التحقيقات

الديموقراطية بدون ضوابط كافية تضر – أسامة اسماعيل

الحكومة تخفف الضغوط ولكن الواقع السيء مستمر
النظام الديموقراطي بدون ضوابط كافية وفق منظري السياسة مثل موريس دوفرجيه وجورج سباين وروبرت كابلان وليبست Lipest ولاد أزمات ويختلف عن الديكتاتورية بالدرجة لابالنوع ويقلص ويستبعد دور النخبة وقد يزيد الأمراض الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.وقبلهم انتقد فلاسفة اليونان أمثال سقراط وأفلاطون وأرسطو النظام الديموقراطي وقالوا انه لايقيم وزنا”للفضائل ولا للمميزات الفردية ودعوا الى وضع ضوابط له ان كان لابد منه كي لاتتحكم العامة والعددية الشعبية بالقرارات وكي لاينزل الى مستوى الغوغاء والدهماء والفوضى ورأوا أن أساس سيادة الأكثرية الشعبية ليس عادلا”فحسب بل هو أيضا”غير نافع.فكيف اذا كان النظام الديموقراطي طائفيا”عشائريا”حزبيا” كما هو الحال في لبنان حيث تتحكم العددية الشعبية بالقرار والرأي عبر الانتخابات والأحزاب والمظاهرات،فيما المثقف النخبوي المستقل يهمش ويستبعد دوره.
لو كان هذا النظام في لبنان خاضعا”لضوابط وحدود كافية في ما يتعلق بالانتخاب وتأليف الأحزاب وتمويلها ووسائل الاعلام والتعيين والتوظيف لكان الوضع أفضل،وكان بالامكان تفادي هكذا أزمات .اذ أن تحكم العددية الشعبية بالانتخاب والقرار بالاضافة الى اللعبة الدولية الاقليمية أوصل أشخاصا”غير نخبويين وغير أكفاء وغير نزيهين الى الادارة ومراكز المسؤولية والقرار،ما يؤدي الى الهدر والتسيب والاهمال واستيلاد أزمات وتحريك الشارع والفوضى على غرار ماحدث منذ 17تشرين الأول 2019 حتى ما قبل تأليف الحكومة الحالية برئاسة نجيب ميقاتي .وأدى غياب الضوابط الكافية الى سحب ودائع بالعملة الصعبة وتحويلها الى الخارج حتى بلغت أكثر من 7مليارات الدولارات،مع اصرار المشرفين على القطاعين المالي والنقدي على التملص من المسؤولية عن هذا الموضوع ،والتذرع بشح الأموال بالعملة الصعبة لتبرير رفع الدعم أو تخفيفه عن المحروقات والسلع والمواد الأساسية بدلا”من استرداد الأموال بالعملة الصعبة المهربة الى الخارج لتخفيض سعر الدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية وتوحيد سعر الصرف هذا،وتوفير البديل مثل البطاقة التمويلية وزيادة الرواتب والأجور وتوفير فرص عمل بالتزامن مع مراقبة الأسعار ووضع حد أعلى للربح لا يجوز تجاوزه،ما يجعل تخفيف الدعم أو رفعه عن بعض السلع والمواد الأساسية محمولا”من قبل الفرد المواطن ذي الدخل المحدود أو المتدني.فيما مشكلة تقنين الكهرباء تفاقمت بعد 17تشرين الأول 2019 نتيجة ضغوط الأزمة المفتعلة.ولكن تفاقم هذه المشكلة ما كان ليحدث لولا الاهمال والهدر اللذين طالا قطاع الكهرباء على مدى سنوات حيث أنفق من المال العام على الكهرباء بين عامي 1993و2017 ،20مليار دولار.ورغم ذلك استمر التقنين وأصبح أقسى في الفترة الأخيري ويغطي اللبنانيون 80 بالمئة من الطلب عبر المولدات الخاصة في المدن والقرى،وتمثل الكهرباء ثلث الدين العام.
النظام الديموقراطي الطائفي والعشائري والحزبي وتحكم العددية الشعبية بالانتخاب والرأي والقرار بالاضافة الى اللعبة الدولبة الاقليمية عوامل تستولد أزمات وتجعل الحياة صعبة جدا”في هذا البلد حيث الدولة ليست مدنية وقادرة بما فيه الكفاية وتعاني الدين العام والعجز المالي والادارة السيئة الخاضعة للمحسوبيات و”الواسطات” والتسيب والهدر وحيث المجتمع يفضل التابع والشعبوي والطائفي والسطحي والمزعج على النخبوي المستقل ،ويجعل الحقوق الفردية ملكا”له بدلا” من أن تكون ملك الفرد نفسه ضمن اطار عدم الاضرار بنفسه وبالاخرين وعدم الازعاج ودون الخضوع لعادات وتقاليد وطقوس لا لزوم لها ولافائدة منها.أما تأليف الحكومة فقد يخفف الضغوط الناتجة من الأزمة ولكنه لايلغي الواقع السيء المذكور الذي أعادت انتاجه المظاهرات الشعبية أومايسمى انتفاضة وستعيد انتاجه أيضا”الانتخابات النيابية ان أجريت في موعدها أم لا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى