التحقيقات

“الأميركية” توضب حقائب الرحيل إلى قبرص
والجامعة اللبنانية تنهار دراماتيكاً أمام حرب الإلغاء التربوية

رائد الخطيب \ رئيس تحرير الرائد نيوز

لا يختلف اثنان، أنَّ الجامعة اللبنانية جاءت نتيجة حراك شعبي طلابي كبير، سجلت انطلاقتهُ في ٢٣ كانون الثاني ١٩٥١، واليوم وبفضلِ السياسات الخنفشارية، والتي بات من الواضح أنها تستهدف كيان الدولة، بدءاً من مؤسساتها الناجحة وفي طليعتها قطاع التعليم الرسمي في مراحله كافة، من الواضح أنّ ثمة حراك آخر مغاير تماماً لما حدث أوائل العام ١٩٥١، إذ أن هذا الحراك يستهدف ضرب قطاع الشباب والبنية الفوقية وهي التعليم، وهو ما يعني حرمان الطبقتين المتوسطة (لم يبقَ منها سوى ١٠%)، والفقيرة من الحصول على التعليم شبه المجاني، كل ذلك مع قضم الحقوق لاساتذة الجامعة، السؤال أين سيتعلم أبناؤنا لو تدحرجت مرةً تلو المرة صخرة سيزيف؟.

لكن الأمر لا ينتهي عند الوقف السياسي للجامعة الوطنية، بل يتعداه إلى أهم وأعرق جامعة في لبنان، وهي الجامعة الأميركية في بيروت التي تأسست في ٣ كانون الأول ١٨٦٦، التي توضب حقائبها للرحيل تجاه الجزيرة القبرصية، أي بعد ١٥٦ سنة ورغم كل ما مرّ بلبنان، لم يتخذ مثل هذا القرار الخطير، ألا يطرح ذلك علامات استفهام كبرى، على غرار السؤال الجنبلاطي الميتافيزيقي: إلى أين؟

الجامعة الوطنية

تقول الدكتورة فاطمة مشرف “أستاذ مساعد في الجامعة اللبنانية ومندوب كلية طب الأسنان في رابطة الأساتذة المتفرغون في الجامعة. سابقاً رئيس ومدير الدراسات العليا (ماسترز) لقسم أمراض وجراحة اللثة والعظم”، إن موضوع الجامعة اللبنانية قُتِلَ بحثاً وكلامًا، ونحن في العام الماضي لم نترك تلفزيونًا إلا أطلينا من خلاله وتكلمنا عن الجامعة.

تضيف مشرف “القصة ليست بجديدة، هناكَ منهجية بتدمير الجامعة اللبنانية فأولها أن موازنة الجامعة اللبنانية كانت توازي ٣٠٠ مليون دولار والآن قاموا بتقليص الموازنة إلى ٦٠ مليون دولار لكن جامعة بهذا الحجم وعدد طلاب يقدر ب ٨٤ ألف طالب الى ٨٦ الف فهذا المبلغ لا يكفها ثلاثة أشهر بين صيانة والتزامات، لذلك تم ضرب موازنة الجامعة.

والصرح الجامعي مهمل فلا كهرباء ولا ماء ولا صيانة والمجمع الشمالي في الهيكلية (حفرة نفرة)، والقساطل مجنزرة ولا أوراق ليكتب عليها الطلاب فالطالب يكتب على الورقة على الوجهين ولا صابون، أما صندوق التعاضد الذي يقتطع من معاشاتنا من أجل خدماتنا الصحية لم يبق ما يسمى صندوق أي لم تعد الدولة تغطيه وأصبحنا مكشوفين صحيًّا”.

معاناة دكتور جامعي

تقول الدكتورة مشرف “هناك حكيم أجريت له عمليه قلب مفتوح دفع له الصندوق ١٨ مليون ليرة وهو استدان ١٤٠ مليون كقرض ب ٣ ملايين بالشهر. ومعاش الاستاذ الجامعي يتراوح بين ٣ الى ٦ ملايين.

وضع مزرٍ ناهيك عن ملفاتنا( التفرغ، الملاك، المدربين، المتعاقدين) ولم نلحظ تحسين في أي مجال”.

ماذا سيحصل للجامعة الوطنية؟

تلفت مشرف إلى “أن هجرة الأدمغة موجودة حيث أن كثيرًا من الأساتذة هاجروا وهم من أهم الأساتذة الذين كانوا موجودين في الجامعة ومن حملة الجنسيات الأجنبية، وأصبحت هناك فراغات في عدد الأساتذة

والرئيس قال أننا ذاهبون إلى خراب وإن بقي الوضع كذلك سنضطر إلى إغلاق بعض الفروع وربما بعض الكليات.

وضع الجامعة اللبنانية حاليًا كوضع البلد في الجحيم في القعر إن لم يتم إنقاذها فهي آيلةٌ للتسكير والزوال.

وكل الحلول التي طرحوها لا عازة لها، فقد أصبحت مدمرة بنظامها الداخلي وإدارتها ومجلسها المُغيّب حيث لا مجلس للعمداء بل يقتصر على وزير الجامعة والوزير فقط”.

كيف يرى الدكتور علم الدين مشكلة الجامعة الوطنية؟

يقول الدكتور محمد علم الدين، الأستاذ في قسم الحقوق والعلوم السياسية_الفرع الثالث: “لم تعد قضية الجامعة اللبنانية مسألة ملفات عالقة لدى السلطة ويجب متابعتها، وهي جميعها ملفات محقة وضرورية لاستمرار الجامعة وديمومتها كمؤسسة وطنية للتعليم العالي، بل باتت المسألة مطروحة حول وجود واستمرارية الجامعة من عدمه، خاصة في ظل موقف صندوق النقد الدولي المعروف من كل القطاع العام ومطالبته بترشيق هذا القطاع بدءاً بوقف التوظيف، وصولاً ربما إلى تهشيل العاملين فيه من خلال سحق رواتبهم والقضاء على حقوقهم الاجتماعية كما هو الحال اليوم.

لقد شكلت الجامعة على مدى تاريخها رافدًا رئيسيًا للبنان على مستوى الموارد البشرية والخبرات المميزة، كما كانت موئلًا للطلاب من أبناء الطبقات الوسطى والفقيرة حيث أمنت لهم فرصة لبناء مستقبل أفضل في العديد من الاختصاصات والمجالات”.

وأضاف علم الدين “أن الصرخة التي تطلقها الجامعة اليوم ليست محصورة بالأساتذة فقط، ولا يحب أن تكون، بل بالطلاب وذويهم الذين من دونهم لا وجود للجامعة، ومن ثم بالموظفين الذين ضحوا وتعبوا وخسروا ربما جنى أعمارهم بسبب انهيار رواتبهم بحيث بات جميع أهل الجامعة عاجزون عن تأمين متطلبات العيش ولو بالحد الأدنى (الرواتب لا تكفي كلفة محروقات ونقل)”.

ويشير إلى أنَّ تجاهل السلطة لمطالب الجامعة المحقة ليس بريئًا، وهو بمثابة مؤامرة على أهم صرح وطني سيكون دماره بمثابة نهاية لبنان.

لقد سلكت هذه السلطة الفاجرة مرغمة طريق التفاوض مع صندوق النقد بعدما انهار الهيكل بفعل أداء القائمين عليه، والتجارب تخبرنا بأن ما من دولة لجأت الى الصندوق لطلب المساعدة إلا وكان الخراب بانتظار الشعب المسكين.

إن الدفاع عن الجامعة الوطنية هو واجب وطني وثقافي واجتماعي وأخلاقي ملزم لكل لبناني مؤمن بديمومة هذا الوطن واستمراريته”.

الجامعة الأميركية الى قبرص

تشير معلومات واردة إلى موقعنا أن الجامعة الأميركية من المقرر، أن تفتتح أول فرع لها خارج لبنان، في مدينة بافوس القبرصية مطلع أيلول المقبل.

إلى ذلك، ووفقاً للمعلومات الصحفية والإعلامية وبحسب عمدة المدينة، فقد بدأ العمار في الصيف الجاري، (بقيمة 29 مليون يورو) وستكون الجامعة الجديدة متخصصة بعلوم الكومبيوتر والاقتصاد والهندسة المدنية.

يأتي هذا القرار طبعاً بعد الأزمات المتتالية التي تعرض لها لبنان خلال السنوات القليلة الماضية، مع انهيار القطاع المصرفي وتراجع قيمة الليرة اللبنانية، إضافة لهجرة العقول عن لبنان، ومنها طبعاً طلاب ومدرّسي الجامعة الأميركية.

هي ليست المرة الأولى التي تتعرّض بها الجامعة إلى تحديات جمّة، فقد مرّ عليها حربان عالميتان، وحرب أهلية طاحنة ومدمرة، استمرت من سنة 1975 ولغاية عام 1990. ولكن أزمة اليوم هي بلا شك الأشد والأقصى على لبنان وعلى الجامعة.

على هامش الحروب والدمار، مرّ على الجامعة الأميركية عدة أزمات، خلقت الكثير من الفوضى في وقتها وزمانها. سنتوقف مع اثنتين من تلك الأزمات، الأولى في ثمانينيات القرن التاسع عشر والثانية في خمسينيات القرن العشرين.

نعم ستفتتح الجامعة الاميركية في بيروت مجمعًا للأقمار الصناعية في مدينة بافوس القبرصية بحلول ايلول 2023.

كما ونقلت وكالة الأنباء القبرصية عن عمدة بافوس فيدوناس فيدونوس خلال مؤتمر صحفى قوله إن شركته استثمرت 29 مليون يورو في المشروع. وأضاف أن الهدف هو أن يتم تسجيل أول دفعة من الطلاب في بداية العام الدراسي 2023-2024.

سيستضيف المجمع الجديد عدة أقسام، منها علوم الحاسبات والاقتصاد والأعمال، بالإضافة إلى كلية الهندسة المدنية بهدف إستيعاب أكثر من ألفي طالب.

وأشارت الصفحة الرسمية للعمدة على موقع “فيسبوك” إلى أن حفل إطلاق رسمي سيتم في مسرح ماركيديو البلدي في بافوس يوم الجمعة 8 نيسان، ويحضره رئيس قبرص نيكوس أناستاسياديس، ومساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون التعليمية والثقافية لي ساترفيلد، ورئيس الجامعة الأميركية في قبرص فادلو خوري، وسفيرة الولايات المتحدة في قبرص جوديث غاربر. وخلال الاحتفال سيتم كشف النقاب عن نسخ وتصاميم الحرم. سيطلق على الحرم الجامعي الجديد اسم الجامعة الأمريكية في بيروت — البحر الأبيض المتوسط.

تم الإعلان لأول مرة عن الحرم الجامعي في أواخر العام الماضي في بداية الفصل الدراسي من قبل خوري. وحسب محاضر اجتماع مجلس الشيوخ، فقد كانت المفاوضات جارية لافتتاح حرم آخر في دبي قريبًا.

وأخيرًا

انتشرت خلال اليومين الماضيين، مجموعة من الشعارات الداعمة للجامعة الوطنية، وأُعلنَ النفير العام على مواقع التواصل، للدفاع عن هذا الصرح العريق، ولكن يبدو بديهياً أن السقوط آتٍ، ومن ينظر إلى تكوين مجلس النواب الحالي، سيدرك كم من النواب لا يحمل شهادات جامعية، وكم من الساسة لا يحمل الشهادة الأخلاقية، وبالتالي لا الوطنية ولا الأميركية ستجدان الرغبة الكافية لدى السلطة للدفاع عنهما، ففاقد الشيء لا يعطيه.

المصدر: الرائد نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى