التحقيقات

دور الاعلام أوسع من الطابع الاخباري والدعاية الانتخابية \ اسامة اسماعيل

ان دور الاعلام والصحافة أوسع من نقل أخبار السياسة الانية والانتخابات وتفاصيلها وأوسع من الطائفية والتحزب والحالة الشعبوية واجترار الأزمات المفتعلة والحروب،محليا”واقليميا”ودوليا” وتسويقها.فدوره رديف ورافد لدور المثقف النخبوي المستقل الذي يعارض وينتقد الديموقراطية الانتخابية الطائفية الحزبية وهي الوجه الاخر للديكتاتورية، وسياسة الزعامات الطائفية والحزبية وتقاسم الحصص بينها ولعبة المحاور الاقليمية الدولية.ويعارض وينتقد أيضا”دين المظاهر والأحزاب والمتاجرة والولاء والتقديس لأشخاص بشريين ،والسطحية والفوضى و”التشبيح”والتسلط والظلم والغبن اللذين يولدهما التفاوت بالدخل والمستوى الاقتصادي والتوظيف على أساس الولاء و”الواسطة”والجشع واستغلال الأزمات المفتعلة والاحتكار والتلاعب بأسعار العملات والسلع لغايات مسيسة وربحية،واستعمال المعتقدات الجماعية والعواطف والغرائز والحاجات المادية ومخاطبتها لتسيير الأفراد في القطيع الطائفي والعشائري والحزبي والشعبي.
مادامت وسائل الاعلام والصحافة ذات دور تثقيفي وارشادي وتغييري فعليها الارشاد الى الاختلاف والتمايز بين الوسائل والأهداف،والشوائب والاختلالات والمشوهات التي دخلت في الوسائل.فالدين والسياسة والمجتمع والاقتصاد ليست أهدافا”بل وسائل لخدمة الفرد،ولكن الشوائب والاختلالات دخلت في هذه الوسائل وحولتها الى أهداف بذاتها وتستعمل لخدمة السلطة والسيطرة والنفوذ ومصالح فئات معينة ضد مصالح اخرين وخاصة النخبويين المستقلين.فالدين ليس هدفه شقاء الفرد وتعذيبه وتكبيل حريته والحجر على عقله وارادته واذلاله وليس تقديسا”لأشخاص بشريين والولاء لهم وليس مظاهر ومناسبات وافتعال ضجيج ورياء ومزايدة وليس ولاء لأحزاب وانتخابات بل هو عبادة لله وتقديسه والولاء له وحده لأجل الجنة والراحة والحرية والاحترام والأمان وتحسين الأخلاق والذوق.وعلى وسائل الاعلام والصحافة الارشاد الى المفهوم الحقيقي والسلوك الصحيح للسياسة،فيما الواقع مغاير لهذا الدور حيث تقوم معظم وسائل الاعلام السياسية المحلية بالترويج للسياسة الانية حيث يبدل الأشخاص السياسيون والأحزاب اراءهم ومواقفهم وتحالفاتهم وخصومهم تبعا”لمصالحهم وعواطفهم وحساباتهم الانتخابية واللعبة الدولية الاقليمية،وتقوم هذه الوسائل بالدعاية السياسية والانتخابية لهؤلاء الأشخاص والأحزاب لأجل التمويل وكسب الشعبية والجمهور.وبعض هذه الوسائل تبنت ما يسمى”ثورة” بعد 17تشرين الأول 2019 ثم تستضيف الذين كانوا مشمولين بشعار “كلن يعني كلن”،وأصبحت هذه الوسائل تقدم اعلاما”تنطبق عليه صفة اعلام المواسم والمناسبات: موسم التظاهرات الشعبية أو ما يسمى “ثورة”،موسم الانتخابات النيابية… وأصبح مجال الاعلام مفتوحا”أمام كل دخيل وطفيلي ووصولي وانتهازي،ومقفلا”أمام صاحب الاختصاص والكفاءة النخبوي المستقل بسبب تراجع الدور التثقيفي والارشادي والتغييري المستقل وغلبة التبعية والولاء و”المحسوبية”والشعبوية والطائفية والطابع الاخباري والدعاية السياسية والانتخابية المدفوعة،والسطحية وغياب وسائل الاعلام المتخصصة والعلمية المحلية مثلما هو الحال في الدول المتقدمة.
لو كانت معظم وسائل الاعلام المحلية نخبوية ومستقلة وواعية لحقيقة المشكلات والأزمات وأسبابها وعلاجها لما دخلت في لعبة السياسة الانية والأزمات المفتعلة والتظاهرات والتسويق للانتخابات والمرشحين لأجل التمويل والدعم رغم الأزمة الاقتصادية والمعيشية والانمائية ورغم كلفة الانتخابات النيابية الباهظة التي تقدر بمئات مليارات الدولارات وتقدر كلفة تأمين الكهرباء وحدها للانتخابات بستة عشر مليون دولار أميركي. هذه المبالغ كفيلة بمعالجة جزء من أزمة الاقتصاد والمعيشة والكهرباء والبنى التحتية،ان أنفقت عليها ثم ان الانتخابات النيابية شعبية عددية طائفية حزبية ولن تؤدي الى تغيير السياسيين والأحزاب الحاليين وتحسين الأوضاع العامة.ومادام النظام الديموقراطي الطائفي الحزبي هو السائد،ومادامت التربية والمجتمع هكذا، ومادامت اللعبة الدولية الاقليمية هكذا فلن يتغير الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والانتمائي للأفضل .ولن تؤدي التظاهرات والانتخابات الى اهتراء السياسيين والأحزاب الطائفية الشعبوية وتساقطهم في الوقت الذي يكون فيه البديل الأفضل جاهزا”.
أسامة اسماعيل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى