التحقيقات

حالة القطيع والشعبوية تقوى في فترة الأزمات \ كتب:اسامة اسماعيل

حالة القطيع الطائفي والعشائري والحزبي والشعبي هي نتيجة ضعف قيمة الذات الفردية الحرة المستقلة وتضخم الذات الجماعية التي تعتمد على ما يسمى “العقل الجمعي “والعواطف والغرائز والمصالح الجماعية. وعندما يتم التحفيز والحض على الانتماء والولاء للذات الجماعية من قبل المتزعمين والأحزاب ورجال الدين وبعض وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي وبخاصة في فترة الأزمات كالازمة الحالية في لبنان، تقوى حالة القطيع وتضعف أكثر فأكثر قيمة الذات الفردية.
الأزمات والحالة الشعبوية والقطيعية هي عدو الذات الفردية الحرة المستقلة ولاتكف ظواهر هذه الحالة عن التركيز على الذات الجماعية وتحريضها وتحفيزها مقابل تهميش الذات الفردية والاستخفاف بها. فالمتزعمون والأحزاب ورجال الدين والمجموعات الشعبية لا تهمهم الذات الفردية بل تهمهم الذات الجماعية فيخاطبون ما يسمى “العقل الجمعي”والعواطف والمصالح الجماعية لتأمين الحشد وتسيير القطيع الطائفي أو العشائري أو الحزبي أو الشعبي بغية تحقيق غاياتهم المسيسة والانتخابية ومصالحهم المادية.
إن الحالة القطيعية والشعبوية هي نتيجة النظام الديمقراطي الانتخابي الطائفي والعشائري والحزبي والشعبي. وهذا النظام ينتج “زعماء طوائف “
واحزابا”طاءفية وايديولوجية شعبوية ويولد أزمات ومظاهرات شعبية بين فترة وأخرى تؤدي إلى تدهور اقتصادي وانماءي كما هو الحال اليوم. وكل ذلك بتشجيع من اللعبة الدولية الإقليمية. فمن يسمون “زعماء طوائف”والاحزاب الطائفية والايديولوجية وبعض رجال الدين والناشطين يريدون كسب الشعبية والنفوذ ومصالحهم المادية. وهذه الغايات تتطلب وسائل شعبوية وعاطفية ومادية لا تتناغم مع المثقف النخبوي المستقل الذي يرفض حالة القطيع الطائفي والعشائري والحزبي والشعبي انطلاقا”من عقله الفردي وإرادته الحرة فيما العاطفة والغريزة والمصلحة المادية أمور فردية وشخصية تتبع عقله وإرادته الحرة فهما اللذان يحددان مفاهيمه ورؤيته وموقفه تجاه الدين والسياسة والمجتمع والاقتصاد. فالذي يحدد موقف المثقف النخبوي المستقل ورأيه ليس الشارع والحالة الشعبوية والقطيعية بل ذاته وعقله الفردي وإرادته الحرة. ولا يعني الاستقلال الحياد وعدم التمييز والتمايز ،فالمثقف والصحافي النخبوي المستقل يعارض وينتقد الواقع والشواءب والأخطاء والاختلالات في المجتمع والسياسة والدين والاقتصاد بتمييز بين السيء والاسوا والصواب والخطأ وبين الأبيض والأسود… ولا يتلقف المواقف والآراء والطروحات من قبل الآخرين بسطحية وعلى عواهنها ودون النظر إلى المضمون والخلفية والغايات، ولكن الحالة الشعبوية والقطيعية المسيطرة تجعل المواقف والشعارات والطروحات من هنا أو هناك لاتخضع لميزان العقل الفردي النخبوي والذات الفردية والإرادة الحرة المستقلة بل تخضع لما يسمى “العقل الجمعي ” والذات الجماعية والعواطف والمصالح المادية في هذا الاتجاه أو ذاك.
في بلد تضعف فيه قيمة الذات الفردية والحالة النخبوية وتقوى فيه الحالة الشعبوية والقطيعية يتنطح الكثيرون من الجهال والسطحيين والخبثاء والفوضويين السياسة والدين والشأن العام والاقتصاد كأنهم يعرفون كل شيء وأكبر من غيرهم واجدر ،ويبيحون لأنفسهم ممارسة “التشفيط”و”التشبيح”
والبهورة ” على من هو أعلى مستوى وأفضل عدا محاولات التدخل في أموره واسراره الفكرية والشخصية والعملية، مستفيدين من الأزمة الراهنة والحالة الشعبوية والقطيعية. وهؤلاء مثلهم مثل البالون المنفوخ، من الخارج شكل وحجم ولون وصوت مزعج ،ومن الداخل فراغ وخواء من المضمون والقيمة والوزن وهؤلاء ستنتهي كذبتهم الثقيلة والمزعجة والمؤذية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى