقة نفسها؛ محلة الست نفيسة، أُحرقت سيارة (بيك اب) وسيارة (رانج روفر) معطلة، كما أحرقت صناديق خضار مقابل جامع الموصللي في عين الحلوة، وباص عائد لجمعية “الاستجابة” في المحيط نفسه.
وفي ليل 27/11/2011 أُحرقت أربع سيارات: الأولى نوع (بيك أب) مسجل باسم هدى مروان البزري، والثانية سياحية مسجلة باسم محيي الدين نصار، والثالثة سياحية مسجلة باسم حنا الناشف، والرابعة نوع (بيك اب) احترق شادرها فقط، وهي مسجلة باسم محمد حدادة. وجميع هذه الأضرار في محيط واحد بوسط المدينة.
في 3/12/2011 أُحرقت سيارة على الكورنيش البحري لصيدا، ثم سيارة أخرى متوقفة قبالة مصرف لبنان، ثم محاولة إحراق محل للمفروشات (عائد للمواطن سعيد الجردلي) قريب من مصرف لبنان أيضاً. كانت هذه المجموعة من الاعتداءات على أملاك الناس آخر ما أقدم عليه الجاني، فبمراكمة مشاهد كاميرات المراقبة، أمكن التعرف على شخص متكرر الحضور حيث تقع جرائم الاعتداء، فوُضع هذا الشخص تحت المراقبة.
وبتاريخ 4/12/2012، ولدى محاولته ممارسة رغباته في الإضرار بممتلكات الناس؛ أوقف الفلسطيني حسن حسن (مواليد 1985) بالجرم المشهود، حيث اعترف بالأفعال المنسوبة إليه، معللاً أفعاله بأسباب نفسية؛ هي “ضيق الحال والانتقام من المجتمع الذي حرمه من حيازته سيارة مثل معظم الناس”. الجاني اعترف أيضاً بإقدامه بتاريخ 24/10/2011 على وضع عبوة ناسفة في سوق الخضار داخل مخيم عين الحلوة.
لم تكن “شعبة” المعلومات تعمل في هذه القضية وحدها، فالهلع الذي أصاب صيدا فرض على القوى الأمنية كلها أن تكون على الأرض. ثمة شابان من آل بظاظو تواجدا في المكان والزمان الخاطىء، فأوقفا ساعاتٍ للاشتباه بهما من قبل مخابرات الجيش، وتعرضا لسوء معاملة، لكن لم يثبت عليهما شيء، فأطلقا.
أثبتت التحريات أن التحليلات السياسية الكثيرة التي ارتكزت على مسلسل إحراق السيارات في صيدا لم تكن في محلها، لا لجهة استهداف فريق سياسي محدد-وهذا واضح من خلال تنوع وعشوائية المتضررين- ولا لجهة إشاعة الفوضى في المدينة لأهداف سياسية، وهذا ما أكدته الاعترافات، لكن بقي مذهلاً فعلاً أن يتمكن شخص واحد من إحداث هذا الضرر النفسي والمعنوي كله، لمدة كادت تقارب الشهرين، دون أن يردعه خوف من ضمير أو خشية من توقيف وعقوبة!.
انفجار انطلياس
بتاريخ 11/8/2011 وقع انفجار غامض في محلة انطلياس، أودى بحياة اللبنانيين حسّان نصار وإحسان ضيا. للوهلة الأولى ظن المحققون أن في الأمر شبهة عمل إرهابي، وأنه ناتج عن عبوة معدة للتفجير، وأن خطأً حدث تسبب بحدوث العبوة في أيدي الضحيتين.
فور حدوث الانفجار انتقل محققو “شعبة” المعلومات إلى المكان. عاينوا مسرح الجريمة، ودرسوا المضبوطات… واستعرضوا صور كاميرات المراقبة. ومن التدقيق في تسجيلات كاميرا المراقبة العائدة لشركة “سوتيم كومباني” القريبة من مكان حدوث الانفجار بدا أن سيارة دخلت إلى موقف مصرف فرست ناشونال بنك، وبعد لحظات ظهر السائق إحسان ضيا وقد ترجل من السيارة، وتوجه ناحية مؤخرة سيارته، وفي هذا الوقت وصل حسان نصار إلى صوب المؤخرة نفسها باتجاه إحسان الذي كان ينتظره، وعند إلتقائهما حصل الانفجار.
عند التدقيق في صور الجثتين تبين أن إصابات حسان نصار أغلبيتها حصلت في الجهة اليمنى وأهمها بتر قدمه اليمنى ويده اليمنى، وأما إصابات إحسان ضيا فقد كانت مشظّاة من الجهة اليسرى، ما يبين – بمطابقة الواقع مع تسجيلات الكاميرات- أن القنبلة كانت مع حسان نصار وقت حصول الانفجار داخل جيب سرواله الأيمن، وأن يده اليمنى كانت داخل جيبه الأيمن الذي يحتوي القنبلة المذكورة، ما يفسره بتر يده اليمنى وقدمه اليمنى.
استنتج محققو “المعلومات” أن الانفجار ناجم عن “رمانة يدوية دفاعية غربية الصنع (عُثر على قطعة معدنية عائده لها داخل اليد اليمنى لحسان نصار) وليس عن عبوة معدة للتفجير، وأن الانفجار وقع عن طريق الخطأ. هذا بشأن ملابسات الانفجار، لكن ماذا عن بقية القصة؟!
استمع محققو “المعلومات” إلى صديق مقرب من إحسان ضيا، فأفاد أن الأخير كان يعمل في تجارة السيارات ما بين لبنان وألمانيا، وأن ضيا دائن لحسان نصار بحوالى 120.000 ألف دولار، وهو يطالبه بدينه، لكن نصار يستمهله دائماً، وأنه – والكلام لصديق ضيا- التقى ضيا قبل ليلة من الحادثة فأخبره أنه بصدد التوجُّه في اليوم التالي إلى الجنوب، لاصطحاب مدينه حسان نصار، إلى أحد المصارف، ليسحب له مبلغاً من المال، ويسدده له من أصل الدين المستحق له بذمته.
طابق محققو “المعلومات” هذه الرواية على حركة اتصالات كل من ضيا ونصار، فتبين وجود تواصل هاتفي بينهما، إضافة إلى أرقام مصرف فرست ناشونال بنك-فرع أنطلياس، فضلاً عن تواصلهما مع أحد موظفي المصرف المذكور ف. شعيب، من تاريخ 3/1/2011 ولغاية 12/7 من السنة نفسها.
انتقل محققو “المعلومات” في اليوم التالي إلى فرع مصرف فرست ناشونال بنك في أنطلياس واستوضحوا الموظف المذكور (شعيب) فأفاد أنه علم من مدير فرع المصرف في الحازمية بأن حسان نصار سيأتي إلى المصرف (يوم وقوع الانفجار)، وبأنه يعرف نصار (المدين) من نحو أربع سنوات، كعميل لدى المصرف مذ كان شعيب موظفاً في فرع حارة حريك، وبأن نصار استدان من المصرف على دفعات مبلغاً من المال، بكفالة شقيقته، وأن الفوائد تراكمت عليه، ما اضطر المصرف إلى إجبار شقيقته الكافلة على سداد الدين، وأقفل تالياً حساب حسان نصار.
على ضوء هذه المعلومات انتقل المحققون إلى المصرف في الحازمية حيث قابلوا نائب مدير الفرع (ب. صليبا) الذي أفاد أن حسان نصار زار مدير المصرف، وأنه عجز عن سداد دينه للمصرف، ما اضطر إدارة هذا المصرف للسحب من شقيقته، وإقفال حساب شقيقها، وأضاف المدير المذكور أن خلافاً وقع بين حسان نصار ومدير فرع المصرف في حارة حريك، قبل إقفال الحساب، ما دفع بنصار إلى نقل حسابه إلى فرع الحازمية.
حصل محققو “المعلومات” على صور مسحوبة من كاميرات مراقبة المصرف من الداخل والخارج؛ أظهرت أن حسان نصار وإحسان ضيا تقابلا بالفعل داخل المصرف، وكانا بحالة توتر، وأن نصار لم يتمكن من سداد الدين، كما كان يشتهي دائنه ضيا، أما عن تقديرات محققي “الشعبة” عن سبب وجود القنبلة في جيب المدين نصار، فالأرجح – وفق اعتقادهم- أنها كانت محاولة لإظهار القوة وتهديد الدائن ضيا، لاستمهاله وقتاً إضافياً، وأن اللقاء الأخير بين الضحيتين أمام خلفية السيارة كان بهذا القصد، لكن الانفجار وقع عندما كانت يد نصار داخل جيبه قابضة على القنبلة، لسبب تقني ما زال مجهولاً.
على هذا ختم محققو “المعلومات” ملف انفجار انطلياس وأحالوه إلى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، الذي وجد في مطالعته أنه غير مختص لمتابعة النظر في القضية لـ “عدم تضمنها أي عمل ارهابي استناداً الى تقارير الخبراء النهائية”.
في الملفات السابقة؛ لم تقم “شعبة” المعلومات باكتشاف الجناة، وتالياً حفظ أمن الناس فقط، وإنما –وربما هو الأهم- أنها حمت الناس من مخاطر التقديرات الخاطئة، والاستنتاجات المبنية على وقائع وتقديرات غير دقيقة، ما كان يمكن أن يحوّل الجريمة الجنائية إلى جريمة سياسية، لولا أن الأدلة القاطعة أفضت إلى توقيف الفاعلين واعترافهم.
عصابة الخطف والابتزاز
على إثر اختفاء السعوديين توفيق وعبد الله الشقاقيق في 16/4/2012 ولمدة ثمانية أيام، وتمكّن المخطوفين من الفرار بعد قفزهما من الطابق الأول الكائن في أحد المباني في منطقة دوحة عرمون حيث كانا قيد الاحتجاز، وضعت “شعبة” المعلومات يدها على الملف بقصد توقيف العصابة.
زوّدت السفارة السعودية في بيروت “الشعبة” بالمعطيات التي لديها، وفهم المحققون أن المعطيات تؤكد ضرورة أن يتوجه أحد الخاطفين للمصرف لسحب الحولات المالية التي كان قد أجبر المخطوفين على القيام بها، لا سيما الحوالة الأخيرة، فنصبوا المكمن في المكان المتوقع، ونجحوا بتوقيف الخاطفين. كلاهما كان يحمل هواتف نقالة فيها صور المخطوفين، ومن خطفوهما من قبل، وهم عراة أو شبه عراة، حيث كانت هذه الوسيلة التي يعتمدونها لمنع الضحايا من الإبلاغ عنهم لاحقاً، تحت طائلة نشر الصور، سيما أن بعض الضحايا جرى تصويره قبل خطفه مع صديقة يستعملها الخاطفون كطعم.
ولم تمض ساعات حتى تمكنت “شعبة” المعلومات من توقيف الخاطف الثالث، فيما تمكنت وحدة من الجيش اللبناني، بتاريخ 27/4/2012 من توقيف بتول المنصوري، التي قامت باستدرج السعوديين إلى شقة الخطف في دوحة عرمون، بعد أن فرت بعد انكشاف عملية الخطف. الخاطفون جميعاً كانوا من الجنسية العراقية، وقد بلغت دناءتهم أنهم كانوا يعذبون الضحايا بالضرب والصعق الكهربائي، فضلاً عن تصويرهم عراة، طيلة مدة الاحتجاز.
اللواء-
Best Development Company in Lebanon
iPublish Development offers top-notch web development, social media marketing, and Instagram management services to grow your brand.
Explore iPublish Development