المقالات

الخشية من وصول ترامب المأزوم الى الشفرات النووية

هل تصلح الديمقراطية الاميركية للتصدير بعد اليوم

لا احد كان يتوقع ان يُقدم الرئيس المتوتر دونالد ترامب على ما اقدم عليه من حشد انصاره لهدم “قدسية” الديمقراطية الراسخة ويوجه لها طعنة نجلاء بهدف ضرب بنية النظام السياسي الذي انتج الظاهرة “الترامبية” وهي ظاهرة مازالت في بداية الطريق ومرشحة للتمدد والانتشار ووصفها الرئيس الاسبق جورج بوش بأنها اشبه ما يحدث في جمهوريات الموز، ووصفت مجلة (اتلانتيك) ما حدث بعد ساعة واحدة بالانقلاب، ويُخشى ان يكون الصراخ على النظام اكثر منه على نتيجة الانتخابات وهو قد يكون المرحلة الاولى في معركة طويلة يبلغ عدد مؤيديها نحو 74 مليون اميركي.
ولما كان الاباء المؤسسون للدولة العميقة واصرارهم على تصميم نظام سياسي في خدمة السلطة التشريعية التي تجعل التفويض المُعطى للرئيس تحت رحمة الكونغرس والسلطة القضائية وهو ما يُفسر نزعة ترامب الشعبوية فوجه انصاره الى وقف اعتماد نتيجة الانتخابات كونها مزورة زاعما احقية الفوز بها، ويشعر انه الحلقة الاضعف في عملية القرار السياسي وقد خسر قبل اسبوعين اعتماد ميزانية الانفاق الامني لعام 2020 بعد تصويت ثلثي المجلسين لصالح إجازة الميزانية.
ولعلّ العديد من النواب الديمقراطيين سبق وهاجموا ترامب لازدرائه القوانين وضيقه من عدم توازن السلطات، ما يفسر نزعته الشعبوية ومطالبته بتصحيح الخلل في السلطات وتقوية السلطة التنفيذية وليس من السهولة على الاميركيين الصدمة التي احدثها هجوم اتباع الرئيس ترامب على الكونغرس والمطالبة بتدابير دستورية وقانونية لمنع تكرار ذلك مستقبلا سيما وان رمزية المبنى الحاضن للديمقراطية الاميركية منذ تأسيس الدولة قبل اكثر من قرنين على حد زعمهم.
وفي الشارع الاميركي اليوم من يقارن تعامل الشرطة مع الاحتجاجات التي اعقبت مقتل الاميركي الاسود جورج فلويد بمنتهى العنف والوحشية، في الوقت الذي تعاملت فيه الشرطة مع مؤيدي ترامب بكثير من ضبط النفس والحذر.
وعندما قيل ان حديث ترامب عن تسليم السلطة بشكل سلس ومنظم، كانت الغاية منه منع كثيرين من اعوانه في الحكومة والبيت الابيض من الاستقالة كي لا ترتبط اسماؤهم ومستقبلهم السياسي بفضيحة اقتحام مبنى السلطة التشريعية العليا، وربما دعوة انصار ترامب للعودة الى منازلهم وربما هي انحناءة للعاصفة حتى تمر .
وقبل الحديث عن مستقبل الحالة الترامبية، يُتهم ترامب بتكريس الفرقة والشقاق بين الاميركيين واعلى من شأن العنصرية ولا غرض له الا الاحتفاظ بالسلطة، ويقع حاليا على الاقل في مأزق ما جنته يداه من جراحات محاولا حماية نفسه من غضب نواب الكونغرس من اتخاذ اي تجراءات لمحاكمة برلمانية او تفعيل المادة 25 من الدستور.
وقد تحدثت رئيس البرلمان نانسي ميلوسي الى رئيس الاركان المشتركة مايك فيلي وناقشت الاحتياطات المتاحة لمنع الرئيس غير المستقر نفسيا والمختل من ان يُقدم على خطوات متهورة تضر بالشعب الاميركي وبالديمقراطية كالوصول الى شفرات الاطلاق النووية، ولان مثل هذا الرئيس قد يكون خطيرا ونأمل من الحزب الجمهوري ان يدعو ترامب لمغادرة منصبه على الفور.
ولا يشك ان ترامب ينطوي على شخصية مضطربة وسوء ظن حتى بأقرب المقربين اليه و وبوقاحة تنسحب حتى الى المحسنين اليه كملك آل سعود يوم نقده هدية بقيمة 450 مليار دولار بدل حماية عرشه قال: الادارات الاميركية السابقة كانت تحمي عروشهم مجانا وادارتي لا تحمي احدا الا مقابل المال وهؤلاء لديهم مال كثير ولا شيء عندهم غير المال.
وعلى بعد ايام قليلة على اختفاء دونالد ترامب وقدوم جو بايدن الى البيت الابيض، وفي ضوء ما الحقه ترامب بالديمقراطية الاميركية، فما هو موقف الادارة الاميركية الجديدة من الحلفاء العرب وتقلص شهية واشنطن للتورط في الشرق الاوسط فإن اختيارات بايدن السياسي وليس التاجر ستكون اكثر صعوبة.
وجو بايدن الذي لا تعوزه المعرفة بحلفاء الولايات المتحدة وانتهاكاتهم للقيم الانسانية، ولكنه مضطر للقيام باجراءات محددة وواضحة كي يبين الفارق بين موقفه وتواطؤ ترامب، وامام الكثير من الممارسات القبيحة التي هي بحاجة للاصلاح. وبالتالي لن يكون بوسعه تقديم سلعة الديمقراطية المزعومة في بلاد لها ثقافتها المستمدة من تراثها الديني النقي اذا ما جرى التحول اليه، وهو ما يجب ان يكون.

عمر عبد القادر غندور
رئيس اللقاء الاسلامي الوحدوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى