فلسطين

سيادة المطران عطا الله حنا : ” لن نسمح لدعاة الفتن والكراهية بأن يمرروا

اجنداتهم المشبوهة بهدف تقسيم مجتمعاتنا واثارة الضغينة في صفوفنا وبين ظهرانينا “

القدس – قال سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس اليوم بأننا لن نستسلم للخطاب الداعشي التحريضي الذي يسعى بعض المأجورين من خلاله لتمزيق مجتمعاتنا والنيل من وحدتنا واخوتنا وحرف بوصلتنا .
وان ما صدر مؤخرا عن وزارة الاوقاف والشؤون الدينية في غزة حول مسألة عيد الميلاد المجيد انما هو موقف مسيء ليس للمسيحيين لوحدهم بل لكل ابناء شعبنا الفلسطيني الذين يفتخرون بأن ارضهم المقدسة هي ارض الميلاد والتجسد والفداء وحاضنة اهم المقدسات .
ومن المؤسف ايضا ان هذا الكلام الذي قرأناه وسمعناه لا نسمعه فقط في غزة بل نسمعه في كثير من الامكنة والمواقع في ارضنا المقدسة وخاصة في مدينة القدس من اشخاص ومجموعات مرتبطة بأجندات خارجية لا علاقة لها بفلسطين والقضية الفلسطينية ونضال وكفاح شعبنا من اجل الحرية .
اننا تلقينا خلال اليومين المنصرمين رسائل كثيرة من اخوة مسلمين اعزاء في غزة وفي غيرها من المناطق والذين يعربون فيها عن رفضهم لهذا الخطاب الاقصائي التحريضي التكفيري الذي لا ينسجم وثقافة شعبنا الفلسطيني لا من قريب ولا من بعيد.
ان غزة عزيزة على قلوبنا واصوات التحريض والتكفير التي نسمعها هناك من جهات نعرف ما هي اجندتها وارتباطاتها لن تؤثر على مواقفنا المبدئية التضامنية مع اهلنا في غزة العزة الذين يعانون من الحصار الظالم ، كما اننا نثمن كافة الاصوات الرصينة التي صدرت عن شخصيات دينية اسلامية وعلمانية رافضة لخطاب التكفير والاقصاء الذي سمعناه في غزة ونسمعه في اماكن اخرى .
نقول لمن يجهل بأن عيد الميلاد المجيد هو عيد يرتبط بهذه الارض المقدسة وفلسطين هي مهد المسيحية وهي البقعة المقدسة من العالم التي منها انطلقت الرسالة المسيحية الى مشارق الارض ومغاربها .
انه عيد يبعث الامل والرجاء في النفوس وينشر بذور المحبة والاخوة الانسانية ولكن يبدو ان هنالك من اعمت الكراهية بصرهم وبصيرتهم وهؤلاء لا يمثلون الا انفسهم والاجندات التي يخدمونها والجماعات المرتبطين بها خدمة لاعداء شعبنا وامتنا العربية الذين يريدون تقسيمنا واثارة الضغينة والكراهية في صفوفنا وبين ظهرانينا .
لن ينجح دعاة الفتنة والكراهية والداعشية في بلادنا من جرنا الى المربع الذي يريدوننا ان نكون فيه .
ولن ننزلق الى ثقافة الكراهية والعنصرية لان هذه بعيدة عن رسالتنا وعن قيمنا وعن مبادئنا التي نؤمن وننادي بها .
يؤسفنا ان نسمع خطابا من هذا النوع في فلسطين في حين اننا بأمس الحاجة الى توحيد الصفوف وتكريس الوحدة الوطنية وانهاء الانقسامات لكي نكون اقوياء في دفاعنا عن وطننا وقدسنا ومقدساتنا .
يبدو اننا لا نعاني فقط من وباء الكورونا بل نعاني ايضا من وباء الكراهية والعنصرية والحقد والتكفير والداعشية المقيتة التي يسعى البعض لادخالها الى مجتمعنا وعلينا ان نقاوم هذه الثقافة الدخيلة والخطيرة بثقافة التسامح وتقبل الاخر واحترامه واحترام خصوصيته الدينية .
فلسطين هي ارض السلام والمحبة والاخوة ولكن ويا للاسف هنالك بعض اصحاب الاجندات المعروفة الذين يريدونها ان تتحول الى ارض كراهية وعنصرية وحقد واقصاء .
لم يبقى في غزة سوى 1000 مسيحي والخطاب الذي استمعنا اليه في غزة انما هو خطاب يشجع المسيحيين على الرحيل ولكن ما اود ان اقوله لابناء كنائسنا في غزة ابقوا هناك ولا ترحلوا فهذه الاصوات النشاز التي سمعناها جميعا انما مصيرها ان تذهب الى مزبلة التاريخ لانها غريبة عن ثقافتنا الفلسطينية وعن رسالتنا الروحية والاخلاقية والانسانية التي يجب ان نتحلى بها جميعا .
لا تخافوا من خطاب الكراهية فكل اناء بما فيه ينضح وفي المقابل هنالك في غزة وفي فلسطين أناس طيبون محترمون يثمنون ويقدرون اهمية الحضور المسيحي في هذه الارض المقدسة ويجب مع هؤلاء ان نبني معا جسور التعاون والاخوة والتواصل والتلاقي لكي نسحب البساط من تحت ارجل المتآمرين على وحدتنا الوطنية والذين يبثون سموم الكراهية في مجتمعنا .
كنا نتمنى من هؤلاء المحرضين بدلا من ان يقوموا باتخاذ اجراءات لمحاصرة عيد الكريسمس كما وصفوه بان يقوموا باجراءات لمساعدة شعبنا المحاصر في غزة حيث الفقر المطقع منتشر في كل مكان ، وهنالك جياع وفقراء يحتاجون الى العون والمساعدة.
كنا نتمنى من اولئك الذين يفكرون بمحاصرة عيد الكريسمس ان يكونوا اكثر وعيا وحكمة وان يكونوا مدركين للتاريخ الحقيقي لفلسطين والتي فيها ولد السيد المسيح ومغارة الميلاد في بيت لحم هي خير شاهد على هذا الحدث الخلاصي .
نتمنى ان يتراجع المحرضون والمسيئون عن مواقفهم وان يكتشفوا اخطاءهم فالاعتراف بالخطأ فضيلة لان فلسطين لا يمكنها ان تقبل بهذا الخطاب الاقصائي الداعشي الذي يبث سموم الكراهية والفتن في مجتمعنا بهدف تقسيمنا واضعاف جبهتنا الداخلية .
عيد الميلاد هو عيد المحبة والسلام والاخاء وهو عيد كل فلسطيني حر مسيحيا كان ام مسلما لان من نحتفي بميلاده اتى لكي يحرر الانسانية من العبودية والكراهية وينشر قيم المحبة والاخوة والسلام في عالمنا .
ان هذا الخطاب التكفيري الاقصائي الذي نسمعه في عيد الميلاد وفي غيره من المناسبات ايضا يجب ان نتصدى له جميعا مسيحيين ومسلمين لانه يسيء لقضيتنا ولشعبنا ولوطننا ولرسالة فلسطين نحو العالم التي كانت وستبقى رسالة محبة واخوة بلا حدود .
نتمنى من وزارة الاوقاف في غزة ان تتراجع وان تعتذر وان كنا لا نتوقع ذلك وسواء تراجعوا او لم يتراجعوا فهذا لن يقلل من اهمية عيد الميلاد ولن ينتقص من مكانة صاحب العيد الذي اتى الى هذا العالم لكي ينقل البشرية بأسرها الى حقبة جديدة ملؤها الخير والمحبة والخلاص .
ان مسؤولية الحفاظ على ما تبقى من مسيحيين في فلسطين لا تقع فقط على كاهل المسيحيين والكنائس لوحدهم بل اخوتنا المسلمون شركاءنا في الانتماء الانساني والوطني يجب ان يكون لهم ايضا دورهم في الحفاظ على هذا الحضور وتراجع اعداد المسيحيين في فلسطين انما هي خسارة لكل فلسطين وليس فقط للمسيحيين لوحدهم.
يبدو ان هنالك من لم يقرأوا التاريخ جيدا او كتبوا تاريخا مزيفا ينسجم واهوائهم واجنداتهم فهذه الارض المقدسة هي ارض مباركة تتميز عن اي مكان في هذا العالم والقدس مدينة لها مكانتها السامية في الديانات التوحيدية الثلاث وهي حاضنة اهم المقدسات المسيحية والاسلامية ، والحضور المسيحي في فلسطين ليس حضورا دخيلا بل اصيلا ونحن لسنا من مخلفات اية حملات كما اننا لسنا بضاعة مستوردة من هنا او من هناك بل نحن اصيلون في انتماءنا لهذا المشرق وقلبه النابض فلسطين الارض المقدسة.
نعود ونكرر بأن اصوات التحريض والتكفير والعنصرية والكراهية لن تزيدنا الا ثباتا وايماننا وتشبثا بقيمنا وحضورنا ورسالتنا وانتماءنا لهذه الارض المقدسة .
ومن يريد محاصرة عيد الميلاد انما يعزل ويحاصر نفسه في اجواء من الكراهية والعنصرية المقيتة في حين اننا يجب ان نكون منفتحين على بعضنا البعض وان نهنىء بعضنا بعضا في اعيادنا ومناسباتنا وان نبقى كما كنا دوما عائلة واحدة واسرة واحدة مدافعة عن الارض والكرامة والحرية واولها القدس ومقدساتها والتي تعني بالنسبة الينا الشيء الكثير .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى