التحقيقات

مشاريع مسيسة تؤثر سلبا”في الاقتصاد والتنمية \ أسامة اسماعيل

افتعال أزمات وتشويه مفاهيم الدين والسياسة والاعلام
يدعي الكثير من الناس المعرفة والاحاطة الكاملة بالدين والسياسة والشأن العام والاقتصاد رغم الالتباس لديهم حول مفاهيم هذه الأمور والفرق بين الفلسفة السياسية والسياسة العامة من جهة والسياسة الانية وتفاصيلها ولعبتها ومسرحياتها التي تدور حول أشخاص وأحزاب ودول،وبين الدين والايمان الحقيقي اللذين لايتعارضان مع العقل والارادة الفرديين والعدالة من جهة والمذهب والطائفة المبنيين على أساس معتقدات جاهزة وجامدة وعواطف جماعية ومصالح مادية.
المثقف النخبوي المستقل يعرف ماهية الايمان والدين والفلسفة السياسية والسياسة العامة أكثر من غيره ولكنه ليس متوافقا”مع السياسة الانية وتفاصيلها ولعبتها ومسرحياتها التي تخدم أصحابها وأتباعهم وليس مستفيدا”منها ولكنه يهتم بنقدها ومواجهة تأثيراتها السلبية في حياته ووضعه وفي الوضع العام على الصعد الاقتصادية والمعيشية والانمائية والنفسية والمعنوية والأمنية.وفي نقده يميز بين السيء والأسوأ والخطأ والصواب في كل ما يتعلق بهذه السياسة على أرض الواقع.وعلى صعيد الفكر والموقف من الدين والايديولوجيا والمجتمع،يرفض المعتقدات الجاهزة والجامدة والمناسبات والعادات والطقوس والمظاهر التي ترتكز على عبادة شخص أو رمز أو تقديس أشخاص والولاء لهم أكثر مما ترتكز على عبادة الله وتوحيده والجنة الأخروية واحترام العقل والارادة الفرديين وابتغاء الراحة النفسية والعدالة المعنوية والاجتماعية والاقتصادية.وقد يكون المثقف النخبوي المستقل متخصصا”بالصحافة والاعلام ولكنه ليس على وفاق وتصالح مع السياسة الانية وتفاصيلها ولعبتها ومسرحياتها وصانعيها ومحركيها والمروجين لهم.فالصحافة والاعلام لايساويان بالضرورة،السياسة الانية التفصيلية والانتخابية والطائفية و”الزعماء”والأحزاب والتظاهرات الشعبية والحروب، وان كانت أكثر وسائل الاعلام المرئي والمسموع والمقروء ومواقع الانترنت ذات طابع مسيس واخباري اني ودعائي لأسباب تتعلق بالاستثمار والتوظيف والتمويل.والاكتفاء بالقول ان الصحافة والاعلام أوسع من هذا الواقع هو قول ناقص اذا لم يقرن بالقول ان السياسة ذاتها أوسع من هذا الواقع الذي انحدرت اليه من مستوى الفكر والعلم والنخبة والادارة والتنظيم والترشيد الى مستويات أدنى تؤثر سلبا”في قيمة الفرد وحريته وكرامته وراحته وحقوقه ودور النخبوي المستقل ومكانته والوضع المالي والاداري والاقتصادي والمعيشي والانمائي.وهذا الواقع لايقتصر على لبنان بل يتعداه الى دول أخرى تعاني مشكلات مماثلة أوتخصها وحدها تتعلق بمفهوم الدين والسياسة والتربية والنظام السياسي والمجتمع والاقتصاد،وبخاصة أن لبنان وهذه الدول تقع في مجال التأثير المباشر للعبة الدول الكبرى.وتشجع الديموقراطية الانتخابية ذات التمثيل الطائفي والحزبي على تحويل السياسة الى مسألة جمع أعداد وشعبية وسلطة وسيطرة ونفوذ وثروة وانتخابات،لذلك ينشأ “زعماء”طوائف ومناطق،وأحزاب طائفية وايديولوجية شعبوية وبعضها ذات طابع عسكري .
اذا أصبح الفكر والثقافة خادمين للسياسة الانية التفصيلية ومحركيها ولاعبيها الخارجيين والمحليين،واذا استعملتا في مشروع مسيس وطائفي وايديولوجي وحزبي أجنبي أو محلي،فقد الفكر والثقافة قيمتهما ومعناهما وجدواهما وأهدافهما الحقيقية وفقد المفكر أو المثقف أو الصحافي حريته واستقلاله وقيمته، واستبدل العقل والارادة الفرديان بالمعتقدات والايديولوجيا الجاهزة والمستعارة والعواطف الجماعية،وبيع الفكر والقلم والكلمة بحفنة من الأموال لأجل هذه الجهة أوتلك،وابتعد النقد عن أن يكون نابعا”من العقل والارادة الفرديين والثقافة النخبوية الحرة والمستقلة وأن يكون شاملا”وموضوعيا”،وأدخل في متاهة الفعل ورد الفعل والتكفير والتخوين والتشهير لخدمة مشاريع مسيسة ومفاهيم مشوهة انتقائية ومجتزأة للايمان والدين والسياسة والمجتمع والاقتصاد والاعلام حيث يتم التركيز على جوانب معينة واخفاء جوانب أخرى تمثل الحقيقة.فالتطرف والغلو في المعتقدات الدينية والمذهبية والمناسبات والطقوس والعادات والدفاع عنها مقابل التطرف في نقد الدين والمذاهب الى حد الدعوة الى الالحاد والاستبداد والفوضى والغوغاء والتحزب هي نتاج مشاريع مسيسة وغياب قيمة العقل والارادة الفرديين والثقافة النخبوية الحرة المستقلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى