الأخبار اللبنانية

منسق عام جبهة العمل الإسلامي في لبنان يلقي كلمة في افتتاح مؤتمر علماء الدين المسلمين في داغستان

بدعوة من جامعة العلوم الإنسانية في جمهورية داغستان في روسيا الاتحادية شارك منسق عام جبهة العمل الإسلامي في لبنان سماحة الشيخ الدكتور زهير الجعيد إلى جمهورية داغستان في روسيا الاتحادية في المؤتمر العلمي والتعليمي الدولي الثالث تحت عنوان: “تراث علماء الدين المسلمين في تعزيز القيم الروحية والأخلاقية، والهوية المدنية” الذي نظمته الجامعة بمساعدة الإدارة الدينية لمسلمي داغستان ووزارة شؤون القوميات والأديان والسياسة الوطنية وبدعم من الصندوق الدعم الثقافة والعلوم والتعليم الإسلامي الروسي، في المتحف الوطني في العاصمة الداغستانية “محج قلعة” حيث شارك بالمؤتمر عدد من الشخصيات العلمائية والعلمية والاكاديمية من عدة دول ومن مختلف دول الاتحاد الروسي.

وألقى سماحة الشيخ الدكتور زهير الجعيد كلمة في افتتاح المؤتمر جاء فيها:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه..

يشهد العالم كله تغييرات على كافة الصعد غيرت في الكثير من المفاهيم والقيم والتقاليد، ولعب التطور التكنولوجي الدور الأكبر في هذا التحول، فصار الكون قرية صغيرة يتلاقى فيها الناس كافة، فلم يعد هناك أي عائق بينهم في التواصل بين جميع البشر من مختلف دول العالم ومهما تعددت لغاتهم.

هذا الأمر يجب أن يكون فرصة لنا كمسلمين للدعوة إلى الله وإيصال الإسلام الحقيقي والسمح إلى كل البشر من خلال تقديم النموذج الطيب والصالح عن المسلمين.

ولكن نتيجة لغياب المشروع الإسلامي العالمي الدعوي المتفق عليه بين المسلمين، ونتيجة للتفرق والشقاق والنزاع الذي يحكم عالمنا الإسلامي، فإن هناك خطراً كبيراً على منظومة القيم والأخلاق العالمية وليس الإسلامية فقط، فبتنا نرى تسارعاً في الانهيار الأخلاقي والروحي لدى أغلب الناس والمجتمعات، وابتعاداً عن الدين وتعاليمه والعادات الحميدة والتقاليد القيِّمة والتربية الصالحة.

حتى وصل الأمر إلى الدعوة إلى الإلحاد وتبني الإباحية والتفكك الأسري والمجتمعي، مما يشكل الخطر الأكبر على أبنائنا وأجيالنا الصاعدة إن لم نستطع تحصينهم من هذه الهجمة المدمرة لكافة المجتمعات، مما يوجب على الجميع وليس المسلمين وحدهم مواجهة هذه الآفة الخطيرة التي تفتك بالجميع. لهذا فإن على الجميع من المسلمين والمسيحيين وخاصة رجال الدين التعاون لمواجهة هذه الآفة الخطيرة جدا على الجميع.

ومن المخاطر الكبرى، سهولة نشر الأفكار المتطرفة والحض على الإرهاب واستغلال ضحالة العلم وعدم الفهم لدى غالبية الشباب الذي ابتعد عن التحصيل الشرعي الصحيح، وعن التحصين الروحي المثالي، من خلال تعلم الدين الإسلامي الحق الذي هو دعوة للرحمة كما قال الله تعالى لرسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، وبناء الإنسان المسلم ليكون كصورة النبي صلوات الله وسلامه عليه في وصف الله عز وجل له: (وإنك لعلى خلق عظيم).

ولهذا فإنه من الواجب اليوم أمام العلماء المسلمين الدفاع عن هذا الدين الحنيف بمحاربة التطرف والغلو ومواجهته بكل ما أوتوا من قوة.

وعندكم هنا في روسيا من المهم بذل الجهد من قبل كل العلماء وعلى رأسهم مجلس المفتين الروس لتحصين الساحة الإسلامية الروسية من تسلل أصحاب الأفكار المشوهة والدعوات المشبوهة التي تحمل في ظاهرها الإسلام ولكنها بالحقيقة لا تجلب إلا الخراب والدمار من خلال نشر الفكر المتطرف والإرهابي وتعاليمه واستغلال حب الشباب المسلم الروس لدينهم واقبالهم المتزايد عليه، وما حدث في بعض دول الاتحاد الفدرالي الروسي من تسلل الفكر الإرهابي القاتل المجرم إليها وإفساده في الأرض وقتله لكبار العلماء في داغستان والشيشان وغيرها من دول الاتحاد ناهيك عن مئات العمليات الإرهابية التي ذهب ضحيتها المسالمون والبريئون دون وجه حق خير دليل عن خطورة هذا الفكر.

إن دعوات الانفصال المشبوهة من حركات ومنظمات تدَّعِي زوراً وبهتاناً الانتماء للإسلام، ما هو إلا نتاج عمل مخابراتي غربي استطاعت من خلاله الدول الاستعمارية وعلى رأسها أمريكا من تمزيق العالم الإسلامي وجر الويلات والحروب والدمار والقتل والحرق والتهجير والفقر إليه، وها هي التجربة ماثلة أمامنا في أفغانستان والعراق وسوريا واليمن وغيرها التي ضربها هذا الارهاب ودمرها.

إن وضع المسلمين اليوم في روسيا يشهد تطوراً علمياً وسياسياً لافتاً من خلال سياسة اليد الممدودة والانفتاح وإعطاء الحرية الممنوحة من قبل إدارة الرئيس بوتين، مما يوجب على القادة السياسيين والعلماء والمفتين التعاطي بإيجابية ومحبة ودعوة المسلمين إلى الانصهار ضمن المجتمع الروسي المتعدد الاثنيات والطوائف والمذاهب بروحية التعاون والبناء والدفاع عن بلدهم ومصالحه أمام التهديدات الخارجية والداخلية. والوقوف خلف قيادتهم السياسية والعسكرية في الحرب القائمة في أوكرانيا دفاعاً عن أمن روسيا القومي من خطر التدخل الإمبريالي الأمريكي وتابعه الأوروبي على الحدود الروسية والهيمنة على أوكرانيا واحتلالها سياسياً واقتصادياً وفكرياً وبناء قواعد عسكرية فيها.

آن تبني كل المسلمين الروس موقف الدولة الرسمي ومساندته بكافة الأشكال المتاحة والتواصل مع المرجعيات الإسلامية والدينية في العالم لشرح وجهة نظر الدولة الروسية فيما يحصل في أوكرانيا لهو فرصة للمسلمين الروس لتحقيق المزيد من المكاسب السياسية والمشاركة في صنع القرار مما يجعلهم عوناً وسنداً لإخوانهم المسلمين في العالم من خلال المساعدة في تبني الحكومة الروسية لقضايا المسلمين المظلومين في العالم وعلى رأسها قضية الشعب الفلسطيني المضطهد والمظلوم والذي احتلت أرضه وبيوته وأخرج من بلده بغير حق وتآمر من القريب قبل البعيد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى