الأخبار اللبنانية

معضلة تشكيل الحكومة… ‘إلى أين-6- كتب: عبدالله خالد

شكلت زيارة رئيس نائب الوزراء وزير خارجية قطر الحدث الأبرز على الساحة اللبنانية في مرحلة صعبة نتيجة الانهيار الاقتصادي والمالي والاجتماعي الذي لم تبذل الشبكة الحاكمة جهوداً جادة لوقفها لغرقها في صراع عبثي حول محاصصة لما جنته من مكاسب الفساد والهدر ونهب المال العام والاستمرار في الاستدانة بكل ما تعكسه من كوارث مستقبلية. وكان من الطبيعي أن تكثر التكهنات حول ما يمكن أن أن تسفر عنه تلك الزيارة من نتائج تنعكس إيجاباً على الوضع المتردي في البلاد. وجاءت التصريحات المقتضبة التي أدلى بها المسؤول القطري مخيبة للآمال إذ أوحت انه لا نية قطرية لعقد “دوحة جديدة” ولا مساعدات خاصة خارج التوافق الدولي دون تشكيل الحكومة الأمر الذي يستوجب تسريع الحوار بين القوى اللبنانية وصولاً إلى تشكيل الحكومة اتي تبدأ مسيرة الإنقاذ وإقرار الإصلاحات المطلوبة الأمر الذي أوحى بأن لا نية لطرح مشروع بديل للمبادرة الفرنسية التي يستعد موفد الرئيس ماكرون لبيروت لإعطائها دفعاً جديداً في وقت يستعد فيه الرئيس الفرنسي لزيارة السعودية والامارات وإيران لإزالة العقبات التي تعترض تشكيل الحكومة.
على صعيد آخر استمر تبادل الاتهامات بين فريقي رئيس الجمهورية والرئيس المكلف حول أسباب تعثر تأليف الحكومة وإذا كان الحريري يقول انه قام بواجبه في التأليف وان التشكيلة تنتظر الإفراج عنها من قصر بعبدا فيما تعتبر مصادر رئيس الجمهورية انه لن يتنازل عن الحقوق الدستورية التي تفرضها الميثاقية وانه من المعيب أن يتهم زوراً بانه متمسك بالثلث المعطل فيما يؤكد كثيرون ان العقدة الحقيقية التي تعيق تأليف الحكومة هي الفيتو على تمثيل حزب الله فيها وان كل العقد الأخرى قابلة للحل. ورغم ذلك فانه لا يمكن إنكار ان مرحلة جديدة من العمل قد بدأت مع سقوط ترامب ووصول بايدن قوامه استعادة المبارة الفرنسية جيويتها بعد أن أخذت بعداً أوروبياً مع دخول خليجي على الخط تجسد بتحرك سعودي – إماراتي- بالإضافة إلى قطر بالإضافة إلى مؤشرات على بداية تحرك مصري وبوادر حراك تركي الأمر الذي يوحي بان أزمة لبنان تجاوزت البعد الإقليمي بحيث أصبحت بعض الأطراف تدعو علناً لعقد مؤتمر دولي يفرض حلاً قد لا يكون لمصلحة لبنان.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو التالي: هل يشكل هذا الخليط بداية لتنامي الشعور بان الأزمة اللبنانية قد خرجت عن السيطرة بفضل تعنت الشبكة الحاكمة وإصرارها على التمسك بمصالحها الأمر الذي حول لبنان إلى قنبلة موقوتة تهدد بالانفجار الذي يمكن أن تطال تداعياته دولاً أخرى مع ما يعنيه هذا من تحوله إلى خطر حقيقي ينعكس سلباً على كامل المنطقة. ولا بد من الإشارة الى ان لبنان هو جزء من منطقة يوجد فيها انقسام حاد بين مشروعين أحدهما استسلامي والآخر مقاوم . وإذا كان لبنان جزء من المشروع المقاوم بفضل المقاومة التي حررت الجنوب وانتصرت على عدوان تموز وحررت جرود عرسال بفضل الثلاثية الذهبية المتجسدة بالشعب والجيش والمقاومة فان هذا ما جعل المشروع الآخر الاستسلامي يهتم بلبنان ويسعى لنقله من مكان لآخر معتبراً ان الفتنة هي المدخل لتحقيق ذلك وهذا ما يفرض على القوى الحية أن تسعى لتسريع عملية تشكيل حكومة مهمة إنقاذية من عناصر جادة واختصاصية تطرح مشروعاً متكاملاً ينعش كل لبنان ويقدم المصلحة العامة على المصالح الفردية الضيقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى