التحقيقات

عندما يحول الفرد وسيلة ،والدين والسياسة والمجتمع اهدافا” كتب: أسامة إسماعيل

عندما دخلت المبالغة والغلو والافراط في الدين والسياسة والأمور الاجتماعية، تحول الفرد إلى وسيلة، فيما تحول الدين والسياسة والمجتمع والاقتصاد والمال إلى أهداف بحد ذاتها. وبدلا”من أن يكون الدين والسياسة والمجتمع والاقتصاد والمال وسائل تساعد الإنسان الفرد على التحرر والاستقلال ونيل الحقوق والشعور بالراحة والأمان أصبحت هذه الوسائل عوامل ضغط وقمع وتسلط وافقار وتهميش للإنسان الفرد.
يمكن تشبيه الدين والسياسة والمجتمع والاقتصاد والمال بالسيارة وهذه وسيلة مادية تقنية وتلك وسائل معنوية ومادية، فعندما تصبح السيارة هدف الإنسان فيهدر المال والوقت عليها بسبب كثرة التنقلات غير الضرورية والسرعة الزائدة و”التشفيط”والمبالغة في الاهتمام بها عدا ازعاج الآخرين واستفزازهم. وبذلك تتحول السيارة إلى وسيلة ضارة لصاحبها بدلا”من أن تكون مفيدة ومريحة لأنه حولها إلى غاية لحياته وجهده وبدلا”من أن تكون وسيلة لخدمته أصبح هو وسيلة لخدمتها. وهكذا الدين والسياسة والمجتمع والاقتصاد والمال عندما تحول الى غايات وأهداف تصبح ضارة ومزعجة وضاغطة على الفرد بدلا”من أن تكون مفيدة ومريحة لأن الفرد يستعمل وسيلة لخدمتها بدلا”من أن تكون وسائل لخدمته. فالمبالغة والغلو والافراط في الاهتمام بهذه الوسائل بدلا”من الإهتمام بالفرد، أفسد هذه الأمور وشوهها وجعلها أشبه بالسجن والجحيم حيث يشعر الفرد بالضيق والقلق والعذاب والقهر والانزعاج وقلة المال وقلة الاحترام. فالمبالغة والغلو والافراط في الدين والسياسة والمجتمع والاقتصاد والمال سببها رغبة أشخاص وأحزاب ومجموعات واهتمامهم بالسلطة والسيطرة والنفوذ والحصول على مكاسب مادية ومعنوية.فصورت هذه الوسائل من قبل هؤلاء أمام الفرد بأنها غايات وأهداف ترخص وتهون لأجلها كل الأمور. فحولوا الدين إلى تبعية وولاء وتقديس لأشخاص وأحزاب وضغوط واعباء وتكاليف باهظة ناتجة من الإفراط في الاهتمام بمناسبات وطقوس وعبادات والمتاجرة بها عدا المذهبية والطائفية والتعصب والجمود، التي تمسخ الدين وتجعله كالبعبع الذي ينفر منه الإنسان. وحولوا السياسة إلى زعامة وسعي دائم إلى السلطة والسيطرة وانتخابات ومظاهرات شعبية ومسرحيات صراعات وخلافات آنية تضرب الإدارة والاقتصاد والتنمية وحقوق الفرد وتؤثر سلبا”في الأمن. وحولوا الاقتصاد إلى رهينة السياسة الآنية ومسرحيات الصراع والخلافات وفرصة للبعض لتحقيق مصالحهم على حساب غيرهم. ويستعمل الاقتصاد والمال وسيلتي ضغط للحصول على مكاسب مادية ومعنوية وللوصول إلى ما لم يوصل إليه بالسياسة الآنية المباشرة. وحولوا الاقتصاد إلى ريع وتكديس ودائع في المصارف،ما يعوق الاستثمار المنتج والنمو الاقتصادي والتوزيع العادل للثروة فيزداد الغني غنى والفقير فقرا”وتزداد معاناة ذوي الدخل المحدود والمنخفض. وحولوا المجتمع إلى عبء وعامل ضغط على الفرد عبر العادات والتقاليد والتكاليف المفروضة عليه بغير اقتناعه ورضاه وعبر محاولة استلاب ذاته وحقوقه الطبيعية والمكتسبة بحجة الانتماء المفروض والمفاهيم الخاطئة وادعاء أن العقل والعاطفة والغريزة والمصلحة المادية هي ملك الجماعة لا ملك الفرد، فينشا الصراع والنفور بين الفرد والمجتمع.
المؤسف أن معظم وسائل الإعلام تساعد الجهات المذكورة في تصوير الدين والسياسة والمجتمع والاقتصاد والمال بأنها غايات لا وسائل لخدمة الفرد والمجتمع. وتصبح هذه الصورة المشوهة والخاطءة قاعدة ثابتة وحقيقة وصوابا”.ولايقبل من الفرد رفضها ونقدها وان أدت بحياته إلى ما يشبه السجن والجحيم حيث الضيق والضغوط والعذاب والقهر والانزعاج وقلة المال وقلة الاحترام وضعف الشعور بالأمان والعدالة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى