المقالات

هل من خطة لاستهداف سورية من “الشمال”؟ – بقلم: حسان الحسن

لا يزال هاجس تحويل مدينة طرابلس إلى بؤرة توتير لاستهداف سورية وحلفائها، قائماً لدى بعض الأفرقاء الطرابلسيين، وهذا الهاجس لم يكن مرتكزاً على تحليلات أو معلومات متداولة غير دقيقة، بل من خلال سلوك بعض النواب “المستقبليين” وأتباعهم في المدينة.
فبعد ما فشلوا في استفزاز أهالي جبل محسن وإقحامهم في أتون فتنة مذهبية مع جيرانهم في المناطق المجاورة، عبر ما يسمى “اعتصامات التضامن مع الشعب السوري”، والتي كانت تهدف في عمقها إلى استجرار الفتنة المذهبية إلى عاصمة الشمال بعد وأدها في سورية، لجأوا راهناً إلى خطة جديدة وهي “استخدام بعض المناطق الشمالية لمواجهة النظام السوري” بالتنسيق مع ما يسمى “المعارضة السورية”، وبرعاية الإدارة الأمنية لما تبقى من “قوى الرابع عشر من آذار”.
وجلّ ما تهدف إليه هذه الخطة، هو تهريب السلاح وعدة التخريب إلى الداخل السوري، وتأمين ملاذ آمن للإرهابيين في بعض المناطق الشمالية، تحت عنوان براق وهو “حماية حقوق الإنسان والحريات العامة”.
فالمطالبة بحماية “اللاجئين السوريين” أصبح كاللازمة في خطب نواب “تيار المستقبل” ومسؤولية، بعدما زهقوا دماء عشرات العمال السوريين الأبرياء، غداة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وما تبعها من تداعيات.
ولكن الخطورة في الأمر، تكمن في الصخب والضجيج الإعلاميين اللذين يثيرهما “المستقبل” عند استدعاء الأجهزة الأمنية لأي مشتبه به من “اللاجئين”، فيعمد نوابه ومسؤوليه إلى إطلاق الاتهامات جزافاً في حق قادة الأجهزة المذكورة، ويحاولون إيهام الرأي العام بأن الأجهزة المذكورة تنفذ تعليمات آتية من وراء الحدود.
ومن أجل تغطية ارتكاباته وتجاوزاته الأمنية، لجأ “المستقبل” إلى اعتماد أسلوب “ضربني وبكى سبقني واشتكى”، فيدّعي نوابه أن حزب الله يقيم “مربعات أمنية” في طرابلس، وقد أعلن النائب خالد الضاهر أنهم على استعداد للنزول إلى الشارع لإزالة هذه “المربعات”.
إن هذه الادعاءات والروايات، لم تعد تنطلي على أحد، خصوصاً بعد أن نقض النائب العام التمييزي سعيد ميرزا رواية المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي “الآتي من رحم “ثورة 14 آذار” عن خطف معارضين سوريين في لبنان وتسليمهم للسلطات السورية.
فهذه الادعاءات هي بمنزلة “قنابل دخانية” لحجب الأنظار عن استهدافهم لسورية ولجمهور المقاومة، وهذا ما ظهر جلياً من خلال الاعتداءات التي أقدم عليها “المستقبل” وملحقاته على مؤيدي نهج المقاومة في منطقتي الزاهرية والبداوي وإحراق محالهم التجارية وتحطيمها، بتغطية من أحد الأجهزة التي تثير الكثير من الأسئلة حول شرعيته ودوره، بذريعة وجود “مربعات” في طرابلس.
وسط هذه الأجواء المشحونة، أبدت إحدى الجهات الأمنية خشيتها من انفلات الوضع الأمني في الشمال، جراء تغلغل “المعارضة السورية” في بعض مناطقه، وتقديم بعض الأطراف اللبنانيين لها الملاذ والمساندة والدعم اللوجستي، الأمر الذي قد يثير حفيظة القوات السورية ويدفعها مرغمةً لاختراق الحدود أحياناً لملاحقة المخربين، دفاعاً عن أمنها القومي، بعد الهدوء النسبي التي تشهده الحدود الشمالية – الشرقية مع سورية راهناً.
في المقابل يسعى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى نزع فتيل التوتر، من خلال التقريب في وجهات النظر بين إسلاميي 8 و14 آذار، ومحاولة إقناع مختلف الأفرقاء بعدم تحويل طرابلس إلى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية أو بؤرة للانقضاض على الجارة الأقرب.
وفي هذا الصدد، لم يعوّل أحد مسؤولي التيارات الإسلامية على نجاح مسعى ميقاتي، لافتاً إلى أن القوى المنضوية تحت لواء الرابع عشر من آذار، لا تزال تراهن على سقوط الحكم في سورية، وهي ملتزمة “أجندة خارجية” تسعى إلى تنفيذ بنودها.
في المحصلة، ألم يحن الوقت لبدء مسيرة التغيير والإصلاح الحقيقية، وإزاحة جميع المرتكبين في مختلف أجهزة الدولة المدنية والقضائية والأمنية، وأما بغير ذلك فليتوقع اللبنانيون رواية خطف جديدة، وتوترات أمنية مستمرة.

الثبات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى