التحقيقات

رؤية شاملة تجاه الدين والسياسة والمجتمع والإقتصاد والإعلام \ أسامة إسماعيل

     هذا المقال يمثل رؤية النخبوي المستقل تجاه الدين والسياسة والمجتمع والإقتصاد والإعلام والفن. وهذه الرؤية تتعارض مع ما هو عليه واقع هذه الأمور والمفاهيم والمعتقدات والنظريات السيئة المتعلقة بها. وهذا الواقع يحصل على تشجيع وقبول من قبل المستفيدين منه ومستغلينه لأنه يؤمن لهم السلطة والنفوذ والثروة، ويضايقون النخبوي المستقل الذي يعاكس هذا الواقع ويحاولون إبعاده عن الوظائف وفرص العمل والدخل الجيد والمكانة وتهميشه. ويمكن تلخيص هذا الواقع بأنه واقع التسلط والفوضى والتعصب والتحزب والشعبوية والسطحية. ويشجع النظام الديموقراطي الإنتخابي الطائفي الحزبي المرتبط بالخارج هذا الواقع الذي يمكَن المتماشي معه من الوصول إلى المناصب والوظائف والمكانة على ظهر الأفضل والأجدر منه وممارسة "التشبيح" والنكاية والإزعاج ضد النخبوي المستقل.
 يرفض النخبوي المستقل ما أدخل في الدين من معتقدات ومناسبات وعادات وطقوس تتعارض مع جوهره وخاصة عبادة أشخاص أو تقديسهم والولاء لهم ووضعهم فوق سائر البشر، وما يتعارض مع قيمة الفرد وحريته وراحته والعدالة والعقل والعلم. أما السياسة فهي برأيه إدارة وتنمية وتحسين أوضاع عامة وليست زعامة طائفية وحزبية وشعبية وانتخابات شعبية عددية ولعبة محاور دولية إقليمية ولكن واقع السياسة السائد في العالم غير ذلك. وفي لبنان، النظام الديموقراطي العددي الطائفي الحزبي المرتبط بالخارج يشجع السياسة التي تسمى تمييزا"عن سياسة الإدارة والتنمية، السياسة الآنية أو الضيقة. وعلى أساس هذه السياسة تدار شؤون الدولة وعملية توليها وتداولها بين الأشخاص والأحزاب والمجموعات. ويقحم الإقتصاد والتنمية والخدمات من جراء هذه السياسة في مسرحيات التجاذبات والخلافات والتحالفات. ولو كانت السياسة في هذا البلد إدارة وتنمية لكان وضعه أفضل بكثير ولما انخفضت قيمة الليرة اللبنانية 95% مقابل الدولار الأميركي  ولما حدثت حالات إفقار وإذلال ولما ارتفعت الأسعار إلى أكثر من 1000% ولما حدث إنقطاع الكهرباء المستمر مع فترات تغذية لا تتجاوز ساعتين أو ثلاث باليوم ولما حدثت الإدارة السيئة للنزوح واللجوء، ولما حدث التفاوت الكبير بالدخل بين الأفراد وتعطل العديد عن أعمالهم في مقابل تنعم العديد بالوظائف وفرص العمل والدخل الجيد أو المرتفع بسبب التبعية و"الواسطة" و"المحسوبية" واستغلال الأزمة والمنافسة غير المشروعة. ولاتزال سياسة الإدارة والتنمية بعيدة عن ما يتداول به في وسائل الإعلام وبين الناس حيث يتم التركيز على ما يسمى السياسة الآنية أو الضيقة والإنتخابات التي تهتم بوصول هذا الشخص أو ذاك أو هذا الحزب أو ذاك إلى المنصب الرئاسي أو الوزاري أو النيابي وزيادة نفوذه ونفوذ هذا المحور أو ذاك أو هذه الدولة الخارجية أو تلك أكثر بكثير مما تهتم بالإدارة والتنمية وتحسين الأوضاع العامة والحلول الشاملة والعادلة للأزمة المالية والنقدية والإقتصادية والإنمائية. ويفصل النخبوي المستقل بين المفهوم الحقيقي للسياسة والواقع السيء لها عبر الذين يديرونها ويتحكمون بها من أشخاص وأحزاب ومجموعات ودول فيجعلونها لعبة بأيديهم لخدمة مصالحهم ونفوذهم وغاياتهم وتصبح معهم ومع أتباعهم بعيدة عن النخبة المثقفة المستقلة وتتحكم بها الحالة العددية الشعبية الطائفية الحزبية. وتتدخل هذه اللعبة في الإدارة والإقتصاد والتنمية والإعلام وحتى القضاء. فتكون النتائج سيئة جدا"على الفرد والمجتمع والوضع المالي والإداري والإقتصادي والمالي والنقدي والإنمائي. وهذا مايرى في الأزمة الحالية المفتعلة. وهذا ما يعبر عنه واقع التسلط والفوضى والتعصب والتحزب والشعبوية والسطحية واللاتوازن واللاعدالة والفساد المالي والإداري والهدر والإهمال والجشع والغلاء الفاحش.
  النخبوي المستقل ليس اجتماعيا"بالمطلق ولامنعزلا" بل هو فردي اجتماعي بشروط وحدود. منطلقا"من عقله وإرادته الفرديين اللذين يشرفان على العاطفة والغريزة والحاجات المادية ويضعانها في النطاق الفردي والشخصي وممتنعا" عن السير في القطيع الاجتماعي الطائفي والعشائري والحزبي والشعبي وعن التبعية والولاء له ورافضا"تدخل الآخرين في أموره وأسراره الشخصية والفكرية والمهنية وإزعاجه ومضايقته بسببها أو مزاحمته عليها أو محاولة حرمانه من حقوقه الطبيعية والمكتسبة والإضرار بمصلحته والتعدي على حدوده. ويرفض المظاهر السطحية والشعبية المتعلقة بالمذاهب والطوائف الدينية والأحزاب والإنتخابات والسياسة الآنية وبعض العادات  المتعلقة بالزواج والإرتباط والولادة والعزاء، التي تجعل العقل والعاطفة والغريزة والحاجات المادية والحقوق أمورا"جماعية لاشخصية وفردية وكذلك المظاهر المتعلقة بلعبة كرة القدم و"المونديال".
 الإقتصاد لغويا"هو التوسط بين التبذير والإسراف من جهة والتقتير من جهة أخرى وهو علم إدارة موارد محدودة لإشباع حاجات غير محدودة، وبجملة أوسع وأعم هو كيفية الحصول على الموارد وإدارتها وتنويعها وتطويرها لإشباع حاجات مختلفة. فالإقتصاد يرتبط بالسياسة العامة والإدارة ولكن السياسة الآنية أو الضيقة والإنتخابات ومسرحيات الخلافات والتحالفات وكذلك الإدارة السيئة تحرف الإقتصاد عن مساره الذي يهدف إلى تأمين الموارد والإكتفاء الذاتي وتحسين العيش وتطويره والتنمية. فالسياسة الآنية الضيقة والإدارة السيئة أدتا إلى تراكم الدين العام في لبنان وانخفاض احتياط المصرف المركزي بالعملة الصعبة إلى حوالي 10مليارات دولار أميركي بسبب التحويلات المالية المتسارعة و غير المضبوطة والهدر والعجز في الميزان التجاري. وأدتا أيضا"إلى التضخم النقدي وارتفاع الأسعار وانخفاض القدرة الشرائية لذي الدخل المحدود والمتدني بسبب ارتفاع سعر الدولار الأميركي إلى أكثر من 1000 في المئة وانخفاض قيمة الليرة اللبنانية بنسبة 95 %وزيادة التفاوت بمستوى الدخل والمعيشة بين الأفراد وتقلص الفئة المتوسطة بنسبة كبيرة جداً وتراجع فرص العمل مع استمرار غياب العدالة والتوازن في هذا المجال. وتهمل السياسة والإدارة السيئتان القطاعات الإنتاجية والمشاريع الإستثمارية الإنمائية ذات الجدوى الاقتصادية فيما تشجع الإعتماد على تخزين الودائع في المصارف والفوائد عليها وتقدر نسبة الودائع إلى الناتج المحلي 300 %والقروض الإستهلاكية والعقارية والإستيراد. وهذا الأمر يوجد بنية ضعيفة وغير مستقرة للإقتصاد المحلي والعملة المحلية التي تتأثر وترتبط بسوق التبادل المالي والتجاري بالعملة الصعبة فتنخفض قيمتها إذا قلت كمية المعروض من العملة الصعبة بسبب التحويلات إلى الخارج والعجز في الميزان التجاري والتهريب والتخزين والإحتكار وعمليات شراء العملة الصعبة وبيعها بالعملة المحلية من قبل المصرف المركزي والمضاربة. ورغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على الأزمة المالية والنقدية والإقتصادية والإنمائية الأخيرة لاتزال المعالجات جزئية وترقيعية وغير متوازنة مثل: اعتماد الدولار الجمركي 15,000 ل. ل. سعرا"رسميا" مع بقاء سعر صيرفة وسعر السوق الموازي لايوحًد سعر الدولار ولايثبته. وزيادة الرواتب والأجور في القطاعين ليست كافية وشاملة وعادلة ولاتتناسب مع مستوى غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار التعرفة الجديدة للإتصالات والكهرباء وبعض الخدمات التابعة للدولة لا تراعي ذا الدخل المحدود والمنخفض وليست عادلة وهي على أساس سعر صيرفة وبعضها على أساس سعر السوق الموازي وليست على أساس الدولار الجمركي الأقل ارتفاعاً. ولم تسهم هذه التعرفة في تحسين أداء الإتصالات وزيادة ساعات التغذية بالكهرباء التي تخضع لسياسة التقشف التي يتبعها مصرف لبنان بحجة انخفاض احتياط العملة الصعبة في محفظته وهو يتحمل جزءا"كبيرا"من المسؤولية عن هذا الإنخفاض فيقتر على قطاع الكهرباء بالأموال اللازمة لشراء الفيول والغاز أويل لتشغيل محطات إنتاج الكهرباء في مختلف المناطق وزيادة ساعات التغذية بالتيار الكهربائي إلى 8 أو 10ساعات باليوم؟! والهيركات (Hair Cut) ومشروع الكابيتال كونترول لم يستردا الأموال المهربة والمفقودة.وبين هذا وذاك يذهب َمعظم الإهتمام والجهد إلى موضوعات السياسة الآنية أو الضيقة والإنتخابات ومسرحيات الخلافات والتحالفات والجدل!!! 

تتمة رؤية شاملة تجاه الدين والسياسة والمجتمع والإقتصاد والإعلام :
ينظر النخبوي المستقل إلى الإعلام والصحافة ووسائل الآتصال والتواصل الرقمي (Digital) نظرته إلى الدين والسياسة والمجتمع والإقتصاد والفن. فالإعلام في نظره وإن كان متخصصا”بهذا المجال ويعمل فيه، ليس نقل المعلومات والأخبار والتعليقات والآراء حولها فحسب بل هو أوسع من ذلك وأشمل.فهو ذات وظائف وادوار تتعدى الوظيفة الإخبارية والدعائية لتشمل التثقيف والإرشاد وتشجيع التنمية والتسلية والترفيه الراقيين. وتقتضي هذه الوظائف والأدوار أن لايقتصر معظم محتوى وسائل الإعلام والتواصل وخاصة المحلية على نقل وتسويق للسياسة الآنية أو الضيقة والإنتخابات ومسرحيات الخلافات والتحالفات والبرامج السطحية والشعبوية. ولكن معظم وسائل الإعلام والتواصل في لبنان ليست ذات اتجاه نخبوي مستقل بل ذات اتجاه إيديولوجي وعاطفي ومسيًس وحزبي وطائفي وشعبوي وسطحي بسبب الملكية والتمويل وهدف تحقيق الأرباح ومايطلبه الجمهور وكسب الشعبية وبسبب النظام الديموقراطي الإنتخابي الطائفي الحزبي الذي قضى بتوزيع محطات البث التلفزيوني والإذاعي من الفئة السياسية على من يسمون “زعماء طوائف” وأحزاب. ويجب على وسائل الإعلام أن تركز على جوهر الدين لا على الجانب المتعلق بالولاء لأشخاص وتقديسهم ولا المذهبية والطائفية وربط المذاهب الدينية بالسياسة الآنية والمناصب والأحزاب والإنتخابات ومسرحيات التحالفات والصراع والحروب وكذلك يجب أن تركز على البرامج العلمية والثقافية والإرشادية والفنون الراقية. 
هذه الرؤية الشاملة تجاه الدين والسياسة والمجتمع والإقتصاد والإعلام والفن لا تعجب الكثير من الناس لأنها تعاكس واقع هذه الأمور فيما هم يتماشون مع هذا الواقع لأجل مصالحهم ونيل الحظوة المادية والمعنوية،لذلك يواجه النخبوي المستقل بسبب هذه الرؤية والسلوك المرتبط بها صعوبات وتحديات وصراعا”ضد الذين يحاولون تهميشه ومضايقته وإزعاجه و” التشبيح “عليه والإنتقاص من قيمته وحقوقه والتعدي على حدوده، وخاصة الجهال والسطحيين والإمَعة والشرسين والوقحين والإنتهازيين. وما الأزمة الحالية في لبنان إلا نتيجة الواقع المضاد لرؤية النخبوي المستقل الشاملة التي تقوم بالدرجة الأولى، على التفكير العقلي الفردي والإرادة الفردية ووضع العاطفة والغريزة والحاجات المادية والحقوق الطبيعية في النطاق الفردي والشخصي تحت إشرافهما. و هذا ما يعاكس حالة القطيع الإجتماعي الطائفي والعشائري والحزبي والشعبي. 
أسامة إسماعيل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى