التحقيقات

المعالجات الشاملة حاليا”مستحيلة والممكن معالجات آنية وجزءية كتب: أسامة إسماعيل

إصلاح النظام السياسي وتغيير الواقع السيء في الحاضر غير ممكن، والوسائل والظروف الموصلة إلى هذين الأمرين غير متوافرة، وليست المظاهرات والانتخابات الشعبية من هذه الوسائل. فالتغيير للأفضل يحتاج إلى إعادة النظر في بعض مواد الدستور والقوانين التي ترسخ الطائفية والمحاصصة والمحسوبية في مناصب الدولة والإدارة والتوظيف وتفسح المجال أمام التسييس الذي يعرقل الرقابة والمحاسبة في موضوع الإدارة والمال العام والمرافق العامة وتفتح الباب للتاويلات والاستنساب في فهم بعض النصوص الدستورية وما لم يرد فيه نص وتجعل العددية الشعبية هي التي تتحكم باختيار الذين يتولون إدارة الدولة والمناصب والوظائف ما يمثل جدارا”صلبا”يمنع وصول النخبة المستقلة إلى تولي إدارة الدولة والوظائف.
إن السبب الأساسي للأزمة الحالية في لبنان هو السياسة الآنية الشخصانية والطائفية والحزبية والشعبوية المرتبطة باللعبة الدولية الإقليمية واقحامها في الإدارة والاقتصاد والوضعين المالي والنقدي والانماء ويتم تحريك الشارع على هذا الأساس مما يؤدي إلى تفاقم الأزمة ونتائجها وعوارضها السيئة مثل ارتفاع سعر الدولار وأسعار السلع والمواد الأساسية والمحروقات اي التضخم وازدياد الفقر والبطالة وتقنين الكهرباء . فيما ينصب التركيز حاليا”على معالجة نتائج الأزمة وعوارضها وتهمل معالجة الأسباب الأساسية لغياب الرغبة في هذه المعالجة وعدم القدرة عليها. فترسيخ السياسة العلم والعقل والإدارة والتنمية والتنظيم والحرية والعدالة وعدم الارتباط باللعبة الدولية الإقليمية يحتاجان إلى توافر ظروف وشروط ملائمة ونخبة مستقلة لا تصل إلى إدارة الدولة على صهوة العددية الشعبية والطائفية والحزبية بل على أساس العلم والكفاءة والرؤية والخبرة والصدق. وحتى توافر هذه الظروف والشروط وحتى تصل النخبة المستقلة بغير الوسائل الشعبية والتقليدية هنالك وقت طويل وجهد كثير. فلا مفر من التعايش مع الواقع السيء حتى ذلك الحين والاستمرار بالسعي إلى تغييره للأفضل بالوسائل الملائمة لا الشعبية ولا الحزبية ولا الغوغائية. فالتغيير أو المعالجة بالوسائل الشعبية والحزبية والغوغاءية يؤدي إلى واقع أسوأ وفوضى وتدهور سريع كالذي حدث بعد 17تشرين الأول 2021. وما دام تغيير الواقع السيء للأفضل في المرحلة الحالية مستحيلا”فيمكن القبول بمعالجات آنية وجزءية للأزمة الحالية التي تضغط على الفرد والمجتمع والاقتصاد والوضعين المالي والنقدي والمرافق العامة والانماء.
من المعالجات الآنية المطروحة :تأليف حكومة جديدة توافقية مؤلفة من تكنوقراط فإذا تعذر فتفعيل عمل حكومة تصريف الأعمال ولايعني التفعيل توسيع صلاحيات الحكومة المستقيلة. ومن المعالجات اقتصاديا”وماليا :تشجيع السيولة النقدية وإعادة تنظيم الكتلة النقدية بما يدعم القوةالشراءية للعملة الوطنية والرقابة على الأسعار ووضع حد أعلى لهامش الربح ودعم السلع الأساسية والإنتاج المحلي وتسعيره بالليرة اللبنانية ومكافحة ما يسمى “السوق السوداء “أو سوق سعر الصرف الموازي،والاحتكار. أما الدين العام والعجز فهما من الأسباب الأساسية للأزمة الحالية السياسية والاقتصادية والمالية والنقدية. ومن الأولويات تخفيضهما. ولكن هذا الأمر يندرج ضمن المعالجات الشاملة التي تتطلب زيادة نسبة النمو عبر تشجيع الاقتصاد المنتج وتحفيز الاستثمار المنتج ودعم الصادرات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى