التحقيقات

“لاكرامة لفيلسوف في وطنه”واقع حال من يرفض التبعية والحالة الشعبية في البلد \ كتب: أسامة إسماعيل

“لاكرامة لفيلسوف في وطنه “.والسبب هو غياب قيمة الفرد في هذا البلد، فلا يحترم الفرد لعلمه وثقافته واستقلاله وذوقه بل لانتماءه وولاءه للمذهب والطائفة والعشيرة والحزب والقطيع الشعبي. فالمثقف النخبوي المستقل غير مرغوب من قبل الجهتين :من يعتبرون سلطة وموالاة ومن يعتبرون معارضة ويسمون أنفسهم “ثورة “أو “انتفاضة “ويتظاهرون ويقطعون الطرقات. فالحالة الشعبوية والقطيعية هي المهيمنة في هذا البلد. ولاكرامة ولا راحة ولا شعور بالأمان والحرية ولا إنصاف لفرد مع هذه الحالة السيئة جدا”.
المثقف النخبوي المستقل ضد الانتخابات القطيعية الشعبية مبكرة أو في مواعيدها وضد المظاهرات الشعبية وقطع الطرقات والتخريب وضد الحروب. وهو كما يعارض السلطة والمتزعمين والأحزاب يعارض الذين يسمون أنفسهم معارضة وثورة”او”انتفاضة”لان عقله الفردي وإرادته الحرة المستقلة هما اللذان يوجههانه لا المذهب الديني أو الايديولوجيا والعاطفة والغريزة والحاجة إلى المال، فهذه الأمور الثلاثة الأخيرة فردية وشخصية وليست جماعية طائفية اوعشائرية اوحزبية. أما المذهب الديني الذي ولد عليه فلا يملي عليه طريقة تفكيره، وآراءه وسلوكه الخاص الصحيح. فالمذهب الديني هو مسألة عبادة وأخلاق ومعاملات وليس مسألة سياسة آنية وأحزاب وانتخابات ومناصب ووظائف وحصص في الدولة، ولكن النظام الديموقراطي الطائفي المذهبي والحزبي يشجع هذا الواقع السيء. وهذا ما يفسر اشتغال بعض رجال الدين بالسياسة الآنية والحزبية وتفاصيلها بدلا”من شغلهم الأساسي.
المثقف النخبوي المستقل يرفض السير في القطيع الطائفي والعشائري والحزبي والشعبي ولكن المجتمع أو البلد الذي يعيش فيه يعتبر أن الرجولة والجدارة تكونان بالسير في القطيع والتبعية للطائفة والمتزعم والحزب والواسطات والمحسوبيات والمشاركة في الانتخابات والمظاهرات الشعبية التي لم تنتج ايجابيات بل أسهمت في تشجيع حالة القطيع الشعبي واثرت سلبا”في الاقتصاد والمعيشة والانماء وفي وضع المثقف النخبوي المستقل وهذا ما يلاحظ منذ ما بعد 17تشرين الأول 2019 حتى اليوم. فهذه المظاهرات محكومة بردات الفعل الآنية العاطفية والشعبوية والفوضوية ولم تقدم البديل الأفضل والحلول الواضحة والصحيحة ،وبعض الذين يحركون المظاهرات وقطع الطرقات لديهم غايات مسيسة وحزبية مثل الوصول إلى السلطة والمناصب والنفوذوالمصالح المادية. وهذا ما يتناقض مع الشعارات المرفوعة وبعض الشعارات مثل الاحتجاج على ارتفاع سعر الدولار والفقر والبطالة يظهر المتظاهرين وقاطعي الطرقات في حالة انفصام. أليس ما يسمى ثورة سببا”من اسباب ارتفاع سعر الدولار اضعافا”والشلل الاقتصادي وتزايد البطالة والفقر بعد 17تشرين الأول 2019؟
الرجولة والجدارة تكونان بالتمسك بالذات الفردية والتعبير عنها والاعتماد عليها للحصول على الحقوق الطبيعية والمكتسبة، والانطلاق من الذات والعقل الفردي والإرادة الحرة المستقلة في النظر والتعامل مع المجتمع والدين والايديولوجيا والعادات والسياسة والاقتصاد. فالعقل والعاطفة والغريزة والحاجة إلى المال هي مسائل فردية وشخصية مع ارجحية العقل والإرادة على سائر المكونات. ولكن المثقف النخبوي المستقل ليس ملاكا”ولاقديسا”،فهو ليس محايدا”ومثاليا”بالمطلق ويميز بين الأشخاص والفئات والأمور والقضايا على أرض الواقع انطلاقا”من ذاته وعقله وإرادته ومصلحته على الصعيدين الخاص والعام. فعدم التبعية والولاء من جهة وعدم الحياد من جهة أخرى ورفض الحالة الشعبية والقطيعية والفوضى والتخريب تجعل المثقف النخبوي المستقل يعاني في المجتمع والبلد الذي يعيش فيه المتاعب والمضايقات والازعاج ومحاولات التعرض لكرامته وحقوقه. لذلك “لاكرامة لفيلسوف في وطنه “.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى