المقالات

المرصبان … صناعة لبنانية فريدة تعبق بالحداثة والتراث

لا يكاد يبدأ فصل الربيع حتى تتفتح أزهار اللوز المنتشر في لبنان , وكما هو معروف يحتوي اللوز على قيمة غذائية عالية وله فوائد كثيرة ، يدخل الزيت المستخرج من اللوز الحلو في صناعات تجميلية وصيدلانية ، حيث أنّه يُسرع في شفاء الأمراض الجلدية والحروق السطحية ، ويُسهم تناول ثمرته في تخفيض نسبة الكوليسترول في الدم ؛ إضافةً إلى استخدامه في المعاجين العطرية والروائح والحلويات والسكاكر .
الجميل باللوز أنّه يؤكل في جميع حالاته ، فهو يؤكل عند بداية نضجه في موسم الربيع طازجاً مع قشرته الخضراء الغنية  بالسيليلوز ، ويؤكل اللّب قبل وبعد أن تصبح  قشرته الخارجية خشبية وقاسية بعد مرور حوالي الشهر على قطافه . ولا يُكتفى بأكل اللوز كحباتٍ فقط إنما يدخل في صناعة الحلويات لا سيما المرصبان، ويؤكل كمكسرات بعد تمليحه وتحميصه, كما أنه يُشكّل زينةً وطعماً عند إضافته إلى المأكولات والمحاشي .
يصل ارتفاع شجرة اللوز إلى 12 متراً، ولها أفرع ذات لون بني إلى مُحمر ، في حين أنّ أوراقها بسيطة متطاولة وحافتها ملساء، والأزهار تتوزع في جميع أجزاء النبات وتظهر الأزهار قبل الأوراق في بداية فصل الربيع. تُزرع شجرة اللّوزعلى نطاق واسع في البلدان المتاخمة للبحر الأبيض المتوسط ، خاصة في بلاد الشام ولبنان .وفي بداية القرن العشرين، إستبدل الفلاح الزوقي أنصاب التوت بأنصاب اللوز، فإشتهرت البلدة بلوزها “الحلواني” الطيب المذاق. وإستفادت المرأة الزوقية من ثمار هذه الشجرة لتصنع الحلوى المعروف بالمرصبان أو المرزبان وكلمة مرصبان ليست بالكلمة العربية بل هي فارسية، ويعني معناها ” الرئيس أو الأول “، وقد وصلت الى لبنان عن طريق حلب ومن الشرق أخذها الأوروبيون الى اليونان ومنها الى باقي أنحاء أوروبا في القرن الخامس قبل الميلاد.
تشتهر العديد من المناطق في لبنان بصناعة المرصبان وتتفن به ولا سيّما مدينة جونية وبلدية زوق مكايل المشهورة جداً بصناعة المربصان أو” معجون اللوز”، وهو نوع من أنواع الحلويات السكريّة ، المصنوع من اللوز المطحون والسكر وماء الورد والزهر وبعض الملونات الأخرى ، يوضع الخليط في مطحنة المزودة بشفرة معدنية حادة وبعدها الإنتهاء من طحنه يضاف اليه قطر السكر الكثيف . طوّر الزوقيون في طريقة صناعة المرصبان عبر تمريره في فرن قرميدي أو دون ذلك فيبقى طرياً .
تعتبر صناعته سر لصانعها فتراه يمتنع عن إعطاء مقادير خلطة تحضيرها محتفظاً بها لنفسه أو لبعض أفراد عائلته حتى كادت صناعته تختفي عند إنتقالها من جيل الى آخر ولكن بفضل جهود بلدية زوق مكايل و إتحاد بلديات كسروان والفتوح ، أصبح الاهتمام به سنوي عبر مهرجان ” اللوز المرصبان ” الذي يُشكل مؤخراً إحدى المحطات والأنشطة الربيعية التي تقوم فيها البلدية بالتعاون مع العديد من مؤسسات المجتمع المدني المحلي والعالمي ومع أهالي المنطقة حيث يتضمن عروضاً ملونة لأشكال متنوعة من المربصان على شكل بعض الورود والفواكه أو على شكل بعض الطيور الصغيرة أو كتلبيسة للكيك والكاتو،  تتناسب مع كل المناسبات تمتزج فيها الدقة والابداع مع الطعم والمذاق .

المهندسة مروه عمر الحزوري
جريدة الوفاق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

iPublish Development - Top Development Company in Lebanon
زر الذهاب إلى الأعلى