المقالات

حدّ الجنون! \ بكر أبوبكر

كانت تعبثُ في عقلي، وتفتّتُ مسارات روحي الى حدّ النزيف…

وهي الى ذلك تمتصُ بلا هوادة كل الطاقة التي يوميًا أسعى لمراكمتها بين جوانحي

لعلني لا أشكو

ولمن أشكو؟ وأنا قد بعتُ روحي لشيطانها هي

بعتها روحي، لعلّني أنجو، وألقيتُ مفتاح الشكوى في بئر يوسف!

كانت تشربُ من روحي قطرات ملتهبة حين أتنفسها

وكالعسل حين تمتصّها هي بشغف الغول

هي نارُ الله الموقدة، وما أنا بالجنّة، ولكن الغالب هي نار الحريق

كانت تتخللُ كلّ مسامي، فلم يلاحظها خط الدفاع الأول

ولكنها حتى مع انهيار الخط الأخير تتقدمُ بفرحٍ

إنها لا تقبل بالأجزاء أو المساومات أوالتنازلات

تعبثُ في عقلي، بعد أن تملّكت قلبي، فتوسّدت فيه دون منازع

بتُ أسعى للحظة واحدة من النقاء أو الصفاء دون كدرٍ

ولكن هيهات!

لقد طغى الكدرُ منها على الماء الزلال

ومازلت أعتقد ما لا يعتقده عاقل…أنها ستُفرِج عني!

قبَضَتْ على جمر روحي المتوثبة نحو الكثير فلم تطلق سراحي حتى بعد آلاف الرجاءات.

حلّقت حول كل شبابيك روحي المفتوحة للنقاء…

وسعَت دون إحساس ولو بقطرة واحدة من الإحساس بمسؤوليتها تجاه العبد المقيد بخيوط ذهب شعرها الطويل

حطّمت في قلبي كل الفوانيس، فحل الظلام وسادت العتمة

وأزعجت واستنزفت، وشرِبت كلَّ كؤوس الخمر التي ألزمتها روحي فلم يتبقّ لي حتى قطرة واحدة تبقيني على قيد الحياة!

ما بقي لي الا عقلي، أو أجزاء متناثرة منه، وهو الرزين الهاديء الذي لم يستطِع أن يشغل من حيّز كياني الملتهب نارًا إلا بحجم حبة الخردل…صغيرُ كثير

وأين للعقل أن ينهض! فيما دمار الروح ماضٍ الى منتهاه؟

عندما كنت أقول لها شمالًا تقول يمينًا، وحين أعرضُ الشمسَ الساطعة كانت تُطفيء نور الشمس المشرقة بوجه الكون بنفخة من فيها!

تنفخُ وتضحك بصوت الدبابات الهادرة المتجهة لقصف عيون المذعورين في حرب الأشقاء الأعداء

ألقَتْ بكل مركّبات عفن الصفار وجحيم الإحمرار واسوداد السخام في وجه النور، وعشعشت فيما تبقى من مساحات ظليلة كانت مضيئة، فلم يعد يغلّفني الا القتامة والتراجع وسوء المرتجى

تلاعبتْ بالأفكار، ولم تهذّب من أفعالها السائبة بلا عقال الا منطق التفلت والنهايات المفتوحة ورفض الاندراج في محيط الجذوة

كانت تغلبني بحُمقها أحيانًا وبوافر من مركبات الرداءة فأضطر لتبسيط ذاتي مع مرارة في الحلق لا تزول أبدًا، وألم في أطراف روحي المطفأة حين تهجم عليّ الى حد الغفلة

ماذا تطعمونها حتى تكون قاسية عاتية نافرة عدوانية هكذا؟

ولماذا تجأرون بالشكوى وتضجون بالتذمر حين تقول لكم بملء الفِيهْ أنني لا أتبع أي من مناهجكم أو أنظمتكم أو القوانين، فأنا بكم كافرة، ولدت عبثية سرمدية ليس لكم أن تصطادوني ولا أن تغيّروني

كانت تكشفُ عن محطات الإزعاج والضغط والعنت اللواتي جهدت ذاتها في ملئها بكل طاقة العالم السفلي السلبية فتستفز فيكم الخلايا كلّها، والنهايات العصبية، والعيون وحريق الأكباد

لا تتعجلوا ولا تحكموا حتى تهبط على رأس أحدكم كالصاعقة!

وحينها فقط تعرفونها، ولن تعرفوها قبل ذلك مهما اجتهدتم في شرحها.

إنها هي. https://baker2014.wordpress.com/

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى